الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
إنّنا نعتقد أنّ من بين صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شخصيات كبيرة مضحّية أشار القرآن إلى فضائلهم الكثيرة، وتطرقت الروايات إلى مناقبهم، لكن هذا لا يعني أنّ جميع الصحابة هم في عداد المعصومين عن الزلل، ولا يعني أن نعتبر أعمالهم صحيحة دون استثناء؛ لأن القرآن يتحدث في الكثير من آياته (في سورة البراءة والنور والمنافقين) عن المنافقين الذين كانوا ضمن صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث ذمّتهم الآيات القرآنية أشد الذم رغم أنهم كانوا – في ظاهر الأمر- من الصحابة. وكان من بين الصحابة أيضاً من أشعل فتيل الحرب بين المسلمين بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونكثوا البيعة مع الخليفة، وأراقوا دماء عشرات الآلاف من المسلمين؛ فهل يحق لنا أن ننزّه هؤلاء الأشخاص ونزكّيهم ؟.
وبعبارة ثانية: كيف نستطيع أن نحكم بصلاح طرفي النزاع (في معركتي الجمل وصفين مثلاً)؟ ففي ذلك تناقض لا يمكننا القبول به؛ ومَن يسوّغ هذا الأمر بالاستناد إلى موضوع الاجتهاد، ويقول أن أحد الطرفين كان إلى حقّ والثاني على باطل، لكنّه عمل باجتهاده فأعذر عند الله وأثيب، فهذا استدلال لا يمكن القبول به أيضاً.
فكيف يمكن لأحد أن ينقض البيعة مع خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحجة الاجتهاد، ثمّ يعمد إلى إشعال فتيل الحرب وإراقة دماء الأبرياء بحجة الاجتهاد أيضاً؟، وإذا أصبح بالإمكان تبرير عملية سفك الدماء بالاجتهاد، أمكن عندئذ تبرير كل عمل بالاجتهاد.
وبصراحة نقول: أنّنا نعتقد أنّ كلّ إنسان – وإن كان صحابياً – رهين بعمله ويصدق عليه الأصل القرآني: )إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات/ 13]؛ وعليه لا بدّ أن نحدد وضع الصحابة من خلال أفعالهم، لنصل إلى حكم منطقي ينطبق عليهم جميعاً، فمن كان صحابياً مخلصاً على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واستمر على هذا المنهج في حفظ الإسلام والوفاء بالعهد مع القرآن بعد النبي، وقّرناه واعتبرناه من الصالحين.
ومن كان منافقاً على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقام بأفعال تؤذيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو غيّر مساره بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بما فيه ضرر بالإسلام والمسلمين، فإنّنا لا نكنّ له أي نوع من أنواع الودّ؛ قال تعالى: )لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان} [المجادلة/ 22].
أجل، أننا نعتبر أولئك الذين حادّوا الرسول في حياته أو بعد مماته لا يستحقّون أي ثناء وتوقير.
ولكن يجب أن لا ننسى هنا أنّ جمعاً من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلوا ما في وسعهم من أجل نشر الدين الإسلامي، فأثنى عليهم الله تبارك وتعالى وأنزل فيهم مديحاً يستحقّه أيضاً التابعون الذين ساروا على نهج الصحابة الصالحين، كما يستحقّه كلّ من يسير على هذا النهج إلى يوم القيامة: )والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه} [التوبة/ 100].
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان