الشّيخ المفيد قدّس سرّه ..
".." بشَّرَ [اللهُ تعالى] آدمَ عليه السلام بتأهيلِه نبيَّه عليه وآله السّلامُ لِما أهَّلَه له، وتأهيلِ أميرِ المؤمنين والحسنِ والحسينِ عليهم السلام لِما أهَّلَهم له، وفرضَ عليه تعظيمَهم وإجلالَهم، كما بَشَّرَ به في الكُتُبِ الأولى من بعثِه لنبيِّنا صلّى الله عليه وآله، فقالَ في -محكَم كتابِه- :﴿..النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الأعراف:157.
وقولُه تعالى مخبراً عن المسيحِ عليه السلام: ﴿.. وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ..﴾ الصّف:6.
وقولُه سبحانه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ..﴾ آل عمران:81، يعني رسولَ الله صلّى الله عليه وآله.
فحَصلتِ البشائرُ به من الأنبياءِ أجمعِهم قبلَ إخراجِه إلى العالَم بالوجود، وإنّما أرادَ جلَّ اسمُه بذلك إجلالَه وإعظامَه، وأنْ يأخذَ العهدَ له على الأنبياءِ والأُمَمِ كلِّها، فلذلك أظهرَ لآدمَ عليه السلام صورةَ شَخْصِه وأشخاصِ أهلِ بيتِه عليهم السلام، وأثبتَ أسماءَهم له لِيُخبرَه بعاقبتِهم، ويُبيِّنَ له عن محلِّهِم عندَه ومَنزلتِهم لديه.
ولم يكونوا في تلك الحالِ أحياءَ ناطقين، ولا أرواحاً مُكَلَّفين، وإنّما كانت أشباحُهم دالَّةً عليهم حسبَ ما ذكَرناه.
وقد بَشَّرَ اللهُ عزَّ وجلَّ بالنّبيِّ والأئمّة عليهم السلام في الكُتُب الأولى، فقالَ في بعضِ كُتُبِه التي أنزلَها على أنبيائه عليهم السلام، وأهلُ الكُتُب يَقرأونه، واليهودُ والنّصارى يَعرفونه: أنّه ناجى إبراهيمَ الخليلَ عليه السلام في مناجاتِه: «أنّي قد عظَّمتُكَ وباركتُ عليكَ وعلى إسماعيل، وجعلتُ منه اثنَي عشرَ عظيماً وكثّرتُهم جدّاً جدّاً، وجعلتُ منهم شعباً عظيماً لأُمّةٍ عظيمة». وأشباهُ ذلك كثيرٌ في كُتُب اللهِ تعالى الأولى.
* وحولَ أوّلِ إخبارٍ من الله تعالى للنبيِّ آدم عليه السلام بهذا التّأهيلِ للنّبيِّ صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام، لهذه المسؤوليّات الجِسام، أوردَ الشّيخُ المفيد تحتَ عنوان: «المسألة الثانية» خلاصةَ تحقيقِه في روايات «الأشباح» و«عالَم الذَّرّ» و«الأرواح»، ودراسة أسانيدِها ونصوصِها، للتّمييز بينَ الحقِّ منها، وبينَ ما خَلّطَ به الجَهلةُ الحَشويّون، وبيان الرّأي الفصلِ في مسألةِ خَلْقِ الله تعالى لرسولِه الأكرم وأهلِ بيتِه عليهم السلام قبلَ الخلقِ بألفَي عام.
قالَ الشيخُ المفيد:
المسألة الثانية: في الأشباحِ والذَّرِّ والأرواح
ما قولُه -أدامَ اللهُ تأييدَه- في معنى الأخبارِ المَرويّةِ عن الأئمّةِ الهادية عليهم السلام في الأشباح، وخَلْقِ اللهِ تعالى الأرواحَ قبلَ خَلْقِه آدمَ عليه السلام بألفَي عام، وإخراجِ الذّريّةِ من صُلبِه على صوَر الذّرِّ؟
ومعنى قولِ رسول الله صلّى الله عليه وآله: «الأرواحُ جنودٌ مُجَنّدة، فما تعارفَ منها ائتَلف، وما تناكَرَ منها اختلَف»؟
الجواب: وباللهِ التّوفيق، إنّ الأخبارَ بِذِكْرِ الأشباحِ تختلفُ ألفاظُها، وتَتباينُ مَعانيها، وقد بَنَتِ الغلاةُ عليها أباطيلَ كثيرة، وصنّفوا فيها كُتُباً لَغَوْا فيها وهَذَوا في ما أثبَتوه منه في معانيها، وأضافوا ما حَوَتْه الكُتب إلى جماعةٍ من شيوخِ أهلِ الحقّ، وتخرَّصوا الباطلَ بإضافتِها إليهم، من جملتِها كتابٌ سمّوه: (كتابَ الأشباحِ والأَظِلّة)، ونسبوا تأليفَه إلى محمّدِ بنِ سنان.
ولَسنا نعلمُ صحّةَ ما ذكروه في هذا الباب عنه، فإنْ كانَ صحيحاً فإنّ ابنَ سنان قد طُعِنَ عليه، وهو متَّهمٌ بالغُلوّ.
فإنْ صدَقوا في إضافةِ هذا الكتابِ إليه فهو ضالٌّ بضلالِه عن الحقّ، وإنْ كذَبوا فقد تحمّلوا أوزارَ ذلك.
والصّحيحُ من حديثِ الأشباحِ الرّوايةُ التي جاءَت عن الثّقات:
بأنّ آدمَ عليه السلام رأى على العرشِ أشباحاً يلمعُ نورُها، فسألَ اللهَ تعالى عنها، فَأَوحى (اللهُ تعالى) إليه: «أنّها أشباحُ رسولِ الله وأميرِ المؤمنين وفاطمةَ والحسنِ والحسينِ صلواتُ الله عليهم»، وأعلَمَه أنْ لولا الأشباحُ التي رآها ما خَلَقَه ولا خَلَقَ سماءً ولا أرضاً.
والوجهُ في ما أظهرَه اللهُ تعالى من الأشباحِ والصّوَر لآدمَ عليه السلام أنْ دَلَّه على تَعظيمِهم وتَبجيلِهم، وجعلَ ذلك إجلالاً لهم ومقدّمةً لما يفترضُه من طاعتِهم، ودليلاً على أنّ مصالحَ الدِّين والدّنيا لا تَتِمُّ إلّا بهم.
ولم يكونوا في تلك الحال صوَراً مُحْياةً، ولا أرواحاً ناطقة، لكنّها كانت صوَراً على مثلِ صوَرِهم في البشريّة تدلُّ على ما يكونون عليه في المستقبلِ من الهَيئة. والنّورُ الذي جعلَه عليهم يدلُّ على نورِ الدِّينِ بهم، وضياءِ الحقِّ بِحُجَجِهم.
وقد رُوِيَ أنَّ أسماءَهم كانتْ مكتوبةً إذْ ذاكَ على العرش.
وأنّ آدمَ عليه السلام لمّا تابَ إلى الله عزّ وجلّ، وناجاه بقبولِ توبتِه سألَه بحقِّهم عليه ومحلِّهم عندَه، فأجابَه.
وهذا غيرُ مُنْكَرٍ في العقول ولا مضادّ للشَّرعِ المعقول، وقد رَواه الصّالحون الثّقاتُ المأمونون، وسَلَّمَ لروايتِه طائفةُ الحقّ، ولا طريقَ إلى إنكارِه، واللهُ وليُّ التّوفيق.
(الشيخ المفيد، المسائل السّرويّة: ص 40)
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ علي رضا بناهيان
الفيض الكاشاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ مرتضى الباشا
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (1)
انتظار المخلّص بين الحقيقة والخرافة
تلازم بين المشروبات المحلّاة صناعيًّا أو بالسّكّر وبين خطر الإصابة بمرض الكلى المزمن
أسرار الحبّ للشّومري في برّ سنابس
الميثاق الأخلاقي للأسرة، محاضرة لآل إبراهيم في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
الشيخ عبد الكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (9)
البسملة
لماذا لا يقبل الله الأعمال إلا بالولاية؟
أشدّ النّاس خسرانًا
كن أنت!