
لقد اختلف العلماء في مفاد قوله «أجزي به»: فبعضهم قرأها بصيغة المعلوم بمعنى: أنّي أجزيه ثواب الصوم بنفسي، وبعضهم الآخر قرأها بصيغة المبني للمجهول والمراد: أنّي أنا ثواب الصائم. وفي كلتا الحالتين فمفاد الخبر ذو أهمّيّة كبيرة. لكن إذا قلنا «أجزي به» فيكون شرف الصوم في أنّ الله تعالى هو الذي يجزي الصائم بنفسه، بينما إذا قلنا «أجزى به» فتعني أنّه لا توجد درجة من درجات الجنّة تفي بثواب الصائم إلا ذاته المقدّسة جلّ وعلا، فيكون تعالى نفسه ثواب الصائم، ومن هنا يستفاد أنّ طريق الوصول إلى لقاء الله والفناء في ذاته من لوازم ثواب الصوم، ولا يمكن أن يتيسّر بدونه.
لذا اعتبر العلماء الباحثون حول معرفة النفس أنّ الجوع والصوم من أركان سلوك طريق الله تعالى، وورد ذلك في روايات أهل البيت عليهم السلام؛ حيث نقل المرحوم المجلسي عن «إرشاد الديلمي» ومصادر أخرى مطالب عجيبة في فوائد الجوع والصوم.
كما تصدّى الغزالي لشرح الرواية المذكورة من طرقنا في كتاب «من لا يحضره الفقيه»، والتي نقل نظيرها أيضاً في كتابه «إحياء العلوم» عن طريق العامّة حيث قال: إنّما كان الصوم لله ومشرّفاً بالنسبة إليه ـ وإن كانت العبادات كلّها له، كما شرّف البيت بالنسبة إليه والأرض كلّها له ـ لمعنيين:
أحدهما: أنّ الصوم كفٌّ وترك، وهو في نفسه سرّ ليس فيه عمل يُشاهد، فجميع الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى، والصوم لا يعلمه إلاّ الله تعالى؛ فإنّه عمل في الباطن بالصبر المجرّد.
والثاني: أنّه قهر لعدوّ الله؛ فإنّ وسيلة الشيطان لعنه الله الشهوات، وإنّما يقوى الشهوات بالأكل والشرب، ولذلك قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنّ الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيّقوا مجاريه بالجوع».
فلمّا كان الصوم على الخصوص قمعاً للشيطان وسدّاً لمسالكه وتضييقاً لمجاريه استحقّ التخصيص بالنسبة إلى الله، وهذا معنى الفقرة الأولى التي تقول: «الصوم لي». وأمّا الفقرة الثانية: «وأنا أجزي به» فإنّما كانت بهذا المفاد لأجل أنّ نصرة الله تعالى عبده متوقّفة على نصرة العبد لربّه؛ قال الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
فالبداية بالجهد من العبد، والجزاء بالهداية من الله عزّ اسمه، ولذلك قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}. وبناء عليه، فالله تعالى سيعطي ثواب الصوم بنفسه؛ لأنّ العبد قد نصره بالصوم ومجاهدة النفس الأمّارة في سبيل الله. ومن جهة أخرى قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وإنّما التغيير بكسر الشهوات فهي مرتع الشياطين ومرعاهم، فما دامت مخصّبةً لم ينقطع تردّدهم، وما داموا يتردّدون فلا ينكشف للعبد جلال الله وكان محجوباً عن لقائه.
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «لولا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء». فمن هذا الوجه صار الصوم باب العبادة وصار جنّة. [انتهى كلام الغزالي بتصرّف].
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الصوم جنّة من النار»، وقال أيضاً: «لكلّ شيء باب وباب، العبادة الصوم [الصيام]». يقول الإمام الصادق عليه السلام ـ بناء على رواية «الكافي» ـ : «إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدّة فليصم؛ فإنّ الله تعالى يقول: واستعينوا بالصبر [يعني: الصيام] والصلاة».
فالمراد بالصبر هو الصوم، ومن الضروري على الإنسان ـ لكي يقضي حوائجه ومهماته ـ أن يصوم ويصلّي، وأن يطلب من الله الغني حاجاته، لذا يستحبّ للإنسان أن يصوم ويصلّي صلاة الحاجة لقضاء الحوائج المهمّة.
من آيات عظمة الله سبحانه
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
الشيخ محمد جواد مغنية
كيف نحافظ على الفطرة قوية فاعلة؟
السيد عباس نور الدين
سرّ القوّة المذهلة للتّنهد العميق والشّعور بالسّعادة الكامنة وراءه
عدنان الحاجي
أنت أيضًا تعيش هذا النّمط الخطير من الحياة!
الشيخ علي رضا بناهيان
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء
الشيخ شفيق جرادي
معنى (سقف) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الملائكة وسائط في التدبير
السيد محمد حسين الطبطبائي
البحث التاريخي
السيد جعفر مرتضى
الكلمات في القرآن الكريم
الشيخ جعفر السبحاني
السيدة زينب: بهاء من ملكوت الطّفّ
حسين حسن آل جامع
على غالق
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
من آيات عظمة الله سبحانه
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
كيف نحافظ على الفطرة قوية فاعلة؟
سرّ القوّة المذهلة للتّنهد العميق والشّعور بالسّعادة الكامنة وراءه
السيدة زينب: بهاء من ملكوت الطّفّ
آل سعيد يطرح قاعدة بسيطة فعّالة لدفع القلق والتّوتّر
أنت أيضًا تعيش هذا النّمط الخطير من الحياة!
(التّواصل ليبقى الحبّ) محاضرة للرّاشد في مركز البيت السّعيد
تفسير المحيط الأعظم والبحر الخِضَمّ
رأس العبادة، آدابٌ للدعاء