كان عليّ صلبًا في الحق لا تأخذه فيه لومة لائم. ولم يكن الحقّ في مفهومه ما كان امتدادًا لذاته وسلطانه. فقد تساهل في حقوقه الخاصة حتى استغل أعداؤه هذا التساهل، فعفا عن مروان بن الحكم بعد أن ظفر به في وقعة الجمل، وعن عمرو بن العاص حين تمكن منه يوم صفين، وسقى أهل الشام من الماء بعد أن منعوه منه، حتى كاد يهلك جنده عطشًا.
وإنما كان الحق في مفهومه أن لا يستأثر إنسان على إنسان بشيء كائنًا من كان. جاءته امرأتان ذات يوم تشكوان فقرهما، فأعطاهما. ولكن إحداهما سألته أن يفضلها على صاحبتها، لأنها عربية، وصاحبتها من الموالي. فأخذ قبضة من تراب، ونظر فيه، وقال: لا أعلم أن اللّه فضّل أحدًا من الناس على أحد إلا بالطاعة والتقوى.
وطلب أخوه عقيل، وهو ابن أمه وأبيه شيئًا من بيت المال، فمنعه. وأرادت ابنته أم كلثوم أن تتزين يوم العيد بعقد من بيت المال، على أن تردّه عارية مضمونة، حين كان أبوها خليفة، فغضب. وطلب طلحة والزبير الوظيفة على أن يناصراه، وإلّا عارضا وأثارا عليه حربًا شعوا ، فأبى، ولما أشير عليه أن يخادعهما ويخادع معاوية حتى يستقيم له الأمر، فقال: لا أداهن في دين ، ولا أعطي الدنية في أمري.
وأبى أن ينزل القصر الأبيض بالكوفة إيثارًا للخصاص التي يسكنها الفقراء... وكان يلبس المرقع حتى استحيا من راقعه، كما قال، وكان راقعه ولده الحسن. ويأكل الخبز الشعير تطحنه امرأته بيدها مؤاساة للكادحين والمعوزين. وأثنى عليه رجل من أصحابه، فأجابه بقوله: إن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس أن يظنّ بهم حبّ الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون رجال في ظنكم أني أحبّ الإطراء واستماع الثناء... فلا تكلموني بما تكلّم به الجبابرة.
وكان منكرًا لذاته متوجهًا بكل تفكيره إلى خير الجماعة، لا يبالي بغضب الخاصة إذا رضيت العامة. ويقول: إن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة. لذا افتتنت به الجماهير في عصره وبعد عصره وبوأته أعلى مكان، لأنه العنوان الكامل لآمالها وأمانيها. ومنهم من رفعه إلى مكان الآلهة، كما فعل الغلاة، وبحق قال له النبي: يا علي إن اللّه قد زينك بأحب زينة لديه، وهب لك حبّ المساكين، فجعلك ترضى بهم اتباعًا، ويرضون بك إمامًا.
لقد بالغ عليّ في تمسكه بالحق، وحاسب عليه نفسه وعماله، حتى أغضب الكثير منهم، وبعضهم تركه وهرب إلى عدوّه معاوية، وأصبح عونًا له بعد أن كان حربًا عليه.
آمن علي باللّه وبالإنسان. وقد ورث عنه الأئمة من ولده هذا الايمان وساروا بسيرته. وتخلقوا بأخلاقه، فكل واحد منهم وافر العلم، محب للخير والسلم، عزوف عن الشر والحرب، صارم في الحق. وإنما ظهر بعض هذه الصفات في شخص أحدهم أكثر من الآخرين تبعًا للظروف ومقتضيات الأحوال.
ظهر في الحسن بن علي حبه للسلم وكرهه للحرب، لأن عصره كان عصر الفتن والقلاقل، بايعه أهل العراق بعد وفاة أبيه بالخلافة، وكان جيشه يتألف من أربعين ألفًا. ولـمّا رأى أن معاوية مصرّ على الحرب، تنازل له عن الخلافة مؤثرًا حقن الدماء وصالح الإسلام على كل شيء... وظهرت صلابة الحسين في الحق، وضحّى بنفسه وأهله وأصحابه، لأن يزيد بن معاوية لم يترك مجالا للمهادنة. وظهرت آثار علوم الإمام محمد الباقر وولده الإمام جعفر الصادق، لأن العلم في عصرهما كثر طلابه والراغبون فيه، وقد أفسح لهما المجال للتدريس وبثّ العلوم.
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
عدنان الحاجي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ شفيق جرادي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
الشيخ علي الجشي
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب
ضرورة التربية
بين عليّ (ع) وبعض أبنائه
الفتنة الغالبة (1)
شعبان ورمضان: شهرا التجلي والمعنويات
سرّ أسلوب مذاكرة الدّروس الفعّالة
(فضول الفنّ) معرض للفنّانة الواعدة زمان الغريافي
مهرجان تراثيّ في تاروت بمناسبة القرقيعان
لسان القرآن
آيات القرآن الكريم القاطعة في الإخبار بالغيب
الوصول إلى الحبّ الحقيقيّ