
«الحياء» ملكةُ انقباض النفس عن القبيح، وانزجارها عن كلّ فعل أو ترك تعدّه سيئاً. وإذا نسب إلى اللَّه تعالى فالمراد به التنزيه عملًا عن القبيح، وترتيب أثر الانقباض. فهو في الخلق من صفات الذات، وفي الخالق من صفات الفعل كالرؤوف والرَّحيم، وهذه الصفة إذا كان متعلّقها القبائح الشرعيّة والعقليّة من أفضل الصفات والملكات الإنسانيّة.
وقد ورد في فضلها وكونها من آثار الإيمان وكون تركها خروجاً عن الإيمان نصوصٌ كثيرة مستفيضة أو متواترة؛ فورد عن النبيّ الأقدس وأهل بيته عليهم السلام: «أنّ الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة» «1». وكلمة «من» للسببيّة، والمعنى: أنّ الحياء من آثار الإيمان وشؤونه؛ فإنّه مسبّب عن الاعتقاد بالتوحيد وما أنزله تعالى على رُسله، فالإذعان بذلك يوجب انزجار النفس عن جميع ما حرّمه الدين ومنعه.
وأنّ «الحياء والإيمان مَقرونان في قرن، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه» «2». وأنّه «لا إيمان لمن لا حياء له» «3». وأنّ «الحياء حياءان: حياء عقل، وحياء حمق. فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل» «4».
حياء العقل هو الحياء الذي منشؤه تعقّل قبح الشيء عقلًا أو شرعاً، وهذا ممدوح معلول للعلم؛ وحياء الحمق ما كان منشؤه اتّباع العادات والرسوم غير الممضاة من الشرع - كالحياء عن تعلّم بعض المسائل العلميّة والشرعيّة - وهذا جهل مذموم؛ ولذا قيل: إنّ الحياء، منه ضعف، ومنه قوّة وإيمان.
وأنّ «مَن رقّ وجهُه، رقّ علمُه» «5» أي: مَن استحيى مِن السؤال، قلّ علمه. و«أنّ الحياء من الأوصاف التي مَن كنّ فيه بدّل اللَّه سيّئاته حسنات» «6».
والمعنى: أنّ الحياء يجرّه بالأخرة إلى التوبة، فيمحوا اللَّه سوابقَ مَعاصيه، ويبدّل مكانها لواحق الطاعات؛ أو أنّ ملكة المعصية في النفس تتبدّل بملكة الحسنة، وللآية الشريفة - أي «إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صلِحًا فَأُوللِكَ يُبَدّلُ اللَّهُ سَيَاتِهِمْ حَسَنتٍ» «7» - معانٍ أخر.
وأنّ رسول اللَّه قال: «لم يبقَ من أمثال الأنبياء إلّا قول الناس: إذا لم تستح، فاصنع ما شئت» «8». وقال صلى الله عليه وآله: «استحيوا من اللَّه حقّ الحياء» «9». و«أنّ اللَّه يُحبّ الحييّ المتعفّف» «10». وأنّه «ما كان الحياء في شيء إلّا زانه» «11».
وأنّ «الحياء خيرٌ كلّه» «12». وأنّ «أوّل ما ينزع اللَّه من العبد الحياء، ثمّ الأمانة، ثمّ الدين، فيصير شيطاناً لَعيناً» «13». وأنّه «استح مِن اللَّه لقربه منك» «14». وأنّه «قرن الحياء بالحرمان» «15». وأنّ «مَن كساه الحياء ثوبه، لم ير الناس عيبه» «16».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1). الكافي، ج 2، ص 106، ح 1؛ تحف العقول، ص 394؛ كتاب الزهد للحسين بن سعيد، ص 6، ح 10؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 329، ح 1 عن الإمام الصادق عليه السلام.
(2). الكافي، ج 2، ص 106، ح 4؛ تحف العقول، ص 297؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 331، ح 4 عن معاذ بن كثير عن أحدهما عليهما السلام.
(3). الكافي، ج 2، ص 106، ح 5؛ بحار الأنوار، ج 47، ص 45، ح 63 عن الإمام الصادق عليه السلام.
(4). الكافي، ج 2، ص 106، ح 6؛ تحف العقول، ص 45؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 331، ح 6 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.
(5). الكافي، ج 2، ص 106، ح 3؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 330، ح 3 عن الإمام الصادق عليه السلام.
(6). الكافي، ج 2، ص 107، ح 7؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 332، ح 7 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مع اختلاف في اللفظ.
(7). الفرقان (25): 70.
(8). الأمالي للصدوق، ص 600، ح 830؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج 1، ص 61، ح 207؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 333، ح 8 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.
(9). الأمالي للصدوق، ص 714، ح 983؛ الخصال، ص 293، ح 58؛ قرب الإسناد، ص 23، ح 79؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 271، ح 11 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.
(10). الأمالي للطوسي، ص 39؛ ح 43؛ الكافي، ج 2، ص 112، ح 8، كتاب الزهد للحسين بن سعيد، ص 10، ح 20 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله، وفي الأخيرين مع اختلاف يسير في اللفظ.
(11). روضة الواعظين، ص 460، مشكاة الأنوار، ص 413 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.
(12). من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 379، ح 5800؛ معاني الأخبار، ص 409، ح 92؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 329، ح 1 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله.
(13). معاني الأخبار، ص 410، ح 94؛ الاختصاص، ص 248؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 335، ح 17 عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله مع اختلاف في اللفظ.
(14). الدرّة الباهرة، ص 5، ح 2؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 336، ح 22 عن الإمام زين العابدين عليه السلام.
(15). نهج البلاغة، ج 4، ص 6، الحكمة 21؛ تحف العقول، ص 201؛ بحار الأنوار، ج 71، ص 337، ح 23، ملخّصاً.
(16). نهج البلاغة، ج 4، ص 50، الحكمة 223؛ الكافي، ج 8، ص 23، ح 4؛ تحف العقول، ص 98، مع اختلاف يسير في الأخيرين.
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
الشيخ علي رضا بناهيان
معنى (مال) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
الشيخ محمد صنقور
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
محمود حيدر
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
الشيخ محمد مصباح يزدي
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
عدنان الحاجي
(لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
التّوحيد والمحبّة
السيد عبد الحسين دستغيب
من هي السيدة فاطمة عليها السلام؟
الشيخ شفيق جرادي
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
السيد جعفر مرتضى
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
معنى (مال) في القرآن الكريم
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
(رحلة برفقة قلم) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
(مداد في ظلال خراسان.. سيرة الشيخ إبراهيم بن مهدي آل عرفات القديحي القطيفي) جديد الشّيخ عبدالغني العرفات
الشباب والرجوع إلى الدين
غزو مكة