مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
عن الكاتب :
فيلسوف، مفسر وعالم دين إسلامي و مرجع شيعي، مؤسس مؤسسة الإسراء للبحوث في في مدينة قم الإيرانية

العمران والتكنولوجيا فـي الدولة المهدويّة

تطورٌ في العمران

قد يُتوهّم أنّ تشكيل الحكومة المهدويّة مظهرٌ لرجوع البشر إلى الوراء في شكل حياةٍ بدويّةٍ، مع أنّ الأمر على العكس تماماً؛ إذ سيشهد ذلك العصر النيّر عهداً من التطوّر الصناعيّ والتكنولوجيّ، والتقدّم الجوهريّ على جميع الأصعدة.

فمجال العمران والتنمية سيبلغ أعلى درجات الكمال، ما يشمل معه المساجد باعتبارها مصدر الفكر والتقدّم. وقد أشارت جملةٌ من الروايات إلى مدى التطوّر الصناعيّ والعمرانيّ المشهود في عصر الظهور. وإليك مثالاً عنه: عن مولانا أبي عبد الله عليه السلام قال: "إنّ قائمنا إذا قام، يُبنى له في ظهر الكوفة مسجدٌ له ألف بابٍ، وتتّصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء"(1).

 

إشارات

ثمّة إشارات عدّة تثبت تطوّر العمران والتنمية، نذكر منها:

- الأولى: إنّ الإنسان الصالح لـمّا كان خليفة الله، كان مأموراً بتعمير الأرض: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ (هود: 61).

- الثانية: إنّ نشر العدل وتوزيع الثروات بشكلٍ عادل وتقديم الخدمات على أساس العدالة بين الناس، ينفي توهّم اختصاص التطوّر العمرانيّ في الكوفة.

- الثالثة: إنّ الارتباط بالحكومة المركزيّة العادلة مطلقاً يستلزم حصول التنمية والانسجام السياسيّ والاجتماعيّ، كما أنّ بسط هذا النحو من العهد والميثاق يفضي إلى اتّساع رقعة العمران طرّاً.

 

تطوّرٌ في التكنولوجيا

كما سيرافق هذا العصر تطوّر صناعيّ وتكنولوجيّ خارقٌ للعادة، فلا يحول حائلٌ بين الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف وبين أصحابه، فيتمكّنون من سماعه ورؤيته في كلّ مكانٍ. عن مولانا أبي عبد الله عليه السلام قال: "إنّ قائمنا إذا قام، مدّ الله عزّ وجلّ شيعتنا في أسماعهم وأبصارهم، حتّى لا يكون بينهم وبين القائم بريدٌ، يكلّمهم فيسمعون، وينظرون إليه وهو في مكانه"(2).

نعم، لعلّ المراد من هذا الحديث حصول عناية خاصّة في حقّ أصحاب الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، فتزداد قدرتهم على السمع والبصر بشكل خارقٍ للعادة. وحتّى لو لم يكن الحديث بصدد بيان كرامة أو أمر خارق للعادة، إلّا أنّه يُظهر مدى التقدّم الصناعيّ والتكنولوجيّ في عصر الظهور. كما يمكن الآن شهود قسم منه عمليّاً في الثورة التكنولوجيّة في مجال الاتّصالات، والأقمار الصناعيّة، وسائر وسائل الاتّصالات الحديثة وشبكة الإنترنت ونحوها، ممّا يمكن اعتباره إرهاصاً وعلامة من علامات الظهور، إلّا أنّ هذا التقدّم والتطوّر سيكتمل على أتمّ وجهٍ له في زمان الظهور؛ لتتحقّق حكمة القائم بالحقّ عجل الله تعالى فرجه الشريف آنذاك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العلامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 97، ص 385.

(2) الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج 8، ص 240.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد