السيّد محمّد حسين الطباطبائي
النبوّة انبعاثٌ إلهيّ، ونهضة حقيقيّة يُراد بها بسطُ كلمة الدِّين. وحقيقةُ الدِّين تعديل المجتمع الإنساني في سَيره الحيوي، ويتبعه تعديل حياة الإنسان الفرد؛ فينزل بذلك الكلّ منزلته التي أنزلته إيّاها الفِطرة والخِلقة، فيُعطى المجتمع بذلك موهبة الحريّة وسعادة التكامل الفطري على وجه العدل والقسط.
وكذلك الفرد، فهو - بمقتضى الدّين - حرٌّ مطلق في الانتفاع من جهات الحياة في ما يهديه إليه فكره وإرادته، إلّا ما أضرّ بحياة المجتمع. وقد قُيّد جميع ذلك بالعبوديّة والإسلام لله، سبحانه، والخضوع لسيطرة الغَيب وسلطنته.
خلاصة ذلك أنّ الذي كانت تندب إليه جماعة الأنبياء، عليهم السلام، هو أن يسير النوع الإنساني - فرادى ومجتمعين - على ما تنطق به فطرتهم من كلمة التوحيد، التي تقضي بوجوب تطبيق الأعمال الفرديّة والاجتماعيّة على الإسلام لله، وبسط القسط والعدل، أعني بسط التساوي في حقوق الحياة، وفي الحريّة في الإرادة الصالحة والعمل الصالح. ولا يتأتّى ذلك إلّا بقطع منابت الاختلاف والبغي بغير الحقّ، واستخدام القويّ واستعباده الضعيفَ وتحكّمه به، وتَعبُّد الضعيف للقويّ، إذ لا إلهَ إلّا اللهُ، ولا رَبَّ إلّا اللهُ، ولا حُكْمَ إِلّا للهِ سُبْحانَهُ.
وهذا هو الذي تدلّ عليه الآيّة: ﴿..تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِفَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:64. وقال تعالى فيما يحكيه عن يوسف عليه السلام: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ..﴾ يوسف:39-40.
وقال تعالى ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ..﴾ التوبة:31، إلى غير ذلك من الآيات.
وفي ما حكاه القرآن عن الأنبياء السالفين ممّا كلَّموا به أُممهم شيءٌ كثير من هذا القبيل؛ كقول نوح عليه السلام: ﴿..رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ نوح:21.
وقول هود عليه السلام لقومه: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيّة تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ الشعراء:128-130.
وقول صالح عليه السلام لقومه: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ﴾ الشعراء:151.
وقول إبراهيم عليه السلام لقومه: ﴿..مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ الأنبياء:52-54.
وقوله تعالى لموسى وأخيه عليهما السلام: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ طه:43، إلى أن قال: ﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ..﴾ طه:47.
وقول عيسى عليه السلام لقومه: ﴿..وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ﴾ الزخرف:63.
فالدين الفطريّ هو الذي ينفي البغيَ والفساد وهذه المظالم، كما ينفي السّلطات الحاكمة بغير الحقّ الهادمةَ لأساس السعادة والمخرّبة لبنيان الحقّ والحقيقة. وإلى ذلك يشير قول النبيّ صلّى الله عليه وآله في حجّة الوداع: «أَلَا وَإِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ والأرضَ»، وكأنّه صلّى الله عليه وآله، يريد به رجوعَ الناس إلى حُكم الفطرة باستقرار سيرة الإسلام بينهم.
الشيخ حسن المصطفوي
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد عباس نور الدين
الشهيد مرتضى مطهري
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد مصباح يزدي
حبيب المعاتيق
فريد عبد الله النمر
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
ناجي حرابة
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
معنى (أرب) في القرآن الكريم
داء السكري يؤثر سلبًا في عمل القلب
مظهر الرحمة الإلهية في هذه الدنيا
المنطقة تحتفي بمولد الصّادقَيْنِ عليهما السّلام
التمسّك بالقرآن الكريم عند مواجهة الشبهات
إلى الحبيب المصطفى (ص)
أيقونة في ذرى العرش
النبيّ الخاتم: الفاتح لما استقبل
قول اليهود: يد اللّه مغلولة!
معنى كلمة (سقط) في القرآن الكريم