لقاءات

آمنة كعيو: الخط العربي تاريخنا الأصيل الذي لن يندثر


ربى حسين ..

تعلمت الخط العربي بالفطرة ومتابعة من هم أكبر منها في العائلة لمعرفة كيفية مسك القلم الصحيحة، وكان للتلفزيون دور كبير في حياتها خاصّة في حقبة الثمانينيات وتحديدًا برنامج افتح يا سمسم وبرنامج يوم الخميس في محطة تلفزيون الكويت وبرنامج الرسام الصغير. هكذا بدأت قصة ضيفتنا آمنة كعيو-فنانة التّشكيليّة من المنطقة الشّرقيّة ومدرّبة معتمدة لدى العديد من الأكاديميّات الفنية- منذ صغرها لتكون مصداقًا لقول: التّعلّم في الصّغر كالنّقش في الحجر.


وانطلق الحديث حول بداياتها مع اكتشافها لميلها نحو الرسم والخط والفنون التّشكيليّة.
_ كنت استوقف كثيرًا عندما أرى لوحات خطيه لآيات قرآنية حتى لوحات الإعلانات أتأملها وأرسمها في ذاكرتي، ومن ثم كنت أتدرب عليها بنفسي حتى أتمكن من كتابتها. وبعد ذلك انتقلت إلى مرحلة جدًّا جميلة في حياتي مارستها بكل حب أن أعمل وسائل الإيضاح في المدرسة لي وللجيران والصديقات من أجل تزيين المدرسة بها وتقاضيت وقتها ثمنًا لذلك وكان العمل بالنسبة لي سعادة لا توصف.


وبعد انقطاعك لفترة بسبب انشغالك بالدراسة والعمل وتربية الأطفال كيف استطعت مجاراة العصر؟
_ رجعت بفترة ذهبية جدًّا وهي برامج  التكنلوجيا أمثال اليوتيوب، فمن خلاله كنت أحضر دروس الخط، إضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك والإنستجرام وسناب شات) فأنا أتابع الخطاطين وأستفيد من الإلمام بالقواعد الخطية وأتدرب عليها.


_ وكيف بدأت مشروعك بفكرة جديدة في الوسط المحلي؟
 جاءت الفكرة لأني أريد أن أخرج عن النمطية المتبعة في إخراج أعمالي الفنية ولوحاتي، فخضت مجالات كثيره وتمكنت منها، ورسمت لنفسي صورة يعرفني بها الجميع، وأحببت أن أظهر الحرف العربي بطريقة مختلفة عما كانت عليه في السابق. وبما أني أميل وتستهويني الأعمال الحرفية التي بها دقة في العمل، توجهت إلى استخدام الخامات في تشكيله، فبدأت باستخدام السيراميك ونجحت فيها، ومن بعدها اتجهت لاستخدام الحفر على الرخام والخشب والزجاج وكذلك السيراميك والمسامير والكرستال من أجل إظهاره، وكان له ظهور قوي في أعمالي، وبدأت أرتاح وأطمئن على جودة أعمالي وموقعها في الحركة الفنية التشكيلية.


 ومن ثمّ تطرّقنا إلى فكرة إدخال الحرف العربي على أعمالها وهذا قلّما نراه، فكان قولها:
_ أنا على ارتباط وثيق مع الحرف العربي لأنه يمثل هويتي العربية والإسلامية وتاريخنا كمسلمين من بداية الرسول حيث كتب لنا القرآن في الحجر، ولدي شغف بالفن الإسلامي والزخرفة والخط والحروف العربية بالذات تستهويني.  كما أنه يحتل جزءًا كبيرًا من شخصيتي وكينونتي الذاتيه ويمدني بالقوة ولا بد أن تكون هناك مساحة مخصصة للحرف أو الزخرفة الإسلامية على حد سواء وأحيانا لوحة بأكملها تكون ذات شقين؛ مزيج بين خط وزخرفة إسلامية.  


وفي هذا السّياق كانت لضيفتنا الفنانة وقفة مع أبيات شعر جميلة عن الخط الّذي لا يندثر ويظل صاحبها حيٍّا إلى الأبد:
الخـط يبقى زمـــــانــاً بعد كاتبه
وكاتب الخط تحت الأرض مدفون
والذكر يبقى زمانًا بعد صـــــانعه
وخالد الذكر بالإحسان مـــــقرون


 أمّا عن مدى طواعيه الحرف ضمن أعمالها الفنيه فتقول:
_ كما أسلفت سابقًا، الخط العربي بالنسبة لي هو الحياة والمتنفس الذي يأسرني به لذلك لا أهدأ إلا حينما ابتكر أو أطوعه في أعمالي مهما كانت الأشياء التي أستخدمها صعبة أو خطرة جدًّا.
 قد كانت بداياتي في الحفر على الرخام واستخدمت بها موادّ خطرة كالأحماض وآلات الحفر التي تساعد على إظهار لوحة تسر الناظرين. ثم اتجهت بعدها إلى الحفر على الخشب واستخدام المسامير وأيضًا السيراميك. والآن لدي أعمال جديدة بتقنيات مغايرة لما استخدمته في السابق وقريبًا سترى النور لن أفصح عنها لأني أنتظر ردة فعل المتلقي والجمهور.   


كيف وجدت إقبال الفتيات خاصة على تعلّم هذه الحرفة؟
_ هناك إقبال وتوجه لتعلّم الخط وشغف عال للتعلم على عكس السابق. وبناء على ذلك كثير من المراسم تقيم دورات لتعلم قواعد الخط ويستقطبون الخطاطين  من أجل ذلك.
 وأضافت: أنا بصدد إنشاء ذلك في القريب العاجل لاسيما أني مؤخرًا حصلت على مؤهلاتٍ علمية من جامعات عالمية مرموقة سواء في المملكة أو في الخارج، سعيت من أجل الحصول عليها كي تؤهلني للتدريب الفني وتنمية المورد البشري على حد سواء. الخط العربي في هذه الأيام في أوجه، حيث إن الفتيات أصبحن ينافسن الرجال وحصدن مراكز متقدمة أيضًا على عكس السابق لم نكن نراهن.
وأتمنى أن تستمر الحركة الفنية في نشاط مستمر، لأنه بوجود هذا الحراك الفني نحن أيضًا نزدهر ونرتقي.  


يرى البعض أنّ الحرف العربي مهدّد في ظل الغزو الثّقافي الغربي، فما هو دورك كفنانة تشكيلية في مسألة إعادة إحيائه؟
_ نحن اليوم جميعًا نساعد على إحياء الخط العربي والزخرفة الإسلامية لأنها تاريخنا الأصيل الذي يجب ألّا يندثر كما، أننا نحمل أنفسنا واجب نشرها. وأنا سأستمر في البحث والسعي في التعلم والتطور حتى لو كلفني ذلك مالًا وجهدًا ووقتًا. فالإنسان لا يولد عالـمًا وإنما متعلمًا عليه التوكل ومن ثم الإنجاز، والعلم بحر لا ينشف أبدًا وإنما يومًا عن يوم يزداد ماء.   


أما الرّسالة الّتي ختمت حديثها بها:
"أوجه جيل الشباب أن يؤمن بقدراته وإمكانياته، متسلحًا بالثقة والإيمان واستمرار البحث عن أماكن تطور الملكات الفنية والقدرات الذاتيه لديه من أجل تطويرها لأنها سوف تساعدهم على تهذيب الذات والرقي بها قدمًا لمجتمع سليم، وعلينا نحن أيضًا كأباء وأمهات مساعدتهم والارتقاء بهم من أجل الوصول إلى الهدف المنشود الذي نسعى إليه".
تجدر الإشارة إلى أنّ الفنانة آمنة كعيو مدربة معتمدة من الأكاديمية الدولية للمدربين العرب، مدربة معتمدة من الأكاديمية البريطانية في الفنون التشكيلية، مدربة معتمدة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومدربة معتمدة من جامعة استانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية في الموارد البشرية.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد