قرآنيات

إطلاقات الألفاظ في القرآن الكريم

 

صدر المتألهين الشيرازي
اعلم أنّ أكثر الألفاظ الواردة في الكتاب الإلهي كسائر الألفاظ الموضوعة للحقائق الكليّة مجملة:
1 يُطلق تارة ويُراد به "الظاهر المحسوس"
2 ويطلق تارة ويُراد به "سرّه وحقيقته وباطنه"
3 وتارة يُطلق ويراد به "سرّ سرّه وحقيقته وباطن باطنه"


وذلك لأنّ أصول العوالم والنشآت ثلاثة:
1 الدنيا
2 والآخرة
3 وعالم الإلهية
وكلّها متطابقة، وكلّ ما يوجد في أحد من هذه العوالم يوجد في الأخيرين على وجه يُناسب كل موجود لما في عالمه الخاصّ به.
فـ "الروح" مثلًا  كما:
1 يُطلق على "الجسم البخاري" (وهو الروح البخاري المادي المنتشر في البدن)
2 يطلق أيضاً على "النفس الحيوانية أو الإنسانية"
ويشترك جميع أفراد الإنسان في الأول والثاني (الجسم البخاري والنفس الحيوانية) وكذلك:
3 يُطلق على "الروح الإلهي" الذي هو محلّ استواء الرحمن بلا واسطة ومحلّ نفخه وفيضه، وله الخلافة الكبرى من الحقّ والسلطنة العظمى نيابة عنه تعالى.


فمن تلك الألفاظ (الواردة في القرآن): السمع والبصر والفؤاد، فإنّ هذه الثلاثة:
1 ربما يُراد بها "الأعضاء الثلاثة كالأذن الغضروفي والعين الشحمي والقلب اللحمي وما يتعلّق بها من الأعصاب والأرواح" التي كلّها من عالم الخلق والتقدير وعالم الشهادة والحس.
2 وربما يُراد بها "القوة السمعية المدركة للأصوات والألفاظ والنغمات، والقوة البصرية المدركة للأضواء والألوان، والقوة القلبية المدركة للمفهومات وأوائل المعقولات والمسلّمات المقبولات".
3 وتارة يُراد بالسمع: "سماع المواعظ والحِكم القرآنية والآيات الإلهية"، وبالبصر: "مشاهدة أولياء الله وأحبائهم ومعارفهم وتصديق حالهم"، وبالفؤاد: "الروح القدسي الواصل إلى الله تعالى بنور العرفان".
وهذه المعاني الأخيرة مما لا اشتراك لجميع الناس فيه، بل يختصّ بـ "المقرّبين".
وكذلك معانيها المتوسطة مما لا يشترك الجميع فيه إلّا أنّها أشمل وجودًا من الأخيرة، بل يختصّ بالمتوسطين من الناس وهم "أصحاب اليمين والسعادة العملية" الفائزون بنعيم الآخرة بميراث عملهم إنْ لم يكن أعمالهم مشوشة مغشوشة بالجهل المركّب والاستبداد بالرأي، والخروج من صفو الاستعداد المطلق بالأكدار الاعتقادية الباطلة والوهمية في أحوال المبدء والمعاد.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد