مقالات

في ذم الحسد


الشيخ محمّد باقر المجلسي ..
يعتبر الحسد منشأً للغيبة في أكثر الناس ، لذا فهو يعدّ من أخبث الصفات الذميمة النفسانية حيث أنّ أوّل معصية وقعت كانت معصية الشيطان وكان باعثها الحسد ، والمشهورأانّ إظهار الحسد من الذنوب الكبيرة ومنافٍ للعدالة ، وأصله من ذنوب القلب وأمراض النفس ، والحسود يعذّب في الدنيا بعين هذه الخصلة أيضاً ، وهذا حال أكثر الملكات السيّئة ، فإنّ الإنسان يعذّب بها في الدنيا مع قطع النظر عن عقوبة الآخرة.
وعرّف الحسد برغبة الإنسان زوال النعمة عن المحسود ، ولو أراد لنفسه مثلما لذلك الشخص أو أكثر ولا يتضايق من كون هذا الشيء عند ذلك الشخص فهو غبطة ، ويعتبر من الصفات الحسنة.
وصاحب الحسد بما أنّه يريد زوال النعمة عن المحسود ، فكلّما يرى شخصاً في نعمة يتأذّى بكونها عنده ، ولا يمكن أن تنمحى نعم الله عن الأشخاص ، فلذا يكون هذا الإنسان دائم العذاب من هذا الخُلق السيئ.
وكذلك الحريص يريد أن يحصل على جميع أموال العالم ، وهذا مما لا يتيسّر له أبداً فلذا تراه دائم الألم ، وذو الخُلق السيىء دائم المنازعة مع الناس ولا يتيسر له أن يكون قاهراً غالباً دائماً فلذا تراه دائم التعب ، وهكذا أمر سائر الأخلاق السيئة.
وليفكر الحسود أنّ ذوي النعم لم ينقصوا من مقداره وشأنه شيئاً ، والله الذي أنعم تلك النعم عليهم بإمكانه أن ينعم عليه بأضعاف منها من دون أن يقلّل منهم شيئاً ، وليعلم أنّه لم يكن في صلاحه إعطاؤه تلك الأمور ، ولو أعطاه الله إياها لصارت وبالاً عليه.
وليفكر أنّ حسده وغمّه على المحسود لا يضرّه شيئاً بل يصل الضرر في الدنيا والعقبى إلى نفسه لا غير ، فليتوسل بهذه التفكرات الصحيحة إلى الله تعالى ، وليجادل نفسه ويعارضها كي يخلّصه الله تعالى من شرّ هذه الصفة الذميمة ، فإنّه لا صفة بحسب العقل والشرع أخبث منها.
فقد روي بأسانيد معتبرة عن الأئمة صلوات الله عليهم أنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب.
وروي بسند معتبر عن رسول الله صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله ‌وسلم أنّه قال : قال الله عزّ وجلّ لموسى بن عمران عليه‌ السلام : يا ابن عمران لا تحسدّن الناس على ما أتيتهم من فضلي ، ولا تمدّن عينيك إلى ذلك ، ولا تتبعه نفسك ، فإنّ الحاسد ساخط لنعمي ، صادّ لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس منّي.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة