ثمة ارتباط وثيق بين الأخلاق والعقائد، فإذا كانت العقائد تشكل البنى التحتية والأسـس الرصينة للدين الإسلامي فإن الأخلاق هي الأخرى ركيزة هي من أهم ركائز هذا الدين.
صحيح أن العقائد مهمة جداً بالنسبة للمسلم، ولكن يمكن أن تنحرف هذه العقائد أو تزول إذا لم يبادر المرء إلى تـزكية نـفسه وتهذيب أخلاقه، وهذه حقيقة لم نكن لنتوصل إليها لولا أن كشف عنها القرآن الكريم؛ لأن الاعتقاد السائد هو وجود نوع من الحدود بين الأخلاق والعقائد، إلا أننا إذا رجعنا إلى القرآن الكريم والروايات الواردة في تفسير بـعض الآيات القرآنية، يتضح لنا أن بعض العادات والأخلاق تحول دون الإيمان.
مثال ذلك نصارى نجران الذين دعاهم الرسول (صلى الله عليه وآله) للمباهلة، حيث امتنعوا عن اعتناق الإسـلام لا بـسبب أنهم لم يدركوا حقيقته، وإنما بـسبب حـبهم لبعض المحرمات مثل الخمر ولحم الخنزير، حيث كان عليهم أن يهجروها لو دخلوا في الإسلام وآمنوا به.
إذن، ليس هناك حد فاصل بين الأخلاق والاعتقادات، بمعنى أن العـقيدة لا تـُستحصل فقط بطريق العقل والدليـل، وإنـما هناك صلة مباشرة بين الاثنين؛ إذ إن الأخلاق الطيبة الحسنة يمكن أن تمهد لإيمان المرء، كما حصل في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) حينما آمن الكثير من الناس بالنبي (صلى الله عليه وآله) بـسبب صـدقه وأخلاقه الحسنة. يقول تعالى عن النصارى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: 82 ـ 83]
فالنصارى خلاف اليهود الذين كانوا ينطلقون من نفس استكبارية معاندة، وكانوا يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار، ولهـذا قال تعالى عن اليهود: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ﴾ [المائدة: 82].
ومـن هنا تتضح العلاقة بين الأخلاق والعقائد؛ إذ إن التواضع هو سبب قرب النصارى من المسلمين وإيمانهم،أاما التكبر والغـرور فـهو سبب بُعد اليهود وعداوتهم للمؤمنين.
واعتبر القرآن الكريم أيضاً أن أخلاق إبليس هي السـبب فـي كـفره وطرده من رحمة الله، لا لكونه جهل السبب في سجوده لآدم، فالقرآن عُني بمسألة استكبار إبليس وقال: ﴿أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34].
فالأخلاق السيئة تمنع الإيمان، كما أن الصفات الذميمة بإمكانها أن تزيل الإيمان حتى وإن كـان صـاحبها قد قام بأعمال حسنة وعرض نفسه للمخاطر في ميادين الجهاد قال تعالى في المنافقين ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 77]، فقد كان هـؤلاء مؤمنين عاهدوا الله أن ينفقوا أموالهم في سبيله إن أغناهم من فضله، لكنهم نقضوا عهدهم فزال إيمانهم وظهر النفاق في قلوبهم.
إذن يجب ألاّ ننظر إلى تزكية النفس وتهذيب الأخلاق بعين الاستصغار، فإذا غفل المرء عـن عـيوبه ولم يبادر إلى إصلاحها أدى به الأمر إلى الشرك والإلحاد والكفر، فالتأكيد الذي جاء في كتاب الله في مسألة التزكية وحصر الفلاح فيها ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ إنما يكشف عن أهمية هذه المسألة وعظمها، لأن الأخلاق تـلعب دوراً كـبيراً في حياة الإنسان الذي ينتظره مستقبل خطير جداً لو لم يبادر إلى مراقبة نفسه ومعالجة سوء أخلاقه.
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ جعفر السبحاني
حيدر حب الله
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد هادي معرفة
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
(وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
النزارية والمستعلية والدروزية والمقنعة
مستحقو الزّكاة
قلق الرياضيات، قلق حقيقي، ولكن هناك مقاربات للتعامل معه وإدارته
الإسماعيليّة وانشعاباتها
العادة والعقل
الأسس النّظریّة للتّعلیم والتّربیة في الإسلام
الاشتغال بالبنيان في الأحاديث
العـلاقة الوثيقة بين الأخلاق والعقائد
ختم الله على قلوبهم