الشيخ محمد صنقور ..
﴿وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إمامًا قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين﴾ فهل كانت عبارة إبراهيم (ع) ﴿ومن ذريتي﴾ بصيغة الطلب أم الاستفهام؟ وما هو تفسير ﴿لا ينال عهدي الظالمين﴾؟
هو طلب وليس استفهاماً، فمعنى قوله تعالى: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ (1) هو (اجعل من ذريتي من يؤتم به) أفاد ذلك الشيخ الطوسي في التبيان وذكر أنه قول أكثر المفسرين (2).
ويمكن تأييد ذلك بالعديد من الروايات الواردة عن الرسول (ص) وأهل بيته (ع):
منها: ما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي بسنده عن عبدالله بن مسعود قال: "قال رسول الله (ص): أنا دعوة أبي إبراهيم. فقلنا: يا رسول الله، وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال: أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم أني جاعلك للناس إماما، فاستخفَّ إبراهيم الفرح، فقال: يا رب، ومن ذريتي أئمة مثلي، فأوحى الله عز وجل إليه: أن يا إبراهيم، إني لا أُعطيك عهدًا لا أفي لك به. قال: يا رب، ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال: لا أُعطيك لظالمٍ من ذريتك. قال: يا رب، ومَن الظالم من ولدي الذي لا ينال عهدك؟ قال: من سجد لصنمٍ من دوني لا أجعله إماما أبداً، ولا يصح أن يكون إمامًا. قال إبراهيم: "واجنبني وبني أن نعبد الأصنام، ربّ إنهن أضللن كثيرًا من الناس". قال النبي (ص): فانتهت الدعوة إليَّ وإلى أخي عليٍّ لم يسجدْ أحد منا لصنمٍ قط، فاتخذني الله نبَّياً، وعليَّاً وصياً" (3).
فهذه الرواية ظاهرة جداً في أنَّ قوله: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ كان دعاءً وطلباً ولم يكن استفهاماً فحينما قال إبراهيم: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ كان الجواب من قِبل الله تعالى بحسب الرواية- أني "لا أُعطيك عهداً" أي لا أَعِدك بالاستجابة في كلّ ذريتك، وهذا تعبير عن أن قول إبراهيم ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ كان دعاءً لأن ذلك هو المناسب للجواب الذي تلقَّاه بالوحي عن الله تعالى.
وأما المراد من قوله تعالى: ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ (4) فهو أنّ الاستخفاف والإمامة لا تُعطى من قِبل الله تعالى للظالمين، والظالم هو من يتجاوز الحق الذي عليه لله تعالى أو للناس ومقتضى ذلك أن الإمامة الإلهية لا تكون إلا للمعصوم من كلَّ ذنب، لأن مَن يرتكب المعصية ظالم لربّه ومتجاوز للحق الإلهي الذي عليه وهو الطاعة المطلقة لله جلَّ وعلا، وكذلك من يتعدى على حقَّ غيره من الناس وإنْ كان ذلك الحق مُستحقَراً فإنَّه يكون ظالماً.
فكلُّ من صدر منه الظلم ولو بأدنى مراتبه، فإنَّه لا يكون مؤهلاً للإمامة الإلهية؛ لأنَّ الظالمين لا تنالهم الإمامة بمقتضى الآية الشريفة.
ثم إنَّ الآية الشريفة تدل على أن كلَّ من تلبَّسَ بالظلم آناً مّا، فإنَّه لا يستحق الإمامة الإلهية مطلقاً...
الهوامش:
1- سورة البقرة/ 124.
2- التبيان -الشيخ الطوسي- ج1 ص447.
3- الأمالي -الشيخ الطوسي- ص379.
4- سورة البقرة/ 124.
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عبد الأعلى السبزواري
السيد جعفر مرتضى
الشيخ حسن المصطفوي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ شفيق جرادي
الشهيد مرتضى مطهري
عدنان الحاجي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
(عصمة الرسول الأعظم في القرآن الكريم) كتاب جديد للسّيد ضياء الخباز
اختيار النبيّ (ص) لخديجة (ع)
المذاهب الأخلاقية
معنى أن الأئمة (ع) وجه الله
معنى لفظة (ألو) في القرآن الكريم
كيف استظلَّ يونس بشجرة اليقطين؟!
تشريع التوسل في الإسلام
مشاهير مفسّري الشّيعة في القرون الأربعة الأولى (2)
معنى كلمة (سلّ) في القرآن الكريم
نسخة مزيدة من كتاب: (عشرون منقبة في أسبقية الإمام علي) للشيخ عبدالله اليوسف