من التاريخ

سعد بن عُبادة


الشيخ عبد الحسين الشبستري ..

هو أبو ثابت، وقيل: أبو قيس سعد بن عُبادة بن دليم بن حارثة بن حزام بن حزيمة ابن ثعلبة الخزرجيّ، الساعدي، المدني الأنصاري وأُمه عمرة بنت مسعود.
من كبار أصحاب رسول اللّه وفضلائهم، من مشاهير الأنصار ووجهائهم.
كان سيّد الخزرج ورئيسهم بالمدينة في الجاهليّة والإسلام، ونقيب بني ساعدة، ومن أشرف ووجهاء قومه في الجاهليّة والإسلام.
كان هو وآباؤه في الجاهليّة يُعرفون بالجُود والكرم، وكان لهم حصن يُدعى أُطمًا، فكانوا ينادون عليه: من أحبّ الشحم واللحم فليأت أُطم دليم بن حارثة، وفي الإسلام كان صاحب ضيافة وكرم، وكان لرسول اللّه (ص). في كل يوم من سعد جفنة طعام يدور بها حيث دار.
كان في الجاهليّة يحسن الكتابة بالعربية، ويُحسن العوم ويُجيد الرمي، وكانت العرب تسمَّي من اجتمعت فيه تلك الخصال الثلاث بالكامل.
أسلم وصحب النبي (ص) وشهد معه واقعة بدر، وقيل: لم يشهدها، وشهد ما بعدها من الوقائع والمشاهد، وكان في جميعها حاملاً راية الأنصار فيها.
كان من النقباء الاثني عشر الذين اختارهم النبي (ص)، وكان (ص) يستخلفه في بعض الأحايين مكانه عندما يذهب للغزو.
في يوم فتح مكّة كانت راية النبي (ص) بيده، فدخلها وهو يقول: اليوم يوم الملحمة، اليوم تُستحلّ الحرمة. فسمعها رجل من المهاجرين فأعلم النبيّ (ص) بذلك، فقال (ص) للإمام أمير المؤمنين: أدركه وخُذ الراية منه وكُن أنت الذي تدخل بها، فدخل الإمام (ع) مكّة حاملاً الراية وهو يقول: اليوم يوم المرحمة، اليوم تُصان الحرمة.
قال النبي (ص) في حقه: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة.
بعد وفاة النبي (ص) اجتمع عليه الأنصار وأرادوا مبايعته بالخلافة، فمنعهم أبو بكر من ذلك، فرجع الناس إلى أبي بكر.
وبعد مبايعة الناس لأبي بكر، قال بعضهم لسعد: أما تدخل فيما دخل فيه المسلمون؟ قال: إليك عنّي، فو اللّه! لقد سمعت رسول اللّه (ص) يقول: إذا أنا متُّ تضل الأهواء ويرجع الناس على أعقابهم، فالحقّ يومئذ مع عليّ (ع)، وكتاب اللّه بيده، لا نبايع لأحد غيره.
ونُقل عنه أنّه قال: لو بايعوا عليًا (ع) لكنت أول من بايع.
ولمّا آل الأمر إلى عمر بعد أبي بكر عاتبه عمر لعدم مبايعته له، فقال سعد: واللّه! أصبحت كارهًا لجوارك.
قال الإمام أمير المؤمنين (ع): إنّ أوّل من جرّأ الناس علينا هو سعد بن عُبادة، فتح بابًا ولجه غيره وأضرم نارًا كان لهبها عليه وضوؤها لأعدائه.
روى عن النبي (ص) أحاديث، وروى عنه جماعة.
وبعد وفاة النبي (ص) لم يُبايع أبا بكر ولا عمر وانصرف إلى الشام، وسكن مدينة حوران، ولم يزل بها حتى تُوفّي، وقيل: تُوَفّي ِبِبُصرى الشام سنة 15ه، وقيل: سنة 14ه، وقيل:سنة 16ه، وقيل: سنة 11ه، وقيل قبره بإحدى قرى دمشق تُدعى المنيحة، وقيل: المزة.
وقيل في موته بأنّ عمر بن الخطاب بعث إليه محمد بن مسلمة الأنصاري وخالد بن الوليد ليقتلاه، فقتلاه وأشاعا بأنّ الجنّ قتلته.

القرآن وسعد بن عبادة
من الكلمات المتداولة عند العرب هي كلمة ((راعنا)) وكانت العرب تقولها للنبي (ص)، وتلك الكلمة في لغة اليهود تعني السبّ و الشتم القبيح، فكان اليهود يقولون: كنا نسب محمدًا (ص) سرًا، والآن نسبّه علنًا، فكانوا يأتون رسول اللّه (ص) ويقولون: يامحمد ((راعنا)) ويضحكون، ففطن بها سعد، وكان عارِفًا بلغتهم، فقال: يا أعداء اللّه! عليكم لعنة اللّه، والذي نفس محمّد (ص) بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربَنّ عُنقه، فقالوا: ألستم تقولونها، فنزلت الآية 104 من سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد