
الشّيخ المفيد "قدّس سرّه"
معاني القرآن الكريم على ضربَين: ظاهرٍ وباطِن.
الظَّاهر: هو المُطابِق لِخاصّ العبارة عنه، تحقيقاً على عادات أهل اللّسان، كقوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً ولكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ يونس:44. فالعُقلاءُ العارفون باللّسان، يَفهمون من ظاهر هذا اللَّفظ المُرادَ [منه].
الباطِن: هو ما خَرَج عن خاصِّ العبارة وحقيقتِها إلى وُجوهِ الاتِّساع، فيَحتاجُ العاقلُ في معرفة المُراد من ذلك إلى الأدلَّة الزّائدة على ظاهرِ الألفاظ، كَقولِهِ سُبحانه: ﴿أَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ..﴾ البقرة:43. فالصَّلاة في ظاهر اللَّفظ، هي الدُّعاءُ حَسَب المعهود بين أهل اللُّغة، وهي في الحقيقة لا يَصحّ منها «القيام». والزَّكاةُ هي النّموّ عندَهم بلا خلاف، ولا يصحّ أيضاً فيها «الإتيان».
وليسَ المُراد في الآية ظاهرُها، وإنّما هو [المراد] أمرٌ «مشروع»، فالصَّلاةُ المأمورُ بها فيها، هي أفعالٌ مخصوصةٌ مشتملةٌ على قيامٍ، ورُكوعٍ، وسُجودٍ، وجلوس. والزَّكاة المأمور بها فيها، هي إخراجُ مقدارٍ من المال على وجهٍ أيضاً مخصوص، وليس يُفهَم هذا من ظاهرِ القَولِ، فهو الباطنُ المَقصود.
أنواع معاني القرآن
وأنواعُ أُصول معاني القرآن أربعة:
أَحَدها: الأمرُ، وما استُعيرَ له لفظُه. وإذا وَرَد الأمرُ مقيَّداً بصفةٍ يخصُّ بها بعضَ المكلَّفين، فهو مقصورٌ على ذي الصِّفة، غير متعدِّية إلى غيره إلَّا بدليل، كقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ المدّثّر:1-2.
وإذا وَرَد بصفةٍ تتعدّى المذكور إلى غيره من المكلَّفين، كان متوجِّهاً إلى سائرهم على العموم، إلَّا ما خَصَّصه الدَّليل، كَقولِه عزَّ وجلَّ: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ..﴾ الطّلاق:1.
والأمرُ بالشّيء لا يكون إلَّا قبلَه لاستحالة تعلُّق الأمر بالموجود. والأمرُ مُتوجِّهٌ إلى الطِّفل بِشَرطِ البلوغ، وكذلكَ الأمر للمعدوم بِشرطِ وجودِه، وعَقْلِهِ الخطاب.
ويَصحُّ أيضاً توجُّهُ الأمر إلى مَن يُعلمُ مِن حالِه أنّه يعجز في المستقبل عمّا أُمِرَ به، أو يُحال بينَه وبينه، أو يُخترَم [يموت] دونَه، لِما يَجوزُ في ذلك من مصلحة المأمورِ في اعتقادِه فعلَ ما أُمِرَ به، واللُّطفِ له في استحقاقه الثَّواب على نيّتِه، وإمكانِ استصلاح غيره من المكلَّفين بأمرِه. وأمّا خطاب المَعدومِ، والجمادات، والأموات فمحال. والأمرُ أمرٌ [بِعَينِه وبِنفسِه].
الثّاني: النَّهي، وَلَهُ صورة في اللّسان محقَّقةٌ يتميّز بها عن غيره، وهي قولك: «لا تفعل»، إذا وَرَد مطلقاً. والنَّهيُ في الحقيقة لا يكونُ منك إلَّا لِمَن دونك، كالأمر. والنَّهيُ موجِبٌ للتَّرك المُستدام ما لم يكن شرط يُخصّصه بحالٍ [من الأحوال].
الثّالث: الخبر، وَهو ما أمكنَ فيه الصِّدقُ والكَذِب، وله صيغةٌ مبيّنةٌ يَنفصل بها عمّا يخالفُه في معناه. وقد تُستعار صيغتُه في ما ليس بخبر، كما يُستعار غيرُهما من صِيَغِ الحقائق في ما سواه على وجه الاتّساع والمجاز. قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿..ومَنْ دَخَلَه كانَ آمِناً..﴾ آل عمران:97، فهو لفظٌ بصيغةِ الخبر، والمُراد به الأمر: «يُؤمَّن مَن دخلَه».
الرّابع: العامُّ والخاصّ. والعامّ في معنى الكلام: ما أفادَ لفظُه اثنين فما زاد.
والخاصّ: ما أفاد واحداً دونَ ما سِواه، لأنّ أصلَ الخصوص التَّوحيد، وأصلَ العُموم الاجتماع. وقد يُعبَّر عن كلّ واحدٍ منهما بلفظ الآخر تشبُّهاً وتجوُّزاً. قال الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَه لَحافِظُونَ﴾ الحجر:9. فعبَّرَ عن نفسِه سُبحانه، وهو واحدٌ، بِلَفظِ الجميع. وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وقالُوا حَسْبُنَا الله ونِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ آل عمران:173. وكان سببُ نزولِ هذه الآية، أنَّ رجلاً قال لأميرِ المؤمنين عليه السلام قُبيل وَقعةِ أُحُد: «إنَّ أبا سفيان قد جَمَع لكم الجُموع»، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: «حسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيل».
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (2)
محمود حيدر
ماذا يحدث داخل الدماغ أثناء لحظة الإلهام والكشف المفاجئة؟
عدنان الحاجي
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الصدقات وعجائب تُروى
عبدالعزيز آل زايد
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
صفة الجنة في القرآن الكريم
الشيخ محمد جواد مغنية
معـاني الحرّيّة (4)
الشيخ محمد مصباح يزدي
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
النسيان من منظور الفلسفة الدينية (2)
الشيخ شفيق جرادي
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ!
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (2)
ماذا يحدث داخل الدماغ أثناء لحظة الإلهام والكشف المفاجئة؟
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الصدقات وعجائب تُروى
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
صفة الجنة في القرآن الكريم
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (1)
معـاني الحرّيّة (4)
عبير السّماعيل تدشّن روايتها الجديدة (هيرمينوطيقيّة أيّامي)
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى