الشيخ عباس القمي ..
السخاء عكس البخل ، والسخاء ، من معالي الأخلاق ، والسخي ممدوح أهل الآفاق ، ومحبوب أهل الأرض والسماء ، فإنّ اسمَ حاتم الطائي على الرغم من توالي الدهور ما زال جارياً على الألسنة بالمدح والثناء.
وفضل هذه الصفة ظاهر وواضح ، والمتّصف بها محبوب من الخالق والمخلوق ومستحسنهما.
ويكفي في مدح هذه الصفة أنّ الباري ـ عزّوجلّ ـ وصف نفسه بها ، وكم من عطية نزلت منه ـ تعالى ـ عند سماعه نداء عبده «يا جواد يا كريم».
وروي عن خير المرسلين محمّد (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : «إنّ الله يحبُّ الجواد في حقّه»(1).
وروي عن وصيِّه علي أمير المؤمنين قوله : «جود الفقير يُجلُّه ، وبُخل الغنيّ يُذلّه» و«جود الرجل يُحبّبه إلى أضداده ، وبخله يُبغّضه إلى أولاده» «السخاء خُلق الأنبياء» و«أشجع الناس أسخاهم» و«السخاء ثمرة العقل» و«السخاء سِتر العيوب» و«السخاء يُكسب المحبّة ويُزيّن الأخلاق»(3).
.. إنما كان المال لراحة العيش والعمر، ولم يكن العمر لجمع المال ، سُئِلَ عاقلٌ : مَن هو حسن الحظ ومن هو سيئه؟
فقال: حسن الحظ مَن أكل وزرع ، وسيء الحظ من مات فأخذ ماله وانقطع ذكره.
وقد نصح موسى الكليم (عليه السّلام) قارون ، فقال له: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] فلم يُصغِ لنصيحة نبيّ الله، فكانت عاقبته : {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص : 81].
وقال بعض العلماء: ماتَ اثنان في الحسرة: الأوّل مَلَك ولم يأكل ، والآخر عَلِمَ ولم يعمل.
بعد أنْ علمت قدر فضيلة السخاء ، فاعلم أنّه على نوعين من العطاء والإنفاق :
الأول : الإنفاق الواجب كالخمس والزكاة ونفقة العِيال وما شابه (4).
والثاني : العطاء المستحبُّ كالصدقة والهديّة والضيافة والحقّ المعلوم وحق الحصاد، وإعطاء القرض، وإعانة المسلمين، وبناء المسجد والمدرسة، وحفر قنوات الماء، وطبع الكتب العلمية الدينية ونحو ذلك من الصدقات الجاريات والباقيات الصالحات.
ملاحظة :
الحقُّ المعلوم : من غير الزكاة ، وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله ، يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته ، وسَعة ماله ، فيؤدّي الذي فرض على نفسه إن شاء في كل يوم ، وإن شاء في كل جمعة ، وإن شاء في كل شهر(5).
حقُّ الحصاد : هذا من الصدقة يعطى المسكين القبضة بعد القبضة ومن الجواد الحفنة (ملؤ الكف) بعد الحفنة حتى يفرغ.
ويُعطى الحارس أجراً معلوماً ، ويترك من النخل معافارة وأمّ جعرور، ويترك للحارس يكون في الحائط العذق والعذقان والثلاثة لحفظه إيّاه (6).
___________________________
1ـ السخاء : (ضد البخل ، وهو من ثمرة الزهد ، كما أنّ البخل من ثمرة حبّ الدنيا ، ولاريب في كون الجود والسخاء من أشرف الصفات ومعاني الأخلاق، وهو أصل من أصول النجاة وأشهر أوصاف النبيين ، وأعرف أخلاق المرسلين) جامع السعادات : ج1، ص 365، ط ، النجف.
2ـ بحار الأنوار : ج 77، ص 139، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «الجنّة دار الأسخياء» ، وقال الامام الصادق (عليه السلام)لبعض جلسائه : «ألا أخبركَ بشيء تقرّب به من الله وتقرّب من الجنة وتباعد من النار؟ فقال : بلى. فقال : (عليك بالسخاء). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «السخاء شجرة تنبت في الجنّة ، فلا يلج الجنّة الاّ سخي».
3ـ تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم : ص377 ط، مركز الأبحاث والدراسات الاسلامية.
4ـ الطبرسي في مشكاة الأنوار : ص 233: (سُئِلَ أبو عبدالله (عليه السلام) عن حدِّ السخاء فقال : تخرج من مالك الحق الذي أوجبه الله عليك فتضعه في موضعه) وقال (عليه السلام): «السخي الكريم الذي ينفق ماله في حق».
5- الكافي : ج3 ، كتاب الزكاة ، باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ، ح8 عن الصادق (عليه السلام) ، وجامع السعادات : ج2، ص157، ط النجف.
6- الكافي : ج3 ، كتاب الزكاة، باب الحصاد ، ح2 عن الإمام الباقر (عليه السلام).
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد مصباح يزدي
الشيخ محمد جواد البلاغي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد عبد الأعلى السبزواري
محمود حيدر
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الحب في اللّه
العرفان الإسلامي
جمعية العطاء تختتم مشروعها (إشارة وتواصل) بعد 9 أسابيع
الرؤية القرآنية عن الحرب في ضوء النظام التكويني (2)
قول الإماميّة بعدم النّقيصة في القرآن
معنى كون اللَّه سميعًا بصيرًا
الصابئة، بحث تاريخي عقائدي
الاستقامة والارتقاء الروحي
إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا
ماهية الميتايزيقا البَعدية وهويتها*