علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

أكبر عيّنة مجرّات على الإطلاق على بعد أكثر من 12 مليار سنة ضوئيّة

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

رصد جديد من تلسكوب جيمس ويب، زوّد الباحثين بأفكار فريدة عن كيفية نشأة وتطوّر المجرات، منذ أن كان عمر الكون أقل من مليار سنة.

 

تمكّن فريق من علماء الفلك الدوليين من تقديم أكبر عيّنة على الإطلاق من تجمّعات للمجرّات (1) التي رُصدت باستخدام بيانات من تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) في منطقة في الفضاء تسمى COSMOS Web. وتمثل الدراسة إنجازًا كبيرًا في علم الفلك خارج المجرة [علم الفلك خارج المجرة هو أحد فروع علم الفلك الذي يهتم بدراسة الأجرام الفلكية خارج مجرة درب التبانة (2)]، إذ زوّدت الباحثين بأفكار غير مسبوقة عن تشكُّل المجرات وتطورها (3) وبنية الكون من منظار واسع (4).

 

رجوعًا إلى الزمن الذي كان فيه عمر الكون أصغر من عمر الأرض الآن، الصور غطّت عمر  الكون بين اثني عشر مليار سنة إلى مليار سنة مضت. كتالوج الصور الجديدة، والذي سينشر قريبًا في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية (A&A) (5)، يضمّ ما يقرب من 1700 مجموعة مجرية. سيتمّ عرض الصّور المذهلة التي التقطها فريق البحث لمجموعة مجرات تبعد أكثر من 6 مليارات سنة ضوئية باعتبارها صورة الشهر (6) (أي أفضل صورة لشهر أبريل، 2025) لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA) اعتبارًا من 29 أبريل 2025.

 

لقد استطعنا بالفعل رصد بعض المجرات الشابة (7) التي تشكّلت في الكون، كما قال  قاسم جوزالياسGhassem Gozaliasl من جامعة ألتو في فنلندا، ورئيس فريق الرصد الذي قاد الدراسة. "لقد رصدنا 1678 مجموعة مجرية أو مجموعة مجرية حديثة التشكل (7) - وهي أكبر وأعمق عينة من عناقيد المجرات (8) التي رُصدت على الإطلاق - باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي. وباستخدام هذه العيّنة، يمكننا دراسة تطوّر المجرّات في مجموعات على مدى الـ 12 مليار سنة الماضية من الزمن الكوني (9).

 

بدأ تلسكوب جيمس ويب الفضائي العمل في عام 2022. وهو أكبر تلسكوب فضائي. دقة التلسكوب العالية وحساسيته الهائلة مكّنت علماء الفلك من رصد مجرات أبعد وبشكل أفضل من السابق. نظرًا لأن سرعة الضوء ثابتة (10)، فكلما كان الجسم بعيدًا، كان ما رصدناه أقدم زمانيًّا [مثلًا، ضوء الشمس يصل إلى الأرض بعد حوالي 8 دقائق، لذلك نرى الشّمس كما كانت قبل 8 دقائق]. وبرصد المجرّات الخافتة (من حيث السطوع) جدًّا والبعيدة جدًّا - المجرّات الأضعف سطوعًا في هذه المجموعة من البيانات هي أضعف سطوعًا بمليار مرة مما تستطيع العين البشريّة رصده - تمكن الفريق من أخذ لمحة عن شكل المجرّات في الكون القديم.

 

كما أوضح جوزالياسل: مجموعات المجرات والعناقيد هي بيئات غنية ومليئة بالمادّة المظلمة والغاز الساخن والمجرّات المركزية الهائلة (11) التي غالبًا ما تحوي على ثقوب سوداء هائلة الكتلة."التفاعلات المعقدة (المركبة) بين هذه المكوّنات تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل دورات حياة المجرات، والدّفع بتطوّر المجموعات المجريّة وعناقيد المجرّات نفسها.

 

وبرصد التاريخ الأكثر اكتمالاً لهذه البنية الكونيّة (4)، يمكننا أن نفهم بشكل أفضل كيف أثّرت هذه العمليّات في تشكيل وتطوّر المجرات الضخمة وأكبر العناقيد المجرية في الكون.

 

التاريخ العائلي للكون (شبكة كونيّة عظيمة تترتب أجزاؤها ببعضها البعض بطريقة معقدة).

 

المجرات ليست منتشرة انتشارًا منتظمًا في جميع أنحاء الكون. ولكنها تتعقد في مناطق كثيفة متّصلة مع بعضها بخيوط وجدران مجرّية (12)، تشكل بنية ضخمة تعرف باسم الشبكة الكونيّة (13). فالمجرّات المعزولة (لوحدها) جدًّا نادرة - فمعظمها توجد في مجموعات مجريّة، والتي تتكوّن عادةً من ثلاث إلى بضع عشرات المجرّات، أو في عناقيد مجريّة أكبر حجمًا، والتي قد تضمّ مئات أو حتى آلاف المجرّات التي تربطها الجاذبيّة بعضها ببعض. تعتبر مجرّتنا مجرّة درب التبانة جزءًا من مجموعة مجرّات صغيرة تُعرف باسم المجموعة المحليّة (14)، والتي تضم بينها مجرّة المرأة المسلسلة (مجرة أندروميدا) (15) وعشرات المجرّات الأصغر حجمًا.

 

"كما هو الحال مع البشر، تتجمّع المجرات معًا وتشكّل عائلات فيما بينها"، كما بيّن جوزالياسل. "المجموعات المجريّة والعناقيد المجريّة مهمة جدًّا، ذلك لأنه بإمكان المجرّات أن تتفاعل وتندمج معًا فيما بينها، مما يؤدّي إلى تحوّل في بنية المجرّة وشكلها (مجرات حلزونية أو إهليليجية أو غير منتظمة) (16). دراسة هذه البيئات تساعدنا أيضًا على فهم دور المادّة المظلمة، والتّغذية الرّاجعة من الثّقوب السّوداء الهائلة، والتّاريخ الحراري (التغيّر في درجات الحرارة بمرور الزمن) للغاز السّاخن (17) الذي يملأ الفراغ بين المجرّات.

 

وبما أنّ الكتالوج الجديد يتضمن رصدًا يمتدّ من مليار إلى اثني عشر مليار سنة ضوئيّة، استطاع علماء الفلك مقارنة بعض أقدم الشّبكات الكونيّة مع تلك الحديثة نسبيًّا لمعرفة المزيد عن مجموعات المجرّات وكيف نشأت وتطوّرت. دراسة تاريخ مجموعات المجرّات قد تساعد علماء الفلك أيضًا على فهم كيف تشكّلت مجموعات المجرّات العملاقة الأكثر سطوعًا (BGGs) (18) في مراكزها وذلك من خلال الاندماجات المتكرّرة - وهي منطقة استكشفت بعمق في الأوراق العلميّة الأخيرة التي نشرها جوزالياسل.

 

"حين نقوم بالرّصد عميقًا جدًّا في الكون، نجد أنّ المجرّات لها أشكال غير منتظمة وتشكّل العديد من النجوم. في عصرنا هذا، نشير إلى عمليّة تكوِّن النّجوم بأنها عملية خامدة (إمّا أن تكون العمليّة بطيئة أو متوقّفة تمامًا، مما يعني أنّ عمليّة تكوِّن النّجوم أصبحت غير نشطة أو متوقفة تمامًا)" ــ فالمجرّات لها بنية (أشكال) متّسقة جدًّا، مثل المجّرات الإهليلجيّة أو الحلزونيّة. من المثير جدًّا رصد أشكال مجرّات تتغيّر عبر الزّمن الكونيّ. ويقول جوزالياسل: "بإمكاننا أن نبدأ في الإجابة عن الكثير من الأسئلة عمّا حدث في الكون وكيف نشأت وتطوّرت المجرّات".

 

نشرت الدّراسة في مجلّة علم الفلك والفيزياء الفلكيّة (5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/مجموعات_وعناقيد_المجرات

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_الفلك_خارج_المجري

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/تشكل_وتطور_المجرات

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/بنية_الكون_من_منظار_واسع

5- http://https://arxiv.org/pdf/2501.09060

6- https://esawebb.org/images/comparisons/potm2504/

7- http://astro.vaporia.com/start/protocluster.html

8- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/عنقود_مجري

9- https://ar.wikipedia.org/wiki/وقت_كوني_(فلك)

10- https://ar.wikipedia.org/wiki/سرعة_الضوء

11- https://ar.wikipedia.org/wiki/جسم_مركزي_هائل

12- https://ar.wikipedia.org/wiki/خيط_مجري

13- https://science.nasa.gov/resource/cosmic-web/

14- https://ar.wikipedia.org/wiki/المجموعة_المحلية

15- https://ar.wikipedia.org/wiki/المرأة_المسلسلة_(مجرة)

16- https://ar.wikipedia.org/wiki/تصنيف_المجرات

17- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/وسط_بين_نجمي

18- http://https://www.aanda.org/articles/aa/pdf/2024/10/aa49543-24.pdf

19- https://academic.oup.com/mnras/article/448/2/1483/1058901

المصدر الرئيس

https://www.aalto.fi/en/news/astronomers-observe-largest-ever-sample-of-galaxies-up-to-over-12-billion-light-years-away

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد