علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

في أدمغة كبار السن خلايا عصبيّة غير ناضجة قد تقي من الزهايمر

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

دراسة لمعرفة سبب لماذا لا يصاب بعض الأشخاص بمرض الزهايمر، اكتشفت جورجيا توسوني Giorgia Tosoni وزملاؤها من مختبر الدكتورة سالتا Salta خلايا عصبية غير مكتملة التطور في أدمغة كبار السن. تحمي هذه الخلايا وتحفز نمو أنواع خلايا محيطة (1)، لكنها تُصاب بالالتهاب عند الإصابة بمرض الزهايمر. 

 

كان يُعتقد غالبًا أن دماغ كبار السن عضوٌ ثابت غير قابل للتغير ولكنه يضعف ويتدهور ببطء مع التقدم في السن، وأن إصابته بمرض الزهايمر حتمية. لكنّ الباحثين في المعهد الهولندي لعلوم الأعصاب يقتربون من معرفة أن هذه الفكرة قد عفا عليها الزمن. فهل باستطاعة دماغ كبار السن توليد خلايا عصبية جديدة؟

 

في محاولة لفهم شيخوخة الدماغ بشكل أفضل، كرّست جورجيا توسوني موضوع رسالتها لنيل درجة دكتوراه للبحث عن الخلايا العصبية غير مكتملة التطور، المعروفة أيضًا بالخلايا العصبية غير الناضجة. لم تكتشف الباحثة وجودها فحسب، بل حددت أيضًا بعض خصائصها الوقائية الرئيسة.

 

مقاومة مرض الزهايمر

 

يُعرّف مرض الزهايمر بأعراض عديدة، منها فقدان الذاكرة، والتغيرات السلوكية، وصعوبات حل المسائل. تتميز هذه الأعراض بتراكم بروتينات معينة. حينما يُتبرع بدماغ لبنك الأدمغة الهولندي، بإمكان المرء أن يلاحظ تراكم البروتينات هذه باعتباره قرينة على التشخيص بهذا المرض. بيد أنه  في بعض الأحيان، يُكتشف أن الدماغ المتبرع به (بعد الوفاة) مصاب بمرض الزهايمر، ولكن باستثناء مهم، وهو أنه لم تظهر على صاخب الدماغ أي أعراض من أعراض الزهايمر في حياته. ولكن كيف حدث ذلك؟

 

تعتقد توسوني أن قدرة مرضى الزهايمر على مقاومة المرض قد تكون مرتبطة بعدم نضج الخلايا العصبية في مركز الذاكرة في الدماغ، المعروف أيضًا باسم منطقة الحُصين. وتوضح توسوني: "في الفئران، نعلم أن الحُصين قادر على توليد خلايا عصبية جديدة. كما نعلم أن عملية توليد الخلايا الجديدة قد تتضرر في فئران الاختبار المختارة لدراسة مرض الزهايمر (2)". وتضيف: "في الواقع، إذا عززنا توليد الخلايا العصبية الجديدة، يمكننا نوعًا ما إصلاح أعراض التدهور الإدراكي في فئران الاختبار المخصصة لدراسة مرض الزهايمر".

 

نقاشٌ استمر قرنًا من الزمان

 

للأسف، ليست العملية بهذه البساطة عند البشر. القصور في المثدولوجيا، ومنها تصميم الدراسة أو أساليب جمع البيانات أو تحليلها، والتي تحد من صحة أو إمكانية تعميم النتائج، حالت دون تأكيد ما إذا كانت الخلايا العصبية الجديدة تتولد أيضًا في دماغ كبار السن من البشر. وقد أدى هذا إلى نقاشٍ بين باحثي علم الأعصاب استمر قرنًا من الزمان، وقد يُثير نقاشاتٍ حامية بينهم. بتوظيف أحدث التقنيات في أبحاث علم الأعصاب، استطاعت توسوني اتخاذ خطوةٍ مهمة إلى الأمام في هذا النقاش: أي استطاعت تحديد ما إذا كانت الخلايا العصبية غير الناضجة موجودةً أصلًا في منطقة حُصين كبار السن.

 

فحصت توسوني عيناتٍ دماغيةً من أدمغة متبرع بها بعد وفاة أصحابها غير مصابين بمرض الزهايمر، ومن متبرعين كانوا مقاومين لمرض الزهايمر (لم تظهر عليهم أعراض المرض في حياتهم)، ومتبرعين أصيبوا بمرض الزهايمر الخفيف والحاد (وظهرت عليهم الأعراض في حياتهم). في جميع المجموعات الأربع، تعرفت الباحثة على خلايا عصبية غير ناضجة. "مع أن هذا قد لا يُثبت أن دماغ كبار السن ما يزال يُنتج خلايا عصبية جديدة، إلا أنه يُثبت أن الخلايا العصبية غير الناضجة ما تزال موجودة في أدمغة كبار السن".

 

لكن توسوني كانت حريصة على المشاركة في دراسة (3) نُشرت بعد حصولها على درجة الدكتوراه. "هذه الدراسة لم تجرَ في مختبري، ولكنها تقدم دليلاً قاطعاً على أن دماغ كبير السن قادر على توليد خلايا عصبية جديدة". كما علّقت إيفجينيا سالتا Evgenia Salta، قائدة مجموعة البحث التي من ضمنها توسوني، على الدراسة المنشورة في مجلة ساينس (4)  قائلةً إنها "ستُسهم إسهاماً كبيراً في هذا المجال".

 

خلايا غير ناضجة وقابلة للتأثر بشكل كبير

 

عندما فحصت توسوني أنسجة أدمغة سليمة وأخرى مقاومة للزهايمر، كانت الخلايا العصبية غير الناضجة مرتبطة ببعضها بشكل واسع. استطاعت طرح أربعة مخططات حلزونية، يُمثل كل منها مجموعة مختلفة من أدمغة متبرع بها. تقع الخلايا العصبية غير الناضجة في مركز كل مخطط حلزوني، وشبكة تربطها بنوع آخر من الخلايا. "هذه الشبكة لم توجد عبثاً. يبدو أن الخلايا العصبية غير الناضجة تتمتع بخصائص وقائية، تدعم نمو الخلايا الأخرى واستمرار بقائها".

 

لكن يبدو أيضًا أن الخلايا العصبية غير الناضجة سريعة التأثر، حيث وجدت توسوني في عينة ألزهايمر أنها غير متأثرة. فالمجموعتان المصابتان بألزهايمر الخفيف والحاد لديهما خلايا عصبية غير ناضجة أقل ارتباطًا بكثير بأنواع الخلايا الأخرى. في الواقع، كانت هذه الخلايا العصبية غير الناضجة مسببة للالتهابات والأمراض بنحو أكثر، مما يعني أنها ساهمت بالفعل في المشكلة.

 

استمر في تحديد خلاياك العصبية

 

لا تستطيع توسوني الجزم بأي مرحلة من المراحل تنحرف فيها الخلايا العصبية غير الناضجة عن حالتها الصحية إلى حالة مرضية. لكنها تؤكد أن صحة هذه الخلايا لها دور أيضًا، إما في وقاية الدماغ من الإصابة بـ (الزهايمر)، أو في تفاقمه بمجرد ظهوره.

 

لمن يسعون جاهدين لتجنب الإصابة بمرض الزهايمر، لدى توسوني رسالة واضحة: "الزهايمر مرض معقد. ربما لا يوجد علاج سحري له. لكن بممارسة تمارين رياضية لكل من الدماغ والجسم واتباع نمط حياة صحي، ومنه غذاء صحي غني بمضادات الأكسدة، يحد من الالتهابات ويعزز من عدة أشياء في وقت واحد. فإذا سلِم الدماغ وأصبح أكثر لياقة، فسيكون أكثر قدرة على مقاومة مرض الزهايمر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/نمو_الخلايا

2- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC5253109/

3- https://www.science.org/doi/10.1126/science.adu9575

4- https://www.science.org/content/article/genetic-evidence-our-brains-make-new-neurons-adulthood-may-close-century-old-debate

المصدر الرئيس

https://nin.nl/news/the-elderly-brain-is-less-mature-than-you-think-and-that-could-protect-you-from-alzheimers-disease/

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد