السيّد محمّد باقر الصدر
لنستحضر عليًّا عليه السلام وهو في آخر لحظة من لحظات حياته عليه السلام، حينما قال: «فزتُ وربِّ الكعبة».
هل كان عليٌّ أسعد إنسان، أم لم يكن كذلك؟
هنا مقياسان:
فتارة نقيس عليًّا عليه السلام بمقياس الدنيا.
وأخرى نقيس عليًّا بمقاييس الله سبحانه وتعالى.
هذا الإسلام الشامخ العظيم الذي يأكل الدنيا شرقًا وغربًا، بُني بدم عليّ عليه السلام، وبخفقات قلبه وآلامه، كان عليٌّ شريك البناء بكلّ المحن والآلام، أي لحظة محرجة وجدت بتاريخ هذا البناء، ولم يكن عليّ عليه السلام هو الإنسان الوحيد الذي يتّجه إليه نظر البنّاء الأول صلّى الله عليه وآله، ونظر المسلمين جميعًا؟
جهاد علي كان القاعدة لقيام هذه الدولة الواسعة الأطراف، لكن ماذا حصّل عليّ عليه السلام من كل هذا البناء في مقاييس الدنيا؟
ماذا حصّل غير الحرمان الطويل، والإقصاء عن حقّه الطبيعي بقطع النظر عن نصٍّ أو تعيين من الله سبحانه وتعالى؟ كان حقّه الطبيعي أن يحكم بعد أن يموت النبيّ صلّى الله عليه وآله، لأنه الشخص الثاني عطاء للدعوة وتضحية في سبيلها.
أُقصي عن حقّه الطبيعي وقاسى ألوان الحرمان، وأُنكرت عليه كل امتيازاته.
إذاً، فعليٌّ عليه السلام حينما واجهه عبد الرحمن بن ملجم بتلك الضربة الغادرة على رأسه الشريف، كان ماضيه كلّه ماضي حرمان وألم وخسارة لم يكن قد حصل على شيء منه، لكن الأشخاص الذي حصلوا على شيء عظيم من هذا البناء هم أولئك الذي لم يساهموا فيه، وكانوا على استعداد دائم للتنازل، أمّا هذا الإمام الممتحن الذي لم يفرّ لحظة ولم يتلكّأ في أي آن، ولم يتلعثم في قول أو عمل، هذا الإمام العظيم لم يحصل على أي مكسب من هذا البناء.
كان الإمام عليّ عليه السلام يرى بعين الغيب أنّ عدوّه اللدود سوف يطأ منبره، ومسجده، وسوف ينتهك كل الحرمات والكرامات التي ضحّى وجاهد في سبيلها، وسوف يستقلّ بهذه المنابر التي شُيِّدت بجهاده وجهوده ودمه، ويستغلّها في لعنه وسبّه عشرات السنين. هو الذي كان يقول لبعض الخلّص من أصحابه إنّه سوف يعرَض عليكم سبّي ولعني والبراءة منّي، أمّا السبّ فسبّوني، وأمّا البراءة فلا تتبرّأوا منّي.
كان ينظر بعين الغيب إلى المستقبل، لم يكن يرى في المستقبل نوعًا من التكذيب يتدارك به هذا الحرمان، الأجيال التي سوف تأتي بعد أن يفارق الدنيا، كانت ضحية مؤامرة أموية جعلتها لا تدرك أبدًا دور الإمام عليّ عليه السلام في بناء الإسلام.
هذا هو حرمان الماضي وهذا هو حرمان المستقبل.
وبالرغم من كل هذا قال عليه السلام: «فزتُ وربِّ الكعبة»، قالها حينما أدرك أنّها اللحظة الأخيرة وأنّ خطّ جهاده انتهى وهو في قمّة جهاده، وأنّ خطّ محنته انتهى وهو في قمّة صلاته وعبادته، لأنّه لم يكن إنسان الدنيا.
هذا الرجل العظيم قال: «فزتُ وربِّ الكعبة»، كان أسعد إنسان لأنه كان يعيش لهدفه، ولم يكن يعيش لمكاسبه، ولم يتردد لحظة وهو في قمّة هذه المآسي والمحن، في صحة ماضيه، وفي صحة حاضره، في أنّه أدى دوره الذي كان يجب عليه.
يجب أن نستشعر دائماً أن السعادة في عمل العامل لا تنبع من المكاسب التي تعود إليه نتيجةً لهذا العمل.
يجب أن لا نجعل مقياس سعادة العامل في عمله هو المكاسب والفوائد التي تنجم عن هذا العمل، وإنّما رضى الله سبحانه وتعالى وحقانية العمل، كون العمل حقًّا وكفى.
لئن ضيّع هؤلاء السعادة ولئن ضيّعوا فهمهم، ولئن استولى عليهم الغباء فخلطوا بين عليٍّ عليه السلام ومعاوية، لئن انصرفوا عن عليٍّ عليه السلام وهم في قمة الحاجة إليه، فهناك من لا يختلط عليه الحال، مَن يميّز بين عليٍّ عليه السلام وبين أيّ شخص آخر، هناك مَن أعطى لعليٍّ عليه السلام نتيجة لعمل واحد من أعماله: مثل عبادة الثقلين. ذاك هو الحقّ وتلك هي السعادة.
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقة الجدلية بين التدين والفهم
الأجر الأخروي: غاية المجتمع
أمسية للشّاعرة فاطمة المسكين بعنوان: (تأمّلات في مفهوم الجمال بين الشّعر والفلسفةِ)
العظات والعبر في نملة سليمان
الكوّاي تدشّن إصدارها القصصيّ السّادس (عملاق في منزلنا)
اكتشاف أقدم أبجديّة معروفة في مدينة سوريّة قديمة
محاضرة للمهندس العلي حول الأنماط الحياتيّة من التّراث الدّينيّ
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (2)
الأمّة المستخلفة
المعنى في دُنُوِّهِ وتعاليه (1)