الدكتور الشيخ أحمد الوائلي ..
1- النصوص التاريخية على وصف جماعة بالتشيع أيام النبي (ص) وقد مرت الإشارة لذلك، ولهذا يقول الحسن بن موسى النوبختي عند تحديده للشيعة: فالشيعة فرقة علي بن أبي طالب المسمون بشيعة علي في زمن النبي - ثم عدد جماعة منهم وقال: - وهم أول من سمي باسم التشيع لأن اسم التشيع كان قديما لشيعة إبراهيم 1.
2- ما عليه جمهور الباحثين والمؤرخين الذين ذهبوا إلى أن التشيع ظهر يوم السقيفة فإن ذلك ينهض دليلا على وجوده أيام النبي (ص) لأنه من غير المعقول أن يتبلور التشيع بأسبوع واحد - أي المدة بين وجود الرسول ووفاته بحيث يتخذ جماعة من الناس مواقف معينة ويتضح لهم اتجاه له ميزاته وخواصه فإن مثل هذه الآراء تحتاج في تكوينها وتبلورها إلى وقت ليس بالقليل وكل من له إلمام بحوادث السقيفة وموقف الممتنعين عن بيعة أبي بكر وحجاجهم في ذلك الموضوع يجزم بأن تلك المواقف لم تتكون بوقت قصير وبسرعة كهذه السرعة وذلك لوجود اتجاهات متبلورة وتأصل في طرح نظريات معينة.
3- إن من غير المعقول أن ترد على لسان النبي (ص) أحاديث في تفضيل الإمام علي (ع) والإشارة إلى مؤهلاته ثم يقف المسلمون من ذلك موقف غير المبالي وهم من هم في إيمانهم وطاعتهم للرسول (ع) ولا سيما والمواقف في ذلك قد تعددت وسأذكر لك منها.
الموقف الأول
عندما نزل قوله تعالى:﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 2 قال المؤرخون: إن النبي (ص) دعا عليا (ع) وأمره أن يصنع طعاما ويدعو آل عبد المطلب وعددهم يومئذ أربعون رجلا وبعد أن أكلوا وشربوا من لبن أعد لهم قام النبي (ص) وقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأحجم القول عنها جميعا - يقول علي - وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع 3.
الموقف الثاني
يقول أبو رافع القبطي مولى رسول الله (ص): دخلت على النبي وهو يوحى إليه فرأيت حية فنمت بينها وبين النبي لئلا يصل إليه أذى منها حتى انتهى عنه الوحي فأمرني بقتلها وسمعته يقول: الحمد لله الذي أكمل لعلي منته وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه.. وبعد أن قرأ قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ 4
وقد أجمع أعلام أهل السنة والشيعة على نزول هذه الآية في علي (ع) ومنهم السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية المذكورة وكذلك الرازي في مفاتيح الغيب والبيضاوي في تفسير والزمخشري في الكشاف والثعلبي في تفسيره والطبرسي في مجمع البيان وغيرهم من أعلام المفسرين والمحدثين.
ومن الغريب أن يقف الآلوسي في تفسيره روح المعاني موقفا يمثل الإسفاف والركة في دفع هذه الآية عن علي (ع) ويريك كيف يهبط التعصب بالإنسان إلى درك مقيت وإلى تهافت غير معهود.
وإن المرء ليستغرب من هذا الرجل فإن له مواقف متناقضة من علي (ع) فتارة يعطيه حقه وأخرى يقف منه موقفا متشنجا وبوسع كل من قرأ الآلوسي في مؤلفاته أن يرى هذه الظاهرة.
الموقف الثالث
موقف النبي (ص) يوم غدير خم وذلك عند نزول الآية:﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ... ﴾ 5 . وعندها أوقف النبي (ص) الركب وصنعوا له منبرا من أحداج الإبل خطب عليه خطبته المعروفة ثم أخذ بيد علي وقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى، فكررها ثلاثا ثم قال: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله " فلقيه الخليفة الثاني فقال: هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وقد ذكر الرازي في سبب نزول الآية عشرة وجوه ومنها أنها نزلت في علي (ع) ثم عقب بعد ذلك بقوله: وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي - يريد الباقر - 6 إن حديث الغدير أخرجه جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر في صواعقه عن ثلاثين صحابيا ونص على أن طرقه صحيحة وبعضها حسن7.
وأورده ابن حمزة الحنفي مخرجا له عن أبي الطفيل عامر بن واثلة بهذه الصورة. قال: إن أسامة بن زيد قال لعلي: لست مولاي إنما مولاي رسول الله (ص) فقال النبي (ص): كأني قد دعيت فأجبت إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه 8.
وقد ألف في موضوع الغدير من السنة والشيعة ست وعشرون مؤلفا9 ولا أريد التحدث بصراحة حديث الغدير في أولوية الإمام علي (ع) وتقديمه على كافة الصحابة فإن الأمر قد أشبع من قبل الباحثين .إن هذه مجرد أمثلة من مواقف النبي (ص) في التنويه بفضل علي (ع) ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها دون أن تشد الناس لعلي ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإنسان الذي هو وصي النبي، الذي يشركه القرآن بالولاية العامة مع الله تعالى ورسوله (ص) ثم لا بد للمسلمين من إطاعة هذه الأوامر التي وردت بالنصوص والالتفات حول من وردت فيه ذلك هو معنى التشيع الذي نقول: إن النبي (ص) هو الذي بذر بذرته وقد أينعت في حياته وعرف جماعة بالتشيع لعلي والالتفات حوله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الفرق والمقالات للنوبختي باب تعريف الشيعة.
2. القران الكريم: سورة الشعراء (26)، الآية: 214، الصفحة: 376.
3. تاريخ الطبري ج 2 ص 216، وتاريخ ابن الأثير ج 2 ص 28.
4. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 55، الصفحة: 117.
5. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 67، الصفحة: 119.
6. تفسير الرازي ج 3 ص 431.
7. الصواعق المحرقة الباب الثاني من الفصل التاسع.
8. البيان والتعريف ج 2 ص 136.
9. أعيان الشيعة ج 3 باب الغدير.
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
الشيخ علي الجشي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (1)
نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته
الأسرة الدافئة (1)
جنة عدن
القرآن كتاب كامل ودائم ومستقلّ في دلالته
الولادة الميمونة لفاطمة (عليها السلام)
السيّدة الزّهراء: تحفة سماويّة الملامح
تطوّر اللّغة واضطراباتها، جديد المترجم عدنان الحاجي
القرآن وخلق العالم
مفهوم العبادة وحدّها