لأن هناك أكثر من مجال من مجالات المعرفة والفكر يلزم أن تطبق عليه أثناء معالجة فكرية أصول البحث العلمي... رأيت أن أتوفر على ذكر المهم منها هنا لأزيل ما قد يتوهم من اقتصار البحث على مجال ما يعرف حديثًا بالدراسة. وهذه المجالات هي:
1 - الدراسة:
ترادف معاجم المصطلحات الأدبية العربية بين الدراسة والبحث، ففي (معجم مصطلحات الأدب) (1): "الدراسة، البحث: المقال النثري الذي يعالج موضوعًا علميًّا معينًا بالفحص والاستقراء" (2). وفي (المعجم الأدبي) (3): "دراسة: راجع مادة بحث"، وفي مادة بحث (3) يعرف البحث بأنه: "دراسة تتناول موضوعًا معنيًا من جميع وجوهه أو من جانب محدود، ويكون عادة على شيء من الاتساع".
وهذا المعنى المذكور في أعلاه، والمشهور في الأوساط الثقافية – جامعية وغيرها - لكلمة (دراسة) العربية من المعاني المحدثة. والغريب أن المعنى مع شهرته وتركزه ووضوحه ولم يدخل المعاجم اللغوية الحديثة كالمعجم الوسيط ومعجم لاروس وأمثالهما. والدراسة بهذا المعنى المذكور والمعروف أهم مجال من مجالات البحث الذي يجب أن تطبق فيها أصوله وتتوفر فيها عناصره وأوصافه.
ولعله لهذا رادفت المعاجم المشار إليها بين لفظة الدراسة ولفظة البحث. وأيضًا قد يكون من هنا جاء الوهم بأن مجال البحث هو الدراسة فقط.
2 - التحليل:
أريد بالتحليل - هنا - بحث الفكرة أو الظاهرة بحثًا شاملًا يستوعب كل الأطراف والشؤون، وعميقًا ينفذ إلى كل الزوايا ليكتشف الخبايا العلمية التي فيها. هذا اللون من المعالجة لا بد أن يخضع - هو الآخر - لأصول البحث، وأن يترسم تعليماته في الوصول إلى الهدف.
3 - النقد:
النقد العلمي هو عملية علمية يستهدف من ورائها تقويم الأثر العلمي - دارسة كان أو تحليلًا أو غيرها - ، ومن ثم تقييمه تقييمًا يبرز مدى التزامه بأصول البحث وقدرته على الوصول إلى النتائج المطلوبة. هذا النمط من التفكير هو أيضا مجال من مجالات البحث لا بد لمن يقوم به من الأخذ بأصول البحث والالتزام بتطبيقها.
4 - المناقشة:
أعني بالمناقشة - هنا - المناظرة الفكرية التي تعتمد طريقة الجدل، فإنها هي - أيضًا - مجال من مجالات البحث يلزمه الالتزام بأصوله. وأكثر ما يكون هذا في البحوث الفلسفية والأصولية (أصول الفقه) حيث تناقش الآراء: قولًا ودليلًا، إيجابًا أو سلبًا، قبولًا أو رفضًا.
5 - الرد:
والمراد بالرد - هنا - الجواب لإشكال علمي أشكل به على فكرة ما، أو اتهام علمي وجه لمعتقد ما. فهو كذلك ميدان أو مجال من مجالات البحث، عليه أن يترسم خطواته ويلتزم أصوله. وأكثر ما يكون هذا في البحوث الكلامية (علم الكلام)، ودراسات العقائد في الأديان والمذاهب.
6 - المقارنة:
هي أن يقرن الباحث بين فكرتين أو ظاهرتين بغية أن يتعرف ما بينهما من نقاط التقاء ووجوه افتراق، وقد يمتد به البحث إلى تعرف عوامل الالتقاء وأسباب الافتراق. والمقارنة لأنها معالجة علمية تسجل مجالًا آخر من مجالات البحث يقوم على أصوله، ويسير في هدي تعليماته.
7 - الموازنة:
أعني بالموازنة - هنا - محاكمة الأدلة بإخضاعها لمعايير النقد العلمي وتقديم ما رجحت كفته في الميزان النقدي. وأكثر ما يكون هذا في الدراسات الاستدلالية كالفقه الاستدلالي الذي يقوم الباحث فيه بعرض الأقوال في المسألة ثم باستعراض أدلتها ، ثم بموازنتها، فالانتهاء إلى النتيجة المطلوبة. ولأن الموازنة هي أيضًا مما يتسم بالمعالجة العلمية تأتي - وبوضوح - مجالًا من مجالات البحث يأخذ بأصوله ويسير وفق هديه.
8 - الاستدلال:
ومن الواضح أن المراد بالاستدلال - في هذا السياق - هو إقامة الدليل لإثبات المطلوب. وهو بهذا ميدان آخر من مجالات البحث، عليه أن يلتزم أصوله ويأخذ بتعليماته. إلى غيرها من معالجات علمية أخرى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ص 541.
(2) وانظر أيضًا: معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ص 94.
(3) ص 108.
(4) ص 47.
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ جعفر السبحاني
حيدر حب الله
الشيخ علي المشكيني
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان