مقالات

تزكية النّفس أوليّة مقدّمة على كلّ شيء

الإمام الخميني "قدّس سرّه"

 

اعلموا أنّ الأنانية وحب الذات إرثٌ شيطاني، وكلّ المفاسد التي تحصل في العالم سواء كانت مفاسد أفراد أو مفاسد حكومات أو مفاسد مجتمعات ناتجة عن هذا الإرث الشيطاني.

 

وكل المفاسد التي تحصل في العالم تنشأ من مرض الأنانية، سواء كان الشخص جالساً في زاوية بيته ومشغولًا بالعبادة وأعجب بذاته، أو كان داخل المجتمع وعلى اتصال مباشر بالناس وظهر منه الفساد فذلك من أنانيته، وحتى الحكومات منذ أول حكومة ظهرت في الدنيا وإلى اليوم فانّ كل فساد ظهر فيها كان من هذه الخصيصة.

 

هذا الداء لا يداوى إلّا بزوال هذه الخصيصة الشيطانية، فلو أراد شخصٌ معالجة نفسه بنفسه فعليه التخلّص من هذه الخصيصة، فيجب أن يروّض نفسه ولا يرى نفسه كبيراً، فلا يقول إني عالم وإني مقدّس... ولا يقول إني ثري ولا زاهد ولا عارف، ولا يقول إني موحّد.

 

فلو كانت هذه الخصيصة الشيطانية واحداً من هذه الأمور، ولو كان من أعلى العلوم كالفلسفة والعرفان لكانت حجاباً "العلم الحجاب الأكبر".

 

ولو أراد شخصٌ معالجة نفسه فعليه أن يتنبّه إلى هذه الخصيصة، إذ إن مقاومتها أمرٌ صعبٌ، فلو أراد شخص أن يتهذّب فالعلم لا يُهذّبه، لأنَّ العلم لا يُهذّب الإنسان، بل قد يبعث به إلى جهنم، وعلم التوحيد قد يرسل الإنسان كذلك إلى جهنم، وعلم العرفان قد يرسل الإنسان إلى جهنم أحياناً، وأحياناً يرسل علم الفقه الإنسان إلى جهنم، وقد يرسل علم الأخلاق الإنسان إلى جهنم.

 

فالإنسان لا يصلح بالعلم بل بالتزكية، فالتزكية مقدّمة على كل شيء، فالطالب الذي يدرس في المدرسة يجب أن تكون التزكية عنده مقارنة للدرس غير منفكّة عنه، وإمام الجمعة الذي يريد أن يهدي الناس عليه أن يزكّي نفسه أوّلًا ليتمكن من هداية الناس...

 

والعارف الذي يريد أن يدعو الناس إلى المعارف الإلهية فلن يمتلك القدرة على ذلك ما لم يزكّ نفسه أوّلًا، والفيلسوف الذي يريد أن يعلّم الناس التوحيد لا يستطيع ذلك ما دامت هذه الخصيصة الشيطانية في داخله.

 

يعني أنّ اللسان لسان شيطان لكنه ينطق بالتوحيد، والضمير ضمير شيطان تلقي التوحيد، والقلب قلب شيطان علّم الفقه ويعلّمه، وما دامت هذه الخصيصة قائمة فكل الأمور معاقة في الأشخاص الذين يريدون تهذيب أنفسهم أو الذين يريدون تهذيب المجتمع.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد