صلى الله وسلم عليك يا رسول الله وعلى أهل بيتك المنتجبين
يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزًا عظيمًا، أعوذ بالله من الشيطان الغوي الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) صدق الله العلي العظيم.
ورد عن الإمام الحسين عليه السلام أنه قال: "إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالـمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي وشيعة أبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد عليّ هذا، الله يحكم بيني وبين القوم بالحق، إنه خير الحاكمين". صدق الإمام الحسين عليه السلام.
في حركة الحسين صلوات الله وسلامه عليه قراءتان: قراءة إنسانية وقراءة أيديولوجية. القراءة الإنسانية هي التي قرأها المستشرقون الذين لا يؤمنون بأن الحسين إمام أو رجل دين أو صاحب رسالة سماوية. والقراءة الأيديولوجية هي القراءة الدينية التي قرأها علماء المسلمين انطلاقًا من أن الإمام الحسين عليه السلام إمام صاحب رسالة سماوية. نحن نقف مع هاتين القراءتين: القراءة الإنسانية والقراءة الدينية.
القراءة الإنسانية:
كيف قرأ المستشرقون؟ كيف قرأ المسيحيون حركة الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه؟ هناك ثلاثة آراء في قراءة حركة الحسين:
الرأي الأول:
أن الحسين خرج يطالب بالسلطة، لأن هناك وثيقة قانونية بين الإمام الحسن عليه السلام وبين معاوية بن أبي سفيان، أن الأمر يسلم إلى معاوي،ة فإذا حدث به حدث، يرجع الحكم للإمام الحسن، فإن لم يكن موجودًا يرجع الحكم للحسين عليه السلام. فتطبيقًا لهذه الوثيقة طالب الإمام الحسين بالسلطة بعد موت معاوية بن أبي سفيان، مطالبًا بتطبيق الوثيقة التي أبرمت بين أخيه الإمام الحسن وبين معاوية بن أبي سفيان.
الرأي الثاني:
أن الحسين خاض حركة ضد الظلم وضد الطغيان، حركة وليست ثورة. في علم الاجتماع هناك فرق بين الحركة والثورة. الثورة هي التي لها جمهور شعبي عارم، الثورة تطلق على ما إذا كان هناك موجة من الغليان الشعبي ضد الظلم يعبر عنها ثورة، أما إذا لم يكن هناك ذلك الغليان، وذلك الرصيد الشعبي، يعبر عنها بالحركة. بعض المستشرقين قالوا إن مشروع الحسين عليه السلام كان حركة، لأنه لم يكن هناك التفاف جماهيري ضخم حول مشروع الحسين، كان مع ثلة قليلة، خاض هذه المعركة ضد الظلم، فهي تعتبر حركة وليست ثورة، لعدم القاعدة الشعبية العريضة التي كانت وراء هذه الحركة.
الرأي الثالث:
أيضًا طرحه بعض المفكرين المسيحيين، أن حركة الحسين كانت ثورة بمعنى الكلمة ولم تكن مجرد مشروع أو حركة. لماذا؟ لأنه لا يجوز أن نقصر النظر على المدة الزمنية التي انطلق فيها الحسين، وهي قرابة شهرين أو ثلاثة، خاض الحسين المعركة منذ أن رفض البيعة، حتى استشهد وانتهت المسألة. لا يجب أن ننظر إلى مشروع الحسين من خلال الامتداد التاريخي لصوت الحسين عليه السلام. صوت الحسين امتد من عام 61 للهجرة إلى أن سقط الحكم الأموي. كل هذا كان يشكل حركة الحسين، لم تكن حركة الحسين مختصرة لشهرين أو ثلاثة عاشها، إنما صوت الحسين امتد عبر قرون، امتد عبر سنين، امتد عبر أصوات الحسين. قُتل فثار أهل الكوفة في ثورة التوابين، ثم تلتها ثورة المختار، ثم تلتها ثورة زيد بن علي، ثم تلتها ثورة الحسين بن علي صاحب معركة فخ. كل هذه الأصوات كانت امتدادًا لصوت الحسين، كانت صدى لصوت الحسين؛ إذن مشروع الحسين لم يكن حركة، لم يكن مشروعًا ضيقًا في إطار زمني مختصر، وهو شهرين أو ثلاثة، بل كان صوتًا مستمرًّا أجج الأمة، وحرك الجمهور الشعبي في أمة النبي محمد صلى الله عليه وآله، واستمر هذا الصدى حتى سقط الحكم الأموي. هذه هي قراءة إنسانية لحركة الحسين، بغض النظر عن الاعتقاد بأن الحسين إمام، وأن له رسالة سماوية، وأن له منطلقات إلهية، فقط قراءة إنسانية.
القراءة الأيديولوجية:
عندما نأتي للقراءة الأخرى، وهي القراءة الأيديولوجية، القراءة التي تنطلق من أن الحسين إمام صاحب رسالة سماوية، عبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله: "حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا وأبغض الله من أبغض حسينًا، حسين سبط من الأسباط". لهذه القراءة الدينية أيضًا عدة آراء جاءت في تحليل هذه القراءة الدينية.
الرأي الأول:
أن تكليف الحسين بهذه الحركة كان تكليفًا خاصًّا به لا يقاس به، كأنما الله أمر الحسين بأمر يختص به ولا يمتد إلى غيره، هذا تكليف خاص ليس لنا أن نقوم بتفسيره أو توجيهه، فقط نقول كُلِّف الحسين بأن يتقدم للشهادة ونكتفي بذلك. يعني عندما نقرأ كلمات الشيخ صاحب الجواهر رحمه الله، وهو أحد علماء الإمامية، يظهر من كلامه، يقول: "هذا تكليف خاص بالحسين عليه السلام". هذا الرأي طبعًا هو محل مناقشة ونقد، صحيح أن الحسين كلّف بأن يتقدم للشهادة، أمر من قبل الله بأن يقدم نفسه ومن عنده وإخوانه وأولاده في سبيل مبادئه وقيمه؛ لكن هذا التكليف ليس تكليفًا خاصًّا يعني ليست هناك شواهد على أن هذا أمر يخص الحسين ولا يعمّ غيره. هذا تكليف عام، كل أمة تعيش نفس الظروف، تعيش نفس المعطيات، وتملك الإعدادات، وتملك المؤهلات التي ملكها أصحاب الحسين عليه السلام يشملها هذا الأمر، يشملها هذا التكليف. هذا ليس تكليفًا خاصًّا بالإمام الحسين عليه السلام، لذلك يجب معرفة هذا التكليف ومعرفة ظروفه ومبرراته التي أدت إلى أن يقوم به الحسين بن علي صلوات الله عليه. ثانيًا لنفترض أن هذا تكليف للحسين، هذا لا يعني أننا لا نسأل ما هي مبرراته؟ ما هي منطلقاته؟ نعم هو تكليف خاص بالحسين، لكن ما هي المبررات؟ ما هي المنطلقات التي اقتضت هذا التكليف؟ إذًا لابد أن نبحث عن خطابات الإمام الحسين، عن أحاديث أئمة أهل البيت لنستجلي ونستكشف منها المبررات والمنطلقات التي اقتضت هذا التكليف تجاه الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه وآله.
الرأي الثاني:
أيضًا بعض علمائنا، الشيخ النراقي في كتابه "محرق القلوب" يقول: "إن الحسين رضي بالشهادة لينال درجة الشفاعة الكبرى وليكون مخلّصًا للموالين من عذاب الجحيم". يعني كأنما حركة الحسين، ثورة الحسين الهدف منها البكاء على الحسين، الهدف من حركة الحسين أن يكون مظلومًا، أن يكون رمزًا للمظلومية، أن يكون إنسانًا يبكي عليه ويحزن عليه لينال الناس ثواب البكاء عليه، لينال الناس ثواب الزيارة لقبره، لينال الحسين نفسه درجة الشفاعة الكبرى في أمة جده النبي صلى الله عليه وآله، كما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: "إن لك لدرجة في الجنة لا تنالها إلا بالشهادة". هذا الرأي لم يفرق بين الأهداف وبين الآثار، هناك فرق بين الهدف وبين الأثر، نحن نبحث عن الأهداف، نبحث عن المنطلقات. مثلًا عندما نأتي للإمام علي عليه السلام، الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام بعد مقتل الخليفة الثالث بويع من قبل المسلمين خليفة فقبل البيعة، لماذا قبل البيعة؟ هناك فرق بين الأهداف والآثار. الهدف من قبول البيعة هو إحياء الدين كما قال الإمام أمير المؤمنين: "لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولا ألفيتم دنياكم عندي أهون من ورقة في فم جرادة تقضمها". الهدف أن يقيم العدالة، أن يحقق العدالة، هذا هو الهدف. لكن ما هو الأثر؟ لما قبل البيعة اشتعلت حرب الجمل، اشتعلت حرب صفين، اشتعلت حرب النهروان، ووجِه الإمام علي بحروب طاحنة، أرادوا أن لا يستقر حكمه، أرادوا أن لا تستقر سلطته، أرادوا أن لا يبقى منطق العدل بدرجة أو بأخرى. إذن هذه آثار وليست أهدافًا، ما كان هدف الإمام علي من قبول البيعة أن تحدث حروب، لكن الأثر الذي صار أنه حدثت حروب. هدف الإمام علي شيء، والآثار التي ترتبت شيء آخر، هدف الإمام علي إقامة العدالة، لكن الأثر الذي ترتب على إقامته للعدالة اشتعال عدة حروب طاحنة أيام خلافته. نحن الآن عندما نبحث عن حركة الحسين، نبحث عن الأهداف وليس عن الآثار. الحسين لما قتل ترتب على قتله آثار، منها استحباب البكاء عليه، منها استحباب زيارة قبره، منها أن الحسين نال درجة الشفاعة الكبرى، منها أن الحسين عليه السلام مصباح الهدى وسفينة النجاة، منها أن الحسين عليه السلام كما قال جده رسول الله: "أعطي ثلاثًا: الشفاء في تربته، والإجابة تحت قبته، والأئمة من ذريته". هذه آثار وليست أهدافًا، آثار ترتبت على شهادته، لكن ما هي الأهداف؟ ما هي المنطلقات؟ هي التي نبحث عنها في هذه المحاضرة.
الرأي الثالث:
أن الحسين ثار من أجل أن يكون رمزًا للثوار في العالم، من أجل أن يكون منارًا للأمم تهتدي به في مقاومة الظلم والطغيان، من أجل أن يكون راية يرفعها كل مظلوم وكل حر أبي. أراد الحسين أن يكون رمزًا لهذه المعاني الإنسانية العظيمة، هذا تحليل جميل، لكن إذا لاحظنا الحسين (الحسين إمام)، إمامٌ من أئمة الدين، الحسين صاحب رسالة سماوية، إذاً المناسب لموقع الحسين أن يكون هدفه هدفا سماويًّا وليس هدفًا شخصيًّا آخر. أن يكون رمزًا للثوار، أن يكون منارًا للأمم، هذه أهداف جميلة، لكن المنسجم مع موقع الإمامة، مع موقع أن الحسين صاحب رسالة سماوية أن يكون هدفه هدفًا دينيًّا، هدفًا سماويًّا، لأن الأئمة الطاهرين يعيشون الفناء في الله والارتباط بالله. "السلام على محال معرفة الله ومساكن بركة الله ومعادن حكمة الله". هم الذين عبر عنهم القرآن الكريم: "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورًا". إذاً هناك هدف إلهي للحسين عليه السلام، لابد أن نحدد ذلك الهدف الإلهي من حركته وثورته المباركة.
الرأي الرابع:
يقول إن الحسين ثار استجابة لأهل الكوفة، أهل الكوفة خرجوا، خلعوا بيعة الحكم الأموي، وعارضوا بقاء الحكم الأموي، وكتبوا للحسين: "أن أقبل إلينا فلقد اخضر الجناب وأينعت الثمار، وإنما تقبل على جند لك مجندة". فالحسين كل قضيته هي استجابة لأهل الكوفة، خرج من المدينة إلى مكة، من مكة إلى العراق استجابة لصرخة أهل الكوفة في تحريرهم من الحكم الأموي، وإقامة الحكم الإسلامي، كما أقامه أبوه الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام. الشيخ المفيد عليه الرحمة في "المسائل العكبرية" يشير إلى هذا الرأي، كان خروج الحسين بن علي كان استجابة لأهل الكوفة، يقول: "فلما رأى غدر أهل الكوفة أقدم على القتال والشهادة". هذا الرأي أيضًا محل تأمل ونظر، لماذا؟ التفت معي جيدًا.
أولًا، هناك فرق بين موقع الحركة ومنطلق الحركة. نحن الآن لا نبحث لماذا الإمام الحسين اختار الكوفة، الكوفة هذه موقع الحركة وهي منطلق الحركة، فرق بين منطلق الحركة وموقع الحركة. الحسين رفض بيعة يزيد سواء كتب له أهل الكوفة أم لم يكتبوا، من العلاقة المطلقة الحسين على كل حال ثائر، كتب له أهل الكوفة أم لم يكتبوا. الحسين قبل أن يكتب له أهل الكوفة بمجرد أن عرضت عليه بيعة يزيد رفضها وأصر على رفضها، إذاً الحسين كان له مشروع قبل أن يكتب له أهل الكوفة، كان عنده أهداف ومنطلقات قبل أن تأتيه رسائل أهل الكوفة. إذاً ما هي تلك المنطلقات والأهداف التي أصر الحسين على تحقيقها؟
أما الاستجابة لأهل الكوفة، هذا كان تحديد موقع فقط، يعني من أين ينطلق؟ من أي مدينة؟ هل موقع الحركة المدينة المنورة أم موقع الحركة مكة المكرمة أم موقع الحركة هو الكوفة؟ اختار الكوفة موقعًا استجابة لأهل الكوفة، فالاستجابة جاءت لتحديد الموقع فقط، وإلا المنطلقات والأهداف هي منطلقات سماوية سبقت رسائل أهل الكوفة كلهم، فلذلك قال لهم يوم عاشوراء: "إنني ما قدمت عليكم حتى أتتني كتبكم، فإن كرهتم مقدمي دعوني أنصرف إلى مأمن من الأرض"، يعني أختار موقعًا آخر أنطلق منه في مشروعي وحركتي. هذا أولًا.
ثانيًا، ما معقول يعني الإمام الحسين إنسان حكيم عاقل يكون مخطط لإزالة الحكم الأموي؟ هذا غير معقول، لماذا؟
أولًا، الحسين كان موقنًا بقتله، أن نتيجة حركته هي الشهادة وقد صرح بذلك: "والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي"، وورد عنه عليه السلام: "كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلا بين النواويس وكربلاء، فيملأن مني أكراشًا جوفًا وأجرُبةً سُغبًا"، وقال عليه السلام: "أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بأني ألقى ربي شهيدًا". الإمام الحسين لما ودع مسلم بن عقيل كتب له، يعني أوحى إليه بالصفحة كلها، قال: "امض لما أمرت به حتى يقضي الله بأمره، وإني لأرجو أن أكون أنا وأنت من الشهداء". المسألة كانت أمام الحسين نتيجتها واضحة، نتيجتها الشهادة، إذًا الحسين يعلم بأنه سيقتل، يعلم بأنه سيكون شهيدًا، إذًا ليس مخططًا لإزالة الحكم الأموي في حياته، ممكن أن يسقط الحكم الأموي بعد موته نتيجة لتتابع الحركات والثورات؛ لكن في حياته ما كان الهدف من حركته وهو حي إسقاط الحكم الأموي، لأنه يعلم بأنه سيقتل قبل أن يتحقق هذا الهدف. إذًا ليست المسألة دائرة مدار وصول الحسين إلى السلطة، أن يصل إلى السلطة ويخلع يزيد بن معاوية، هذا الهدف ما كان هدفًا لحياته لأنه يعلم بقتله. نعم هو هدف على المدى الطويل، سقوط الحكم الأموي نتيجة لتتابع الصرخات والحركات والثورات بعد مقتله صلوات الله وسلامه عليه.
الرأي الخامس والأخير: حركة الحسين، مشروع الحسين، ثورة الحسين صلوات الله وسلامه عليه جمعت عدة منطلقات وجمعت عدة أهداف:
المنطلق الأول:
الحفاظ على منصب الإمامة من الإذلال. لو أن الحسين بايع يزيد لكان إذلالًا لمنصب الإمامة، لكان إذلالًا لهذا الموقع العظيم الذي اختاره الله للأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. لما قال له أمير المدينة إن معاوية توفي وإن يزيد يطلب البيعة، قال: "يا أمير إنّا أهل بيت النبوة، شوف قارن، يعني أنا مقامي ما يسمح لي بهذه البيعة أبدًا، إنّا أهل بيت النبوة وموطن الرسالة ومختلف الملائكة، ويزيد رجل فاسق شارب للخمر، قاتل للنفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله". يعني أنا في موقعي لو بايعت لكانت هذه البيعة إذلالًا، إذلاًلا لموقع الرسالة، إذلالًا لموقع الإمامة. ربما واحد يقول شنو يعني الآن بحسب المنطق، الإنسان يعيش في الغرب يقول شنو فيها إنه فاسق شارب للخمر؟ كثير من الناس فسقة وكثير من الناس يشربون خمر، يعني شنو المشكلة؟! يعني كون يزيد رجل فاسق شارب للخمر بحسب المنطق الغربي مو شيء مهم، يعني شيء عادي، كثير من الناس فسقة، كثير من الناس شارب للخمر، شنو الخصوصية في يزيد؟! أراد الحسين أن يقول إن يزيد مستهتر بالمبادئ، خارج عن كل الخطوط، محارب للقرآن الكريم، لأن القرآن الكريم يقول: "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه". يزيد على شرب الخمر محارب للقرآن، الحسين أراد أن يقول إن يزيد رجل مشغول بالملذات واللهو وليس مؤهلًا لقيادة الأمة، كيف أسلم الأمة إليه؟ يزيد بالمقارنة مع موقع الرسالة وموقع الإمامة لا يمكن أن يبايع، وهذا ما أصر عليه الحسين يوم عاشوراء: "ألا وإن الدعي ابن الدعي -الدعي ابن الدعي يعني من هو؟ هو عبيد الله بن زياد- ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة (المواجهة) وبين الذلة، بين السلة والذلة، وهيهات من الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون -الله يقول في كتابه ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين- يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وجذور طابت -جذور يعني علي بن أبي طالب، يعني أبو طالب، يعني عبد المطلب- وجذور طابت وحجور طهرت -حجور يعني فاطمة الزهراء، خديجة بنت خويلد، فاطمة بنت أسد، آمنة بنت وهب- وحجور طهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام. ألا وإني باذل بهذه الأسرة -أنا بكل أسرتي وإخواني وأولادي متقدم للشهادة- ألا وإني مقدم بهذه الأسرة مع قلة العدد وخذلان الناصر". إذاً الإمام أوضح المنطلق، المنطلق صيانة موقع الرسالة وموقع الإمام عن الإذلال ببيعة يزيد بن معاوية.
المنطلق الثاني:
إحياء الدين، إحياء العدالة التي ماتت في ذلك الزمن وفي تلك الفترة، وهذا ما صرح به في قوله: "إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا -لا أن أطلب أموال ولا أطلب مناصب- إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالـمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي".
المنطلق الثالث:
أراد إحياء إرادة الأمة، إرادة الأمة غُلفت، خُدرت، منذ شهادة الإمام علي بن أبي طالب عليه عام ٤٠ للهجرة إلى وفاة معاوية عام 60 للهجرة، 20 عامًا إرادة الأمة تخدرت، إرادة الأمة تراجعت، إرادة الأمة ضمرت. أراد الحسين أن يحرك الإرادة، أن يوقظها، إلى أن الدين أهم من المكاسب الشخصية، إلى أن الدين أهم من الأموال والثروات، أراد الحسين أن يؤجج إرادة الأمة وأن يوقظ ضميرها. ولذلك قال: "إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برمًا، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه". وهكذا امتدت صرخته صلوات الله وسلامه عليه، وهكذا أبان الحسين أهدافه ومنطلقاته، فأبى أن يعيش إلا عزيزًا.
فأبى أن يَعيشَ إلاَّ عزيزًا
أو تجلَّى الكفاحُ وهو صريعُ
كيف يلوي على الدنيَّة جيدًا
لِسوى اللهِ ما لواه الخضوعُ
فتلقى الجموعَ فردًا ولكن
كلّ عضوٍ في الروع منه جموعُ
ثم يقول السيد الحلي رحمه الله:
قوِّضي يا خيامَ عليا نزارٍ
فلقد قوَّض العمادُ الرفيعُ
واملئي العينَ يا أُميَّة نومًا
فحسينٌ على الصعيدِ صريعُ
اللهم بحق الحسين الوجيه وجده وأبيه وأمه وأخيه والتسعة المعصومين من بنيه، اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، اللهم عجل فرج وليك وابن أوليائك صاحب العصر والزمان، واجعلنا من أنصاره وأعوانه والمشمولين ببركته ودعائه، اللهم بحقه اشف مرضانا، اللهم بحقه فرج كروبنا واقض حوائجنا وارحم أمواتنا، وإلى أمواتكم وأموات المؤسسين والمؤمنين والمؤمنات الفاتحة تسبقها الصلوات.
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد باقر الصدر
السيد عادل العلوي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة بين المعجزة والوحي
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)
الزهراء.. الحزن الأبدي
ذاكرة التفاصيل لا يكتمل بلوغها إلا في سن المراهقة عند الأطفال
الصّحيفة الفاطميّة
السّعيد محاضرًا حول آليّات التّعامل الإيجابيّ مع الإنترنت والوسائل الرّقميّة
منتظرون بدعائنا
الشيخ صالح آل إبراهيم: ما المطلوب لكي يكون الزواج سعيدًا؟
آيات الأنفس الأولى
فرضية القائلين بالتكامل، وعدم وجود الحلقة المفقودة