مقالات

معجزة القائم (عليه السلام) في هداية همدان


الشيخ عباس القمي ..
روى الشيخ ابن بابويه عن أحمد بن فارس الأديب أنّه قال: إنّ بهمدان ناسًا يعرفون ببني راشد، وهم كلّهم يتشيّعون ومذهبهم مذهب أهل الإمامة، فسألت عن سبب تشيّعهم من بين أهل همدان، فقال لي شيخ منهم رأيت فيه صلاحًا وسمتًا : إنّ سبب ذلك أنّ جدّنا الذي ننتسب إليه خرج حاجًّا فقال: إنّه لمّا صدر من الحج وساروا منازل في البادية قال: فنشطت في النزول والمشي فمشيت طويلًا حتى أعييت ونعست فقلت في نفسي: أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت .
 قال: فما انتبهت إلّا بحرّ الشمس، ولم أر أحدًا، فتوحّشت، ولم أر طريقًا ولا أثرًا فتوكّلت على اللّه عزوجل وقلت: أسير حيث وجّهني، ومشيت غير طويل فوقعت في أرض خضراء نضراء كأنّها قريبة عهد من غيث، وإذا تربتها أطيب تربة، ونظرت في سواد تلك الأرض إلى قصر يلوح كأنّه سيف . فقلت: ليت شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده ولم أسمع به، فقصدته فلمّا بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين فسلّمت عليهم فردّا ردًّا جميلاً وقالا: اجلس فقد أراد اللّه بك خيرًا، فقام أحدهما ودخل واحتبس غير بعيد ثم خرج فقال: قم فادخل ؛ فدخلت قصرًا لم أر بناء أحسن من بنائه، ولا أضوأ منه، فتقدّم الخادم إلى ستر على بيت فرفعه ثم قال لي: ادخل فدخلت البيت فإذا فتى جالس في وسط البيت، وقد علّق فوق رأسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته تمسّ رأسه، والفتى كأنّه بدر يلوح في ظلام، فسلّمت فردّ السلام بألطف كلام وأحسنه ؛ ثم قال لي: أتدري من أنا؟ فقلت: لا واللّه فقال: أنا القائم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف، وأشار إليه، فأملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا ، فسقطت على وجهي وتعفّرت فقال: لا تفعل ارفع رأسك أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها: همدان فقلت: صدقت يا سيدي ومولاي قال: فتحبّ أن تؤوب إلى أهلك؟ فقلت: نعم يا سيدي وأبشرهم بما أتاح اللّه عز وجل لي، فأومأ إلى الخادم فأخذ بيدي وناولني صرّة وخرج ومشى معي خطوات فنظرت إلى طلال وأشجار ومسجد .
فقال: أتعرف هذا البلد؟ فقلت: إنّ بقرب بلدنا بلدة تعرف بأسد آباد وهي تشبهها قال: فقال: هذه أسد آباد امض راشدًا فالتفت فلم أره، فدخلت أسد آباد وإذا في الصرة أربعون أو خمسون دينارًا، فوردت همدان وجمعت أهلي وبشّرتهم بما يسّره اللّه عز وجل لي، ولم نزل بخير ما بقي معنا من تلك الدنانير .
روى المسعودي والشيخ الطوسي وغيرهما عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري أنّه قال: وجّه قوم من المفوّضة والمقصّرة كامل بن ابراهيم المدني‏  إلى أبي محمد (عليه السلام) ليناظره في أمرهم .
قال كامل: فقلت في نفسي: أسأله وأنا أعتقد أنّه لا يدخل الجنة إلّا من عرف معرفتي وقال بمقالتي قال: فلمّا دخلت عليه نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه فقلت في نفسي: وليّ اللّه وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا بمواساة الإخوان وينهانا عن لبس مثله .
فقال متبسمًا: يا كامل، وحسر عن ذراعيه، فإذا مسح أسود خشن على جلده فقال: هذا للّه عز وجل، وهذا لكم، فخجلت وجلست إلى باب عليه ستر مسبل، فجاءت الريح فرفعت طرفه، فإذا أنا بفتى كأنّه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها .
 فقال لي: يا كامل بن إبراهيم فاقشعررت من ذلك، فألهمني اللّه أن قلت: لبيك يا سيدي فقال: جئت إلى وليّ اللّه وحجته وبابه تسأله هل يدخل الجنة إلّا من عرف معرفتك وقال بمقالتك؟ قلت: إي واللّه قال: إذن واللّه يقلّ داخلها واللّه إنّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية قلت: يا سيدي من هم؟
قال: قوم من حبهم لعليّ (صلى اللّه عليه) يحلفون بحقّه ولا يدرون ما حقّه وفضله ثم سكت (صلى اللّه عليه) عنّي ساعة ثم قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوّضة كذبوا بل قلوبنا أوعية اللّه فإذا شاء اللّه شئنا وهو قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ } [الإنسان: 30].
ثم رجع الستر إلى حالته فلم أستطع كشفه فنظر إليّ أبو محمد (عليه السلام) متبسّمًا فقال: يا كامل ابن إبراهيم ما جلوسك وقد أنبأك الحجة بعدي بحاجتك فقمت وخرجت ولم أعاينه بعد ذلك.
قال أبو نعيم: فلقيت كاملًا فسألته عن هذا الحديث فحدّثني به‏ .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد