الشيخ علي الكوراني
إمامة الجواد في السابعة من عمره ظاهرة جديدة
صار التشيع في القرن الثاني بجهود أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تياراً قوياً في الأمة، حتى أنه أحدث هزة سياسية اقتلعت الحكم الأموي من جذوره، وقام بعده الحكم العباسي باسم أهل البيت (عليهم السلام).
وفي أواخر القرن الثاني كان التشيع لأهل البيت (عليهم السلام) فخراً، وكان الخليفة المأمون يعلن أنه شيعي المذهب، ويناظر الفقهاء والمتكلمين في إثبات التشيع.
وقد تأكد للناس ذلك عندما جعل المأمون ولاية عهده للإمام الرضا (عليه السلام)، وهو الإمام الثامن في سلسلة الأئمة الاثني عشر عند الشيعة.
لذا يمكن القول إن عصر الإمام الرضا (عليه السلام) كان عصر المد الفكري للتشيع.
وقد حدث أمرٌ بوفاة الإمام الرضا (عليه السلام) كان جديداً على الشيعة، وغريباً على غيرهم، هو أن الإمام الرضا (عليه السلام) كان أعلن أن الإمام بعده والحجة لله على الناس ابنه محمد الجواد (عليه السلام)، فلما توفي كان عمر الإمام الجواد (عليه السلام) نحو سبع سنين!
أما الشيعة فكان كثيرٌ منهم قالوا بإمامته من حياة أبيه بمجرد أن سمعوا منه النص على إمامته، وبعضهم كانوا مستعدين لقبول ذلك لأن الأئمة الماضين وخاصة الإمام الصادق (عليهم السلام) أخبروهم بأنهم سيبتلون بأن يكون حجة الله عليهم صبياً، كعيسى ويحيى وسليمان فقد كانوا أنبياء وهم صبيان صغار (عليهم السلام)!
وزاد من يقين الشيعة أن الإمام المعصوم عندهم لا يجهزه ويصلي عليه إلا معصوم، وأن الإمام الجواد عندما توفي أبوه الإمام الرضا في طوس، كان صبياً في المدينة، فأخبر الناس بوفاته، وأمر عائلته بإقامة المأتم، وذهب بنحو الإعجاز إلى طوس فقام بتجهيزه والصلاة عليه، ورجع إلى المدينة في ذلك اليوم!
وإن فقهاء الشيعة ورؤساؤهم اجتمعوا في بغداد، ثم زاروا الإمام الجواد في المدينة، فاقتنعوا به وأعلنوا إمامته.
من معجزات الإمام الجواد (عليه السلام)
المعصوم بذاته من أكبر معجزات الله تعالى، ففي أي جانب من شخصيته نظرت تشاهد اليد الربانية تصنعه على عين الله، وتعلمه، وتوجهه.
والإمام الجواد (عليه السلام) معجزة بهذا المعنى، ومعجزة بصغر سنه أيضاً، وقد خشع المؤمنون لما رأوه فيه من آيات الله تعالى، ولما رأوا على يده من آيات!
وقد اشتهرت معجزاته (عليه السلام) لأن موقف المأمون ومجلسه الشهير في تزويجه ابنته، دوَّى في محافل بغداد، وانتشر خبره في بلاد المسلمين.
ولكن سياسة طمس مناقب أهل البيت (عليهم السلام) وما فضلهم الله به على العالمين، كانت كفيلة بتجهيل أكثر الأمة، وشد عيونها بعصابات التعتيم والتضليل، إلى يومنا هذا!
ولذلك تجد أن علماء الحكومات ورواتها الذين يخافون من السلطة يختصرون الحديث عن الإمام الجواد (عليه السلام)، فيمدحونه، دون أن يذكروا نوع شخصيته ومعجزاته، التي أعلنها الخليفة المأمون على أعين الناس، وأقر بها الفقهاء والشخصيات!
نماذج من معجزات الإمام الجواد (عليه السلام)
شملت المعجزات المروية عن الإمام الجواد (عليه السلام) عدة مجالات، من إحياء الموتى، وشفاء المرضى بإذن ربه، والإخبار عما في الضمير بتعليم ربه، والإخبار عن المستقبل، واستجابة دعائه لأشخاص، وإجابة دعائه على آخرين، وظهور بركته حيث توضأ على شجرة يابسة فاخضرت وأثمرت في الحال، وتحول ورق الزيتون بيده إلى دراهم، وطي الأرض له ولمن أراد.. إلى آخر ما شاهده منه القريب والبعيد.
فقد روى الطبري الشيعي بأسانيده في دلائل الإمامة / 398 - 400: (قال إبراهيم بن سعد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضرب بيده إلى ورق الزيتون فيصير في كفه ورقاً (دراهم) فأخذت منه كثيراً وأنفقته في الأسواق فلم يتغير..
قال محمد بن العلاء: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يحج بلا راحلة ولا زاد من ليلته ويرجع، وكان لي أخ بمكة لي عنده خاتم، فقلت له: تأخذ لي منه علامة، فرجع من ليلته ومعه الخاتم..
حدثنا محمد بن عمر قال: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) يضع يده على منبر فتورق كل شجرة من نوعها، وإني رأيته يكلم شاة فتجيبه.
قال عمارة بن زيد: رأيت محمد بن علي (عليه السلام)، فقلت له: يا ابن رسول الله، ما علامة الإمام؟ قال: إذا فعل هكذا. فوضع يده على صخرة فبانت أصابعه فيها. ورأيته يمد الحديد بغير نار، ويطبع الحجارة بخاتمه..
قال لي محمد بن علي بن عمر التنوخي: رأيت محمد بن علي (عليه السلام) وهو يكلم ثوراً فحرك الثور رأسه فقلت: لا ولكن تأمر الثور أن يكلمك. فقال: عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيء. ثم قال للثور: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقال! ثم مسح بكفه على رأسه. ونحو ذلك في نوادر المعجزات.
وفي الثاقب في المناقب / 526: عن إسماعيل بن عباس الهاشمي قال: جئت إلى أبي جعفر (عليه السلام) يوم عيد، فشكوت إليه ضيق المعاش، فرفع المصلى فأخذ من التراب سبيكة من ذهب فأعطانيها. فخرجت بها إلى السوق فكان فيها ستة عشر مثقالاً من الذهب.
وفي الكافي (1 / 492): عن علي بن خالد، وكان زيدياً قال: كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجل محبوس أتي به من ناحية الشام مكبولاً وقالوا: إنه تنبأ! قال علي بن خالد: فأتيت الباب وداريت البوابين والحجبة حتى وصلت إليه فإذا رجل له فهم، فقلت: يا هذا ما قصتك وما أمرك؟ قال إني كنت رجلاً بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال له: موضع رأس الحسين، فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي قم بنا، فقمت معه فبينا أنا معه إذا أنا في مسجد الكوفة، فقال لي: تعرف هذا المسجد؟ فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة، قال: فصلى وصليت معه، فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) بالمدينة، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلمت وصلى وصليت معه وصلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبينا أنا معه إذا أنا بمكة، فلم أزل معه حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه. فبينا أنا معه، إذا أنا في الموضع الذي كنت أعبد الله فيه بالشام، ومضى الرجل!
فلما كان العام القابل إذا أنا به فعل مثل فعلته الأولى، فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفارقتي قلت له: سألتك بالحق الذي أقدرك على ما رأيت إلا أخبرتني من أنت؟ فقال: أنا محمد بن علي بن موسى.
قال: فتراقى الخبر حتى انتهى إلى محمد بن عبد الملك الزيات، فبعث إلي وأخذني وكبلني في الحديد وحملني إلى العراق! قال فقلت له: فارفع القصة إلى محمد بن عبد الملك ، ففعل وذكر في قصته ما كان.
فوقع في قصته: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة، ومن الكوفة إلى المدينة، ومن المدينة إلى مكة، وردك من مكة إلى الشام، أن يخرجك من حبسك هذا! قال علي بن خالد فغمني ذلك من أمره، ورققت له وأمرته بالعزاء والصبر قال: ثم بكرت عليه فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله، فقلت ما هذا؟ فقالوا: المحمول من الشام الذي تنبأ، افتقد البارحة فلا يدري أخسفت به الأرض، أو اختطفه الطير.
هذا، ومعجزات النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) كثيرة محسوسة، سواء في حياتهم أو بعد مماتهم، في التوسل بقبورهم المقدسة، أو بأسمائهم الشريفة، وقد ظهرت للقاصي والداني. ووثقت المؤلفات قديماً وحديثاً، وأمانة مشاهدهم المشرفة كثيراً من ذلك.
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
السيد جعفر مرتضى
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد الريشهري
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
اشتقاق لفظة القرآن
القرآن مجد وعظمة ومتانة ووضوح
الفلسفة، أهدافها ومراكزها
الاعتقاد بعقل الآخرين
الإمام الجواد (ع) ومحنة الإمامة
الإمام الجواد (ع) الزعيم والقائد والوصي
إمامة الجواد عليه السلام ظاهرة وإعجاز
مواقف تجاه إمامة الجواد عليه السلام
كيف ينشأ العلم الإجمالي؟
موجز عن تاريخ الشيعة الاثني عشرية