المترجم: عدنان أحمد الحاجي
على مدى عقود من الزمن، تساءل علماء الكونيات عمّا إذا كانت بنية الكون الشاسعة هي عبارة عن بنية كسيرية (كسورية أو فراكتالية - بنية متكررة في جميع أنحاء الكون الشاسع) (1، 2): إذا كانت البنية تبدو كما هي بغض النظر عن الحجم، فالجواب هو: لا، ليست كذلك بالفعل. ولكن في بعض النواحي، نعم. التفت! هذه البنية معقدة (مركبة).
الكون شاسع بشكل لا يمكن تصوره، ويحتوي على ما يقرب من تريليوني مجرة. هذه المجرات ليست منتشرة بشكل عشوائي، بل مركبة ضمن سلسلة من بنيويات متعاظمة باستمرار من ناحية الحجم. وهناك مجموعات مجرية تحتوي على اثنتي عشرة مجرة على الأكثر لها بنيويات كسيرية. ثم هناك عناقيد مجرات (3) تضم آلاف المجرات وأكثر. وفوقها توجد العناقيد المجرية الفائقة (4)، التي تلتف (تلتوي) وتدور منذ ملايين السنين الضوئية.
هل هذه نهاية السردية؟
في منتصف القرن العشرين، طرح بينوا ماندلبروت Benoit Mandelbrot مفهوم الفركتلات (5). لم يخترع ماندلبروت مفهوم الفركتلات هذا - فقد كان علماء الرياضيات يدرسون أنماطًا متكررة ومتشابهة على مر العصور - لكنه صاغ الكلمة وأدخلها في دراستنا الحديثة لهذا المفهوم. الفكرة الأساسية للكسيرية هي أنه يمكنك استخدام صيغة رياضية واحدة لتحديد بنية معينة على جميع المقاييس، كبرت أو صغرت. بمعنى آخر، يمكنك تكبير وتصغير الكسيرة (الفركتلة) وستظل محتفظة بشكلها نفسه.
الفركتلات (الكسوريات) منتشرة بشكل واسع في الطبيعة، من أغصان وأوراق الأشجار إلى حواف ندفات الثلج. وتساءل ماندلبروت عما إذا كان الكون كسوريًّا. لو قمنا بالتصغير، فسنرى أنواع البنيويات الكونية نفسها متكررة.
وبطريقة ما، هذا ما نراه: تسلسل هرمي من البنيويات بمقاييس متعاظمة ومستمرة في الاتساع في الكون. لكن هذا التسلسل الهرمي وصل إلى نهايته. على مقياس معين، عند حوالي 300 مليون سنة ضوئية، يصبح الكون متجانسًا (أي ما تراه من شكل في مكان تجد الشكل نفسه في مكان آخر) (6)، ما يعني أنه لا توجد بنيويات كونية أكبر والكون (على هذا المقياس) هو نفسه تقريبًا (متكرر) من مكان إلى مكان آخر.
من المؤكد أن الكون ليس كسوريًّا في بنيته، لكن أجزاء من الشبكة الكونية (خيط من المجرات) (7) لا تزال تتمتع بخصائص مثيرة للاهتمام تشبه خصائص الفركتلات. على سبيل المثال، كتل من المادة المظلمة تسمى "هالات المادة المظلمة (8)". التي تضم المجرات وعناقيدها، تشكل بنيويات كونية متداخلة في بعضها وبنيويات فرعية، بهالات المادة المظلمة تضم بداخلها هالات مادة مظلمة فرعية، وبهالات مادة مظلمة فرعية الفرعية داخل هالات المادة المظلمة الفرعية.
وبالعكس، فإن فراغات كوننا (9) ليست فارغة تمامًا. بل تحتوي على عدد قليل من المجرات القزمة الخافتة (10)… وهذه المجرات القليلة مرتبة في نسخة خفية (غير مرئية) وخافتة من الشبكة الكونية. في عمليات المحاكاة الحوسبية، تحتوي الفراغات الفرعية داخل تلك البنية على شبكات كونية غازية خاصة بها أيضًا.
لذا، بالرغم من أن الكون ككل ليس كسوريًّا، ولم تصمد فكرة ماندلبروت، إلا أنه لا يزال بإمكاننا أن نجد كسيريات كونية أينما توجهنا وجلنا ببصرنا تقريبًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/كسيرة
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_الكونيات_الكسورية
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/عنقود_مجري
4- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/عنقود_مجري_فائق
5- https://math.hws.edu/eck/js/mandelbrot/MB.html
6- https://www.universetoday.com/165632/how-does-the-cosmic-web-drive-galaxy-evolution/
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/خيط_مجري
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/هالة_المادة_المظلمة
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/فراغ_(علم_الفلك)
10- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/مجرة_قزمة
المصدر الرئيس
https://www.universetoday.com/170118/is-the-universe-a-fractal-2/#google_vignette
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ علي آل محسن
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ باقر القرشي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد صنقور
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
القدرة العجيبة المنسيّة لصناعة الإنسان
النّفس وتسويتها
ملامح من حياة الإمام علي الهادي (ع)
تصبَّر تكن أكثر سعادة وبأفضل صحة
الإمام علي الهادي (ع) والعطاء العلمي
الفرق بين (يفعلون) و(يعملون) و(يصنعون)
الإمام الهادي في مواجهة الاتجاه الجبري والقدري
الإمام الهادي: وارث خزائن المعارف
تحيّات النبي إلى الباقر عليه السلام
نصاعة الصوت في الأداء القرآني