إنّ كلّ المطالب العلميّة إنّما نريدها وإنّما نتسلّح بها لأجل أن ننزل بها إلى ميدان الصراع والعراك مع أعداء الإسلام ومع أعداء الدين لحماية الإسلام، وإلّا مجرّد الاطّلاع والاستيعاب للمطالب الأصوليّة أو الفقهيّة الدقيقة والتبحّر في هذه العلوم تبحّراً كاملًا، هذا لا يغيّر من وضع الإسلام شيئاً، ولا يقدّم من وضع الإسلام خطوة، لا يحلّ من مشاكل المسلمين مشكلة، ولا يقلّل من آلام الامّة ألماً من الآلام.
غاية ما نصنع لو فرضنا أنّنا اقتصرنا على أن نحقّق هذه المطالب تحقيقاً كاملًا واسعاً، أن نتأمّل في المعنى الحرفي، وأن نتأمّل في ماء الاستنجاء، ونتأمّل في بحث الأقلّ والأكثر الارتباطيّين، غاية ما يترتّب على ذلك أن نتوصّل إلى نكات علميّة صناعيّة بحيث قد تؤثّر أحياناً في تغيير الفتوى وقد لا تؤثّر، فبدل أن يقال إنّ ماء الاستنجاء طاهر يقال بأ نّه متنجّس. وهكذا بدلًا أن يقال إنّ السورة واجبة في الصلاة يقال بأ نّها مستحبّة في الصلاة.
هذا المقدار يجب أن لا نقنع به، يجب أن لا نزهد ونكتفي بهذا المقدار، لأنّ هذا المقدار غير مربوط بهدفنا. أيّ وضع يمكن أن يتغيّر لصالح الإسلام فيما لو فرضنا أنّنا توصّلنا إلى أنّ السورة ليست جزءاً من الصلاة بعد أن كانت السورة جزءاً من الصلاة في فتوى العلماء الأخيار السابقين، هل بهذا نقوم بفتح من فتوح الإسلام؟ هل بهذا نحقّق انتصاراً للإسلام؟ هل بهذا نقلّل من المآسي التي يعيشها المسلمون؟! لا.
لا يحصل شيء من هذا القبيل بمجرّد أنّنا نتوصّل إلى عدم وجوب السورة بعد أن كان العلماء السابقون يقولون بوجوبها. بالنتيجة كلّ من الفتويين فتوىً معذّرة، لو عمل بها المسلم يثاب يوم القيامة، في النهاية من حيث المعذّريّة والمنجّزيّة وضمان دخول هذا المسلم إلى الجنّة لا يفرّق ما بينهما.
إذاً من هذه الناحية نحن دائماً يجب أن ننظر إلى العلم وإلى هذه المطالب بالمعنى الحرفي لا بالمعنى الاسمي «1»، بما هي سلاح في خدمة الدين وفي خدمة الإسلام. لعلّكم ترون أنّي أشدّ الناس شوقاً إلى هذه المطالب الصناعيّة واهتماماً بها وحرصاً عليها وسعياً وراءها، وأريد منكم أيضاً هذا، ولا أقصد من هذا الكلام التزهيد في البحث الصناعي. وأنتم ترون أنّ وضعي الخارجي وعملي الخارجي مبني على الاهتمام جدّاً بهذه المطالب الصناعيّة والتعب في سبيل تحصيلها وتدبّرها، وأنتم يجب أيضاً أن تكونوا هكذا، لكنّ الكلام في طبيعة النظرة إلى هذه المطالب.
إنّ هذه المطالب وإنّ هذه التحقيقات يجب أن يُنظر إليها بالمعنى الحرفي لا بالمعنى الاسمي، بما هي سلاح. ودائماً يجب أن يتوجّه الإنسان إلى هذا المعنى لأجل أن لا تنقلب المقدّمة غاية، يجب أن لا نخلط بين المقدّمات والأهداف، فالعلم في الوضع المعاش هو قوّة من القوى وسلاح من الأسلحة، [ويجب] أن نتسلّح بكلّ الأسلحة في خدمة الإسلام.
أحد الأسلحة التي يجب أن نتسلّح بها في خدمة الإسلام هو هذا العل ، يعني فهم الإسلام في نفسه لأجل أن يكون هذا قوّة بأيدينا في مقام ترويج الإسلام وإعلاء كلمته وتبليغ أحكامه، والوقوف في وجه التيّارات الكافرة التي تكتنف حياة المسلمين وتغزو عالم الإسلام من كلّ جهة ومن كلّ صوب.
وعلى هذا الأساس نحن قلنا بأنّ من أفضل الأساليب التي تجعلنا دائماً نتوجّه إلى حرفيّة هذا البحث لا إلى اسميّته، وإلى وسيليّته لا إلى غائيّته، وإلى أنّه سلاح في خدمة الإسلام وأنّه جزء من الإمكانيّات التي يجب أن نبذلها جميعاً في خدمة الإسلام، يجب أن نبذل كلّ إمكانيّاتنا وطاقاتنا بما فيها هذه المعلومات في سبيل خدمة الإسلام، لأجل أن يكون هذا واضحاً دائماً وملتفتاً إليه بالالتفات التفصيلي.
من أحسن الأساليب في هذا السبيل: هو استقراء أحوال الأئمّة عليهم السلام باعتبارهم النماذج العليا في سبيل حمل الدعوة والدفاع عن الإسلام، وصرف كلّ الإمكانيّات والطاقات التي كانوا يملكونها في سبيل هذه الرسالة المقدّسة. فعلى هذا الأساس يعتبر هذا المطلب أهمّ من البحث ذاته، [إذ يجب النظر] إلى حقيقة هذا البحث وإلى واقع هذا البحث وإلى غاية هذا البحث، إذ غاية هذا البحث هو أن نسلك في طريق الأئمّة وفي طريق مواكب الأنبياء والعلماء الصالحين الذين ضحّوا في سبيل الإسلام، وفي سبيل إعلاء كلمة الإسلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كلمة توجيهيّة ألقاها الشهيد الصدر قدس سره بعد درسه الأصولي (من كتابات السيّد عبد الغني الأردبيلي رحمه الله)
(1) مصطلحان أصوليّان يقصد منهما هنا الوسيلة والغاية.
الشيخ محمد جواد مغنية
محمود حيدر
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
السيد عبد الأعلى السبزواري
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ علي رضا بناهيان
الفيض الكاشاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا
ماهية الميتايزيقا البَعدية وهويتها*
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (1)
انتظار المخلّص بين الحقيقة والخرافة
تلازم بين المشروبات المحلّاة صناعيًّا أو بالسّكّر وبين خطر الإصابة بمرض الكلى المزمن
أسرار الحبّ للشّومري في برّ سنابس
الميثاق الأخلاقي للأسرة، محاضرة لآل إبراهيم في مجلس الزّهراء الثّقافيّ
الشيخ عبد الكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (9)
البسملة
لماذا لا يقبل الله الأعمال إلا بالولاية؟