مقالات

كمْ مِنْ سهام خطيئة صَدَرَتْ منّا شَقّت كبد الدين؟

 

الملّا حسين قلي الهمداني 
سبحانك، سبحانك، لو بذلنا في طاعتك كلّ عمرنا وما غفلنا عنك طرفة عين، لكُنّا مقصّرين في أداء بعض حقوقك، فكيف الحال وقد جَلّت مصيبتنا وعَظُمت رزيتنا إذْ أفنينا أعمارنا في الغفلة عنك، مع أنّه كان ينبغي أن لا نغفل عن عظمة حضورك وجلالة سلطانك طرفة عين.
ما أدري بأيّ عقلٍ أعرضنا عن ملازمة عظمتك المنيفة وحضرتك الشريفة، وقد ملأت عظمتك السماوات والأرضين، وأطارت عقول الأنبياء والمرسلين، وزعزعت قلوبَ العارفين.
فيا حسرتاه على ما فاتنا من فوائد مراقبتك وفرائد مراحمك ومكارمك، وامصيبتاه أنّا زدنا على غفلتنا وتجرأنا في حضرتك العظيمة: ارتكاب المعاصي المُهلكة والجرائم الموبقة، وقد سوّدنا وجوهنا وصفحة صحيفة أعمالنا، وآذينا بآثامنا ونتنِ أعمالنا عُمّالك الكرام الكاتبين لأعمالنا القبيحة.
كَمْ مِنْ سهام خطيئة صَدَرَتْ منّا شَقّت كبد الدين؟! وكم من سنان ألسنتنا المحدودة بالغيبة والكذب والفحش واللعن والاستهزاء والمخاصمة والمجادلة والافتراء والايذاء، قد جَرَحت قلب الشرع الشريف أي قلوب الأنبياء والمرسلين؟!
لقد أخْرَجْنَا قلوبَنَا عن أهليّة إدراك شرف مراقبتك ولطف إطاعتك، ومنذ أشْغَلْنَا ألسنتنا بذكرك أعْرَضْنَا عنك بقلوبنا الجافية الجائفة، فوجهناها إلى آمالنا التافهة وشهواتنا المكدّرة من الجاه والاعتبار والدرهم والدينار والأثاث والعقار.
ولو ظَهَرَتْ قبائح ما ذكرناه في قلوبنا حال الصلاة، وأُخرجت صحيفة مشتملة على بعض ما مرّ على أفئدتنا فيها لرأينا أمراً فظيعاً وخطباً شنيعاً وشيئاً منكراً قبيحاً، ولما وجدت من الصلاة حرفاً ومن الحضور طرفاً!
فإذا كان هذا حال صلاتنا وهي من أعظم ما نرجو به التقرّب إليك، فواسوأتاه من سائر قبائح ما أجرمنا وشنائع ما ارتكبناه، فبأيّ وجهٍ نلقاك؟ وبأيّ بدنٍ نقف بين يديك؟ وبأيّ لسان نُجيبك يوم ترتعد فيه فرائص النبيين وتتزعزع فيه أركان السماوات والأرضين، وتُدهش فيه قلوب العارفين، وتضطرب فيه عقول المقرّبين، وتخرس في ألسنة الفصحاء، ويتشوّش فيه ذهن البلغاء، وتزلزل الأرض، وتنشقّ السماء، وتشتدّ حرارة الهواء ويكثر البلاء!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة