مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ مرتضى الباشا
عن الكاتب :
الشيخ مرتضى الباشا، من مواليد سيهات في 1395 هـ، التحق بالحوزة العلميّة ودرس على مجموعة من علمائها، له كثير من النّشاطات والمشاركات عبر مواقع الإنترنت، وله العديد من المؤلفات منها: الحبوة في مناسك الحج، أسرار الحج في كلمات العلماء، ذبائح أهل الكتاب (دراسة مقارنة)، فيه آيات بينات، ومذاكرات في التقريب والوحدة (المنهج التقريبي السليم).

معنى الدعاء (ونعمة وازعة)

جاء في أدعية شهر رجب (أن تتغمدني في هذا الشهر برحمة منك واسعة، ونعمة وازعة، ونفس بما رزقتها قانعة)، فما معنى وازعة؟

 

قال الله سبحانه (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل: 19].

 

 وقال تعالى (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي  إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [الأحقاف: 15].

 

(الوَزْعُ) كَفُّ النفْسِ عن هَواها. [لسان العرب، ج ٨، ص ٣٩٠].

 

ومعنى (أوزعني أن أشكر نعمتك) أي أَلْهِمْني وأَولِعْني بالشكر والذكر، وذلك بكفّي وإبعادي عن كل الأمور التي تبعدني وتشغلني عنك، حتى يصدق قوله (أنْ تَجْعَلَ اَوْقاتي مِنَ (فِي) اللَّيْلِ وَالنَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، وَأعْمالي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً حَتّى تَكُونَ أعْمالي وَأوْرادي (وَإرادَتي) كُلُّها وِرْدًا واحِدًا وَحالي في خِدْمَتِكَ سَرْمَدًا).

 

والحاصل:

 

(أن تتغمدني في هذا الشهر برحمة منك واسعة، ونعمة وازعة، ونفس بما رزقتها قانعة) هذا دعاء وطلب (رحمة واسعة + نعمة الكفّ والابتعاد عن كل ما يشغل عن ذكر الله وعبادته + نفس تقنع برزق الله تعالى وتشكره على نعمه) وأن تستمر هذه الأمور الثلاثة مع الإنسان إلى نهاية حياته الدنيوية (إلى نزول الحافرة ومحل الآخرة وما هي إليه صائرة).

 

عن الزهريّ قال: دخلت مع عليّ بن الحسين (عليهما الصلاة والسلام) على عبد الملك بن مروان، قال: فاستعظم عبد الملك ما رأى من أثر السجود بين عيني عليّ بن الحسين (عليهما السّلام).

 

فقال: يا أبا محمّد لقد بيّن عليك الاجتهاد، ولقد سبق لك من اللّه الحسنى، وأنت بضعة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله (قريب) النسب وكيد السبب، وإنّك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك، ولقد أوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك إلّا من مضى من سلفك، وأقبل [ عبد الملك ] يثني عليه [ و ] يطريه.

 

قال: فقال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) : كلّ ما ذكرته ووصفته من فضل اللّه سبحانه وتأييده وتوفيقه، فأين شكره على ما أنعم، يا أمير المؤمنين ؟ كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقف في الصلاة حتى ترم قدماه، ويظمأ في الصيام حتى يعصب فوه [العصب: جفاف الريق في الفم] فقيل له: يا رسول اللّه ألم يغفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ فيقول (صلّى اللّه عليه وآله): أفلا أكون عبدا شكورًا ؟! الحمد للّه على ما (أولى وأبلى)، وله الحمد في الآخرة والأولى، واللّه لو تقطعت أعضائي، وسالت مقلتاي على صدري، لن أقوم للّه جلّ جلاله بشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه التي لا يحصيها العادّون، ولا يبلغ حدّ نعمه منها (على) جميع حمد الحامدين، لا واللّه أو يراني اللّه لا يشغلني شيء عن شكره وذكره، في ليل ولا نهار ولا سرّ ولا علانية، [ و ] لولا أنّ لأهلي عليّ حقًّا، ولسائر الناس من خاصّهم وعامّهم عليّ حقوقًا، لا يسعني إلّا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى أؤدّيها إليهم لرميت بطرفي إلى السماء، وبقلبي إلى اللّه ثمّ لم أرددهما حتى يقضي اللّه على نفسي وهو خير الحاكمين، وبكى عليه السّلام وبكى عبد الملك. [العوالم، الإمام علي بن الحسين (ع) ج ٢، ص ١٠٠].

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد