من التاريخ

أمير المؤمنين عليه السلام عند شهادة محمّد بن أبي بكر


من خطبةٍ لأمير المؤمنين عليه السّلام لمّا بلغَه دخولُ جيش معاوية إلى مصر وغلبتهم عليها، وشهادة محمّد بن أبي بكر رضوان الله عليه، وقد حزن عليه حتّى بان فيه، ورُؤيَ في وجهه عليه السلام، قام خطيباً فحَمِدَ الله وأثنى عليه، وصلّى على رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثمّ قال:
«ألا إنَّ مصرَ قد افتَتَحها الفَجَرةُ، أُولُو الجَوْرِ والظُّلْمِ، الّذينَ صَدُّوا عن سبيلِ الله، وبَغَوا الإسلامَ عِوَجاً. ألَا وإنَّ مُحمّدَ بنَ أبي بكرٍ قد استُشْهِدَ، فَعِندَ الله نَحتَسِبُهُ، أمَا والله إنْ كان - كما علمتُ - لَمِمّن يَنتظرُ القَضاءَ، ويَعمَلُ لِلجَزاءِ، ويُبْغِضُ شَكلَ الفاجِرِ، ويُحِبُّ هَدْيَ المُؤمن.
إنِّي واللهِ ما أَلومُ نفسي على التّقصيرِ، وإنِّي لِمقاساةِ الحَربِ لَجِدُّ خَبيرٌ، وإنّي لَأُقْدِمُ على الأمرِ، وأَعرِفُ وَجهَ الحَزْمِ، وأقومُ فيكُم بِالرّأيِ المُصِيبِ، فأَستَصرِخُكُم مُعلِناً، وأُناديكُم نِداءَ المُستَغِيثِ مُعرِباً، فَلَا تَسْمَعُونَ لِي قَوْلًا، ولَا تُطِيعُونَ لِي أَمْراً، حتّى تَصِيرَ بِي عَواقِبُ الأُمُورِ إلى عَوَاقِبِ المَسَاءَةِ، فأَنْتُم القَومُ لا يُدْرَكُ بِكُمُ الثّار، ولا تَنقَضِي بِكُمُ الأوْطارِ. دَعَوْتُكُمْ إلى غِياثِ إِخْوَانِكُمْ، فَجَرْجَرْتُمْ جَرْجَرَةَ الْجَمَلِ الأَشْدَق، وتَثَاقَلْتُمْ إلى الأرْضِ تَثَاقُلَ مَنْ ليسَ لهُ في الجِهادِ واكتِسابِ الأجْرِ نيّة، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذَائِبٌ؛ ﴿.. كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾..». (الأنفال:6)
ـــــــــ
 (الشيخ هادي كاشف الغطاء، مستدرك نهج البلاغة، ص 65-66)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد