مقالات

النقد التأريخي كيف يكون؟


الدكتور عبد الهادي الفضلي ..
إذا كنا نريد أن ننقد، كيف ننقد؟
أولاً: ندرس الأجواء السياسية والثقافية، نأتي للمؤرخ- سواء كان الطبري (ت:٣١٠هـ)، ابن الأثير (ت: ٦٣٠هـ)، اليعقوبي (ت: ٢٨٤هـ)، المسعودي (ت: ٣٦٤هـ)، أيّ واحد من المؤرخين- فندرس العصر الذي عاش فيه، والعصر الذي عاش فيه المؤرخ عادة تكون فيه أجواء ثقافية وأجواء سياسية، والإنسان لا يستطيع أن يتخلص من الجو السياسي أو الجو الثقافي، فالبيئة ذات تأثير على الإنسان، فندرس عصره ونتعرف على الجو الثقافي الذي كان موجوداً والجو السياسي، ومدى تأثر المؤرخ بهذا الجو الثقافي السياسين لماذا؟ لأن هذا له انعكاس على ما يكتبه في كتابه.
ثانياً: ندرس عقيدة المؤرخ، فالمؤرخ عند عقيدة معينة، إذا كان المؤرخ شيعياً فسيحاول (أن يجر النار إلى قرصه)، وإذا كان سنياً أيضاً سيحاول (أن يجر النار إلى قرصه)، يعني أن المؤرخ الشيعي في كل شيء لا يلتقي مع معتقده سيحاول أن يقف منه موقفاً معيناً، وكذلك المؤرخ السني، طبعاً حديثنا عن التأريخ الإسلامي. فعقيدة المؤرخ لها تأثير على ما يكتب، فلابد من دراسة هذا الجانب.
ثالثاً: ندرس الميول السياسية للمؤرخ، فقد يكون معارضاً للحكومة، وقد يكون مناصراً للحكومة أيضاً هذا له تأثيره، وأنتم ترون الآن ما يكتب في الصحف، فالمعارضة تكتب شيئاً والأنصار والمؤيدون يكتبون شيئاً آخر، والحقيقة تضيع بين هؤلاء وبين هؤلاء.
إذاً لابد لنا أن ندرس الميول السياسية، لأن الميول السياسية ذات تأثير على ما يفرزه المؤرخ في كتابه.
رابعاً: ثقافة المؤرخ، فقد يكون له دراسات اقتصادية مؤثرة، ورأينا هؤلاء الذين يملكون ثقافة اقتصادية موسعة كيف أن هذه الثقافة انعكست على كتاباتهم. في الاقتصاد هناك المذهب الرأسمالي وهناك المذهب الاشتراكي، وكما كان قبل فترة قرأنا مجلة كانت تصدر في مصر باسم (الطليعة) تقول إن علي بن أبي طالب اشتراكي شيوعي، وإن عمر بن الخطاب اشتراكي شيوعي، لم تترك أحداً فقد حولت الجميع إلى شيوعيين واشتراكيين، وهم أبعد ما يكونون عن الشيوعية والاشتراكية.
خامساً: مستواه الفكري، فقد يكون المؤرخ ذكياً ومتوقد الذكاء، ويدرك ما يدور في فلك الحادثة، وقد يكون غبياً أو متوسط الذكاء فتمر عليه أشياء دون أن ينتبه لها، ويدرجها في كتابه.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد