لقاءات

جهاد جارود: التجديد والجودة من مقدّمات اختيار الشعار الحسيني

 

نسرين نجم .. 

تعددت الفنون التي تحاكي واقعة الطف وتطورت لخدمة الثقافة الحسينية، ولنشر مبادئها وقيمها الإنسانية الراقية سيما عند الأجيال الناشئة، وأتى فن التصميم الذي هو إحدى فروع الفنون التشكيلية ليقدم تصاميم تجسد شعارات عاشوراء بطريقة فنية جمالية آخاذة، وفي الآونة الأخيرة ازداد الاهتمام بهذا الفن التشكيلي الهادف الرسالي، وهو نوع من التربية الفنية الدينية التي تعزز حس الذائقة عند الناس. عن التصاميم العاشورائية بشكل خاص والدينية بشكل عام كان لنا هذا الحوار مع المصمم الفنان جهاد جارود:


* أهمية الشعار الحسيني كانعاكاس ثقافي إنساني:
بدأ المصمم جهاد جارود مشواره ب"فكرة بسيطة؛ وهي تلوين الحروف، كانت بداياتي الأولى مع برنامج الكتابة المعروف مايكروسوفت وورد، حيث كنت أختار حرفًا أو أي رمز أو رقم، وأقوم بتكراره لصناعة خلفية من هذا الرمز بحجم صغير لعدة سطور متقاربة ومرصوصة مع بعض لتكوين هذه الخلفية، ثم بعد ذلك أقوم بصناعة الرسم على هذه الحروف من خلال تلوين الحروف، أحببت الرسم بهذه الطريقة، واندفعت لتطوير هذه الرسومات من خلال التعامل مع بعض البرامج البسيطة لإضافة بعض المؤثرات المتواضعة فنيًّا على هذه اللوحات من قبيل عمل إضاءة معينة للرسم والكتابة فوق الرسم وغير ذلك، كان هذا العمل في أواخر عام 2009م، ومضمون هذه اللوحات عبارة عن رسومات لأدوات تراثية ومشاهد ولائية، في بداية عام 2010م عزمت على الدخول الحقيقي لعالم التصميم من خلال تعلم برنامج الفوتوشوب، ومنذ ذلك الحين وأنا متعلق به كبرنامج رئيس في عمل التصاميم، هواية ورغبة مني في خدمة المناسبات الولائية وخدمة للأخوة والأصدقاء".      


وبما أننا في أجواء عاشوراء سألناه عن أهمية الشعارات في تعزيز الثقافة الحسينية؟ فأجاب: "الشعارات بحد ذاتها منطلق مهم لتوحيد الصفوف والجماعات بشكل عام، فكيف بها عندما ترتبط بمن جعل الله إمامتهم أمانًا من الفرقة، ولحسين الثورة بطبيعة الحال حرارة وقوة ووحي إلهام ومرتكز، للباحثين عن الحرية والمتمردين على قيود الظلم والإصرار على المبادئ والتفاني فيها حتى الموت أو النصر أو الشهادة".
أما بالنسبة للمعايير التي ينطلق منها ليختار الشعارات الحسينية فيقول: "كمصمم أستطيع أن أقول إن من أهم المقدمات لاختيار الشعار الحسيني هي التجديد والجودة في الإخراج الفني، والتركيز على اختيار الشعارات التي تخدم المجتمع وتعالج سلوكياته المنحرفة أولًا وتحافظ على مكتسباته الأخلاقية ثانيًا، التجديد في الإخراج والجمالية والذوق العالي في الطرح للشعار يخلق انطباعات حسنة عند المتلقي لذلك فهذا المنطلق هو بمثابة حرب إعلامية عالمية لا تنظر للشعار كانعكاس ثقافي من منطلق مبادئ وكلمات فقط للتعريف بثقافة معينة وإنما بما يخلقه الشعار من استحسان فني في الإخراج والطرح، يبهر عقل المتلقي".


تتطلب التصاميم أن تكون متجددة ومتطورة سنة عن سنة، عن هذه النقطة يتحدث المصمم جهاد جارود: "لا شك أن الاستمرارية في العمل تخلق الإتقان فيه، وهذا ما سهل عندي التجديد في إخراج الرسومات بشكل أفضل ومغاير مع الزمن، لذلك أرغب كثيرًا بمساعدة الآخرين في طلبات التصميم المتنوعة التي يرغبون بها ليس بهدف مساعدتهم وخدمتهم فقط، وإنما أيضًا بهدف التطوير والإتقان لما أتعلمه والبحث عن أفكار جديدة من خلال السعي في تنفيذ طلباتهم".    


* أهمية هذا الفن بعالميته وبجاذبيته:
لينجح العمل ويكون محط أنظار الناس، لا بدّ من تقديم تصميم مميز، وهذا التميز يحتاج إلى برامج خاصة وإلى تطور موهبة المصمم، وهذا ما تحدث عنه جارود فيقول: "يتركز عملي على برنامج الفوتوشوب وبعض برامج عمل المخطوطات مثل "برنامج الكلك kelk" وأستخدم في بعض الأحيان برنامج "أنا محترف الخط" المتوفر في الهواتف الذكية في حال واجهتني مشاكل في برنامج الكلك. وكما ذكرت سابقًا فإن الاستمرارية في العمل من خلال مساعدة الآخرين في طلباتهم للتصميم وكذلك مناسبات أهل البيت عليهم السلام من أفراح وأحزان، المتوزعة على أيام السنة ساعدني كثيرًا في طرح كل جديد من التصاميم لإحياء هذه المناسبات".


ولكي تكون مصممًا ناجحًا هناك شروط محددة ومطلوبة يذكرها: "أعتقد أن من أهم الشروط هي الرغبة والمحبة لهذا العمل والوضوح في الهدف من التصميم، ومتابعة كل جديد على الساحة من أفكار وتقنيات تجذب المتلقي، بالإضافة للاهتمام بالأمور الفنية من جودة الصور والخطوط المناسبة والتجانس والدمج الجيد لعناصر التصميم مع بعضها".

بالطبع كل عمل يواجه صعوبات وعوائق سيما إذا كان العمل يتطلب جهدًا وابتكارًا، عن الصعوبات التي تواجهه في عمله يقول: "من الصعوبات هي عدم الحصول على عناصر التصميم في الوقت المناسب، تواجهني في بعض الأحيان حاجة لبعض الصور في وقت محدد لعمل تصميم معين، ما يضطرني في بعض الأحيان للتعديل على فكرة التصميم مع اقتراب انتهاء الوقت بما لا يتناسب مع الفكرة التي أعددتها سابقًا، لذلك تراودني فكرة تعلم تصميم الصور رقميًّا من الصفر بحسب الوضعية التي أحتاجها في الصور، بدل البحث والاعتماد على الصور الجاهزة للدمج فيما بينها وبتكلف في بعض الأحيان".   
رغم أهمية هذا الفن واتساع رقعته والطلب عليه، كان لا بدّ من طرح سؤال يتعلق بمدى الإلمام والمعرفة الحقيقية به: "أهمية هذا الفن تكمن في عالميته وقوة إعلاميته وجاذبيته، والنفوس بطبيعتها تنجذب للصورة أكثر من الكلمات المسطورة أو حتى المسموعة، وإن احتوى التصميم على عدة سطور مكتوبة فجمالية التصميم وجاذبيته تبعث في النفس حب تفحص ذلك الإبداع بكل ما فيه".


 أما عن مشاريعه الحالية والمستقبلية فيقول: "لا أهدف لشيء من ثمار هذا الفن إلا بما بدأت به وهو خدمة الآخرين ومساعدتهم في رغباتهم وحاجتهم لهذا الفن، وصقل هوايتي أكثر وأكثر، وإثراء الساحة الولائية والحسينية وإظهارها من خلال هذا الفن بأجمل ما أستطيع للعالم، في المستقبل أطمح وأرغب بتعلم بعض البرامج مثل "برنامج الالستريتور Illustrator" و"السينما فور دي Cinema4D" بما يزيد رصيدي الفني وبناء قاعدة من الصور والعناصر الرقمية المناسبة لمتطلبات التصميم، والتقليل من الاعتماد على الصور الجاهزة لعمل التصاميم.في الختام أتقدم بالشكر الجزيل لموقع شبكة فجر الثقافية على هذه الاستضافة الكريمة. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد