الشيخ الأميني
إن الذي يتجلى للباحث أمربن:
الأول: أنه ليس صلة هذا العيد بالشيعة فحسب، وإن كانت لهم به علاقة خاصة، وإنما اشترك معهم في التعيّد به غيرهم من فرق المسلمين: فقد عده البيروني في الآثار الباقية في القرون الخالية: 334: مما استعمله أهل الإسلام من الأعياد. وفي مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي: 53: يوم غدير خم، ذكره (أمير المؤمنين) في شعره (1)، وصار ذلك اليوم عيدًا وموسمًا، لكونه كان وقتًا نصّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه المنزلة العلية، وشرفه بها دون الناس كلهم.
وقال ص 56: وكل معنى أمكن إثباته مما دل عليه لفظ المولى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد جعله لعلي، وهي مرتبة سامية، ومنزلة سامقة، ودرجة علية، ومكانة رفيعة، خصصه بها دون غيره، فلهذا صار ذلك اليوم يوم عيد وموسم سرور لأوليائه. انتهى.
تفيدنا هذه الكلمة اشتراك المسلمين قاطبة في التعيّد بذلك اليوم، سواء رجع الضمير في (أوليائه) إلى النبي أو الوصي صلى الله عليهما وآلهما.
أما على الأول: فواضح. وأما على الثاني: فكل المسلمين يوالون أمير المؤمنين عليًّا شرع، سواء في ذلك من يواليه بما هو خليفة الرسول بلا فصل، ومن يراه رابع الخلفاء، فلن تجد في المسلمين من ينصب له العداء، إلا شذاذ من الخوارج مرقوا عن الدين الحنيف.
وتقرئنا كتب التاريخ دروسًا من هذا العيد، وتسالم الأمة الإسلامية عليه في الشرق والغرب، واعتناء المصريين والمغاربة والعراقيين بشأنه في القرون المتقادمة، وكونه عندهم يومًا مشهودًا للصلاة والدعاء والخطبة وإنشاد الشعر على ما فصل في المعاجم.
ويظهر من غير مورد من الوفيات لابن خلكان التسالم على تسمية هذا اليوم عيدًا: ففي ترجمة المستعلي ابن المستنصر 1: 60: فبويع في يوم عيد غدير خم، وهو الثامن عشر من ذي الحجة سنة 487 (2). وقال في ترجمة المستنصر بالله العبيدي 2 : 223: وتوفي ليلة الخميس لاثنتي عشر ليلة بقيت من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة رحمه الله تعالى. قلت: وهذه الليلة هي ليلة عيد الغدير، أعني ليلة الثامن عشر من ذي الحجة، وهو غدير خم - بضم الخاء وتشديد الميم - ورأيت جماعة كثيرة يسألون عن هذه الليلة متى كانت من ذي الحجة، وهذا المكان بين مكة والمدينة، وفيه غدير ماء ويقال: إنه غيضة هناك، ولما رجع النبي (صلى الله عليه وسلم) من مكة شرفها الله تعالى عام حجة الوداع ووصل إلى هذا المكان وآخى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: علي مني كهارون من موسى، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وللشيعة به تعلق كبير.
وقال الحازمي: وهو واد بين مكة والمدينة عند الجحفة [به] غدير عنده خطب النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة وشدة الحر. انتهى (3).
وهذا الذي يذكره ابن خلكان من كبر تعلق الشيعة بهذا اليوم هو الذي يعنيه المسعودي في التنبيه والإشراف: 221 بعد ذكر حديث الغدير بقوله: وولد علي (رضي الله عنه) وشيعته يعظمون هذا اليوم. ونحوه الثعالبي في ثمار القلوب - بعد أن عد ليلة الغدير من الليالي المضافات المشهورة عند الأمة - بقوله ص 511: وهي الليلة التي خطب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غدها بغدير خم على أقتاب الإبل، فقال في خطبته: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ، فالشيعة يعظمون هذه الليلة ويحيونها قيامًا. انتهى (4).
وذلك [ل] اعتقادهم وقوع النص على الخلافة بلا فصل فيه، وهم وإن انفردوا عن غيرهم بهذه العقيدة، لكنهم لم يبرحوا مشاطرين مع الأمة التي لم تزل ليلة الغدير عندهم من الليالي المضافة المشهورة، وليست شهرة هذه الإضافة إلا لاعتقاد خطر عظيم، وفضيلة بارزة في صبيحتها، ذلك الذي جعله يومًا مشهودًا أو عيدًا مباركًا.
ومن جراء هذا الاعتقاد في فضيلة يوم الغدير وليلته وقع التشبيه بهما في الحسن والبهجة.
قال تميم بن المعز صاحب الديار المصرية المتوفى 374 من قصيدة له ذكرها الباخرزي في دمية القصر: 38: تروح علينا بأحداقها حسان حكتهن من نشر هنه، نواعم لا يستطعن النهوض إذا قمن من ثقل أردافهنه، حسن كحسن ليالي الغدير وجئن ببهجة أيامهنه (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وهو قوله (عليه السلام): محمد النبي أخي وصنوي، وحمزة سيد الشهداء عمي، وجعفر الذي يضحي ويمسي، يطير مع الملائكة ابن أمي، وبنت محمد سكني وعرسي، منوط لحمها بدمي ولحمي، وسبطا أحمد ولداي منها، فأيكم له سهم كسهمي، سبقتكم إلى الإسلام طرًّا، على ما كان من فهمي وعلمي، فأوجبت لي ولايته عليكم، رسول الله يوم غدير خمّ، فويل ثم ويل ثم ويل، لمن يلقى الإله غدا بظلمي.
(2) وفيات الأعلام 1 : 180 رقم 74 ، ط دار صادر.
(3) المصدر السابق 5 : 230 - 231 رقم 728.
(4) ثمار القلوب في المضاف والمنسوب : 636 رقم 1068.
(1) دمية القصر وعصرة أهل العصر 1 : 113 ، ط مؤسسة دار الحياة.
حيدر حب الله
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
الشيخ علي رضا بناهيان
عدنان الحاجي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
السيد عباس نور الدين
الفيض الكاشاني
الشيخ علي المشكيني
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الرؤية الكونية
كيف يمكن إثبات القصص القرآني؟
يوم نزول جميع الخيرات والبركات
ميتافيزيقا المثنَّى؛ دُربة المعرفة إلى توحيد الله وتوحيد العالم (7)
معرض للمصاحف المخطوطة النّادرة في أسبوع الغدير الدّوليّ
لقاء سماويّ القسمات
ماذا نصنع هذا العام لعيد الغدير؟
ماذا لو لم يكن الانفجار العظيم هو بداية الكون؟
هل توجد علاقة بين السورة القرآنية واسمها؟
آل إبراهيم والرّاشد يقدّمان في الكويت دورة بعنوان: أسرار النّجاح في العلاقة الزّوجية