
السيد ابو القاسم الخوئي
تدل الآيات المباركة على أن الله سبحانه هو الكافل بأمور عبيده، وأنه الذي بيده الأمر، يدبر شؤون عبده ويوجهه إلى كماله برحمته، وهو قريب منه، يسمع نداءه ويجيب دعاءه: « أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ. وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ».
وعلى هذا فليس لمخلوق أن يستشفع بمخلوق مثله، ويجعله واسطة بينه وبين ربه، ففي ذلك تبعيد للمسافة، بل وفيه إظهار للحاجة إلى غير الله وماذا يصنع محتاج بمحتاج مثله؟ وماذا ينتفع العاصي بشفاعة من لا ولاية له ولا سلطان؟ بل: « لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ. قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ».
هذا كله إذا لم تكن الشفاعة بإذن من الله سبحانه، وأما إذا أذن الله بالشفاعة لاحد فإن الاستشفاع به يكون نحوًا من الخضوع لله والتعبد له، ويستفاد من القرآن الكريم أن الله تعالى قد أذن لبعض عباده بالشفاعة، إلا أنه لم ينوه بذكرهم عدا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فقد قال الله تعالى: « لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا. يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ. وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ. وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ».
والروايات الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعن أوصيائه الكرام (عليهم السلام) في هذا الموضوع متواترة.
أحاديث الشفاعة عند الإمامية:
أما الروايات من طريق الشيعة الإمامية فهي أكثر من أن تحصى، وأمر الشفاعة عندهم أوضح من أن يخفى، ونكتفي بذكر رواية واحدة منها: روى البرقي في المحاسن بإسناده عن معاوية بن وهب، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: « لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ». قال: نحن والله المأذون لهم في ذلك، والقائلون صوابًا، قلت: جعلت فداك وما تقولون إذا كلمتم؟ قال نمجد ربنا، ونصلي على نبينا، ونشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا. وروى محمد بن يعقوب في الكافي بإسناده عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام مثله1.
أحاديث الشفاعة عند العامة:
وأما الروايات من طرق أهل السنة فهي أيضًا كثيرة متواترة2 نتعرض لذكر بعضها:
١ روى يزيد الفقير، قال: أخبرنا جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا.. وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة.. 3.
٢ روى أنس بن مالك، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا أول شفيع في الجنة4.
٣ روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكل نبي دعوة وأردت إن شاء الله أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة5.
٤ وروى أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا سيد ولد آدم عليه السلام يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع6.
٥ وروى أيضًا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشفعاء خمسة: القرآن، والرحم، والأمانة، ونبيكم، وأهل بيته7.
٦ روى عبد الله بن أبي الجدعاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم ورواه الترمذي والحاكم8.
ومن هذه الروايات يستكشف أن الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبأهل بيته الكرام (عليهم السلام) أمر ندب إليه الشرع، فكيف يعد ذلك من الشرك؟ عصمنا الله من متابعة الهوى وزلل الأقدام والأقلام.
ـــــــ
________________________________________
1- البحار باب الشفاعة ] ٣ ص ٣٠١.
2- في المجلد السابع من كنز العمال ص ٢١٥، ٢٧٠ من هذه الروايات ما يزيد على ثمانين رواية.
3- صحيح البخاري كتاب التيمم باب ١ ج ١ ص ٨٦.
4- صحيح مسلم باب أن النبي أول من يشفع في الجنة ج ١ ص ١٣٠.
5- انظر التعليقة رقم (٢٦) لاستقصاء مصادر هذه الرواية في قسم التعليقات.
6- صحيح مسلم باب تفضيل نبينا على جميع الخلائق ج ٧ ص ٥٩.
7- كنز العمال: الشفاعة ج ٧ ص ٢١٤.
8- نفس المصدر السابق ص ٢١٥.
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
السيد جعفر مرتضى
العالم كما نراه... وتأثير هذه الرؤية على نفوسنا
السيد عباس نور الدين
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (7)
محمود حيدر
شكل القرآن الكريم (4)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الأدوية المعنويّة والأدوية المادّيّة
الشيخ علي رضا بناهيان
الإيمان والطّمأنينة
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الاعتراف بالذنوب يقرّبنا إلى الله
الشيخ محمد مصباح يزدي
طرق الوقاية والعلاج من حبّ الدنيا
الشيخ مجتبى الطهراني
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
كم ساعة يجب أن تنام وفقًا لعمرك؟
العالم كما نراه... وتأثير هذه الرؤية على نفوسنا
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (7)
شكل القرآن الكريم (4)
الأدوية المعنويّة والأدوية المادّيّة
الإيمان والطّمأنينة
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}
شكل القرآن الكريم (3)
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (6)