صلاة الجمعة
الخطبة الأولى
في رحاب دعاء أبي حمزة الثمالي
الخطبة الثانية
إصلاح ذات البين
سماحة الشيخ محمد الأحمد ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتفضل فلا يبلغ مدحته الحامدون المنعم فلا يحصي نعمته العادون الكريم فلا يحصر مدى كرمه الحاصرون الكامل في ذاته وصفاته فلا يقدر على إدراكه المجتهدون القديم فلا أزلي سواه الباقي فكل شيءٍ فانٍ عداه، القادر فكل موجودٍ منسوبٌ إلى قدرته، العالم فكل مخلوقٍ مندرجٌ تحت عنايته نحمده على إفضالٍ أسداه إلينا، ونشكره على نوالٍ تكرم به علينا، ونستزيده من نعمة الجسام ونسترفده من عطاياه العظام والصلاة والسلام على أشرف النفوس الزكية وأعظم الذوات القدسية سيدنا محمد وعترة الهادية المهدية.
اللهم صلّ على محمدٍ وآل محمد ..
صلاةً دائمةً باقيةً إلى يوم الدين أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى واتباع أوامره واجتناب معاصيه وردّ في دعاء أبي حمزة الثمالي يا مولاي بذكرك عاش قلبي وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني في هذا المقطع من هذا الدعاء العظيم إشارة إلى شيءٍ مهم يتعلق بحياة الإنسان المعنوية فالإنسان أمامه حياتنا حياةٌ مادية وحياة معنوية الحياة المعنوية لها لوازم الحياة المعنوية لها نتائج لها شروطٌ لها آثار من أهم هذه الآثار هو ذكر الله تعالى فالهدف الأساسي والعام لكل التكاليف الإلهية بالأخص العبادات منها هو إيجاد حالة العلاقة بين الإنسان وخالقه بين الله والإنسان وتقوية هذه العلاقة وعندما نتأمل في روح العبادات نجد روح العبادات يتمثل بالالتفات إلى الله سبحانه وتعالى لذا العبادة لا تقبل إذا لم يكن التوجه لله سبحانه فهو تعالى شرط صحة العبادة شرط العمل العبادي وكماله هو توجه الإنسان إلى الله أثناء العبادة وهذا جلي لما تنظر إلى الآيات القرآنية وهي تتحدث عن الصلاة مثلاً من أسمى العبادات وأقم الصلاة لذكري.
على هذا العبادة كما يقول العلماء إذا أقيمت من دون توجه لم يتحقق امتثال الأمر منها ما دام الإنسان يعيش الصحة والسلام على مستوى الفطرة تجد أنه يمكن له إدراك الحقائق متى كان يعيش الجلاء على مستوى القلب قلبٌ قابلٌ للمعرفة ولذا الإنسان بحاجة دائماً أن يعيش مع الله من خلال تصفية النية من خلال الذكر الحقيقي لكن إذا صَدُؤ القلب كيف يدرك هذه الحقائق كما ورد هناك عوامل تكون حاجباً دون إدراك المعرفة الصحيحة إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد ولكن مع هذا هناك علاج لهذه القلوب المريضة هو كتاب الله هو ذكر الموت مثلاً فالعمى فالصمم يصيبان القلب لعوامل عديدة فيعيش الكدورة يعاني منها يصبح أعمى على مستوى البصيرة بحاجة ماسة إلى العلاج هذا القلب الذي هو عرش الرحمان إن احتل الله موضعاً من القلب فهو قلبٌ مطمئن فهو يعيش الاستقرار أما إذا كان هناك من يحتل هذا القلب غير الله تجد هذا القلب يعيش حالة الارتباك حالة الاضطراب الدائم فكيف يمكن أن يزداد معرفةً كيف يمكن أن تكون له هذه البصيرة التي للقلب المطمئن فالعمى والصمم يصيب القلب لعوامل شتى فلا يدرك هذه الحقائق بشكلٍ سليم فلا تعكس مرآة القلب لديه لأنها تعاني الكدورة لا تعكس له الحقائق فهنا يعلم الإنسان أن لديه مشكلة عليه أن يجد لها علاجاً فما هو علاج هذا القلب علاج هذا القلب هو الذكر الذي ليس هو لقلقت لسان حتى المنافق حتى الكافر يقول لا إله إلا الله نعم الذكر اللساني أمرٌ مطلوب ولكن المقصود من الذكر هنا الذكر الخفي الذي يعكس مدى علاقة المؤمن بالله فالعين العمياء التي للقلب عندما يذكر الله سبحانه وتعالى ذكراً واقعياً حقيقاً تصبح قادرةً من جديد على الإبصار فهو يشاهد ويدرك الأمور والمعارف كما ينبغي فهو ذلك الإنسان المتعلق بالله الذي ورد أنه يتنسم بدعائه روح التجاوز فهو يجد نسيم رحمة الله.
سيرة العديد من علمائنا ممن عاصرنا بعضهم عندما تنظر إليه كيف يرى أن الذنب الواحد له عواقب فيصاب الجزع والهلع ترتعد فرائصه إذا وقع بالخطأ بخلاف الإنسان الذي لا يعير اهتماماً يتهاون في ارتكاب الذنب كأن شيئاً لم يكن كأن شيئاً لم يحصل هذا إنسانٌ فتح الله قلباً يعيش القلب السليم وهذا إنسانٌ آخر هو إنسانٌ لا مبالي إنسان متهاون كيف تحصل لديه النورانية الإنسان المؤمن الذي يعيش القلب السليم تحصل لديه نورانيه فهو إنسانٌ حي وأما إن حرم من هذه الحياة المعنوية فهو لا حياة له الصورة صورة إنسانٍ كما ورد والقلب والعياذ بالله قلب حيوانٍ لا يعرف باب الهدى فيتبعه ولا باب العمى فيصد عنه وذلك ميت الأحياء.
الإنسان المؤمن خلال هذه الأيام يجب أن يعيش روح الإيمان واقعاً ماذا يعني ذلك تجنبه عن ارتكاب المعصية بمجرد أن تصدر منه المعصية يصدر منه الذنب تلك الروح تكون بسهولة ممكن أن ترجع إلى الحالة السابقة هذا الإنسان المجاهد لهواه المجاهد لنفسه من أجل البقاء على الحياة المعنوية الحياة الأصيلة لأنه وقف على قيمة هذه الحياة ذاق حلاوة هذه الحياة لكن البعض يعيش مرتبة الحياة المادية ويعتقد أنها هي الأصيلة هي الأصيل حتى أن إمكانية إخراجه من قلب المادة صعبٌ لماذا لأنه يعيش معها يعتقد أنها هي كل شيء لا يفهم لا يعي من حياته إلا ميوله إلا أهواءه كيف استطيع أن أبين له أن إنسانيتك ليست بالمادة وملاذات هذه الدنيا فقط.
فالآيات تصرح أن أولئك كالأنعام بل هم أضل والعياذ بالله عندنا قسمين من الناس قسمٌ يعيش الحياة المادية يعيش اللذة المادية فقط وقسمٌ يعتقد أن اللذة إنما تتمثل باللذة الروحية والحياة المثلى هي بالارتباط بالله الحياة المثلى إنما تكون بالارتباط بالله نحن نعيش أيام يفترض أن يقبل الإنسان على الله من خلال التلاوة من خلال الصلاة من خلال الدعاء بالاستزاده من الإقبال على الأخلاق الإلهية البعض مع الآسف الشديد لا يمتلك حسّاً لا يمتلك هذه الروح الأصيلة نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أولئك الذين يتنعمون بالحياة المعنوية وأن يشغلنا بذكره عن كل أحد ويعيذنا من سخطه ويجيرنا من غضبه وأن يرزقنا من مواهبة وفيوضاته وينعم علينا من فضله.
هذا وإن أفضل الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد ولم يكن له كفواً أحد.
اللهم صلّ على محمدٍ وآل محمد ..
إصلاح ذات البين
الحمد لله الذي لا يتكل على عفوه ورحمته إلا الراجون، ولا يحذر غضبه وسطوته إلا الخائفون اللهم لك الحمد يا من شرف أولياءه بلقائه واحتجب عن أبصار خليقته وصلّ على اللهم على مظهرك الأتم وجامع الكلم والحكم المنزل عليه ما يهدى به للتي هي أقوم اللهم صلّ على محمد كما حمل وحيك وبلغ رسالاتك، اللهم صلّ على محمد كما أحل حلالك وحرم حرامك وعلم وعمل بكتابك وصلّ على محمد كما صدق وأشفق من وعيدك وصلّ على محمد كما غفرت به الذنوب وسترت به العيوب وكشفت به الكروب ودفعت به الشقاء ونجيب به من الغمام وأجبت به الدعاء ودفعت به البلاء وصلّ على وصيه ووليه وصفيه ومستودع علمه وحامل حكمته والناطق بحجته الداعي إلى شريعته خليفته في أمته إمام المتقين علي بن أبي طالب وصلّ على الصديقة الطاهرة حبيبتُ حبيبك وبنت وليك ونبيك التي انتجبتها وفضلتها واخترتها على نساء العالمين وصلّ على سبطي الرحمة وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين وصلّ على أئمة المسلمين علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف القائم المهدي اللهم صلّ على محمد وآل محمد حججك على عبادك وأمنائك في بلادك الذين فرضت طاعتهم وأوجبت حقهم على العالمين.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله واجتناب معصيته قال تعالى فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ الإسلام عندما يحث الإنسان المؤمن على أن يكون مهتماً بمسألة إصلاح ذات البين كما هو مهتم بإصلاح نفسه يهتم بإصلاح ذات البين والنشاطات الاجتماعية لماذا لكي يعرف مدى اهتمامه بمجتمعه حرصه على إشاعة الصلاة في أمته وهذا واضح وجلي من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم لذا نحن نعيش ذكرى استشهاد إمامنا إمام المتقين صلوات الله وسلامه عليه من أبرز وصاياه عندما يوصي الحسن والحسين وهي وصية لنا صلاح ذات البين فإنه أفضل من عامة الصلاة الصيام هذه التوجيهات هذا النمط من التربية يراد منه أن ينتقل الإنسان من حالة الأنا التي يعيشها حالة الأنا في التفكير على الذات حالة الأنا إلى حالةٍ أوسع حيث يفكر الإنسان بالإنسان الآخر الذي يعيش معه فيكسر حاجز الأنانية ولكن كيف يتم ذلك هذا قد يكون بمستوى بسيط يحب لهم ما يحب لنفسه يدعوا لهم لا يسبب لهم الأذى وهناك مستوى عالٍ هو العمل من أجل إصلاح ذات البين إصلاح سوء التفاهم الذي قد يقع بين المؤمنين حلّ هذه المشكلة والسعي في قضاء حوائجهم مهما أمكن عندما تتدق في أهداف الإنسان وهو يريد أن لا يعيش الإنسان لذاته فقط يكون أنانياً بفكره بتطلعاته باهتماماته بل يتعدى ليكون المؤمن مهتماً لإصلاح المجتمع وعلى هذا من يكون مهتم بإصلاح ذات البين هذا العمل عمل مقدس ألا أخبركم بأفضل درجة كما ورد قيل ما هي الصيام الصدقة الصلاة؟ الجواب كان إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة يعني ماذا يعني أن هذا الأمر يؤدي إلى تفتت المجتمع نحن نستمع إلى كلام الإمام صلاح ذات البين خير من عامة الصلاة والصيام نستمع إلى المعصومين إلى المعصوم وهو يؤكد على إصلاح ذات البين كما ورد في الدعاء وحلني بحلية الصالحين وألبسني زينة المتقين في بسط العدل في ماذا أيضاً في كظم الغيظ في إطفاء النائرة وضم أهل الفرقة والشاهد هنا وإصلاح ذات البين فإصلاح ذات البين حلية الصالحين إصلاح ذات البين زينة المتقين السعي إلى وحدة الكلمة سلوكٌ مسؤول سلوكٌ هادف بعض المؤمنين يعيش حالة الإحباط يقول أنا ساهمت في عملية لإصلاح ذات البين ولكن فشلت في هذه التجربة الأولى فالإحباط بسبب فشله في تجربة أو تجربتين أو أكثر في إصلاح المجتمع علينا أن لا نعيش هذه الحالة حالة الإحباط بل ليس من خلق الإنسان المؤمن أن يرفض المساهمة في عملية إصلاح المجتمع حتى لو كانت لدي تجربة ليست موفقة لذا ورد أو روي عن إمامنا الصادق عليه السلام إذا دعيت لصلح بين اثنين فلا تقل عليّ يمين أن لا أفعل إذا كنت قادراً عليك أن تساهم وهو الإمام يبين قول الله سبحانه ولا تجعلوا الله عرضت لأيمانكم أن تبروا وتصلحوا بين الناس فهو يعلمنا كيف تكون النفس المنفتحة النفس الكبيرة التي لا تنسحب من ميدان إصلاح النفس ومن ميدان إصلاح المجتمع طبيعي كلما وهب الله للإنسان منزلة اجتماعية كانت المسؤولية ومجال الإصلاح أكبر والشفاعة كما ورد زكاة الجاه.
ولكن عملية الإصلاح الاجتماعي مسألة إصلاح ذات البين تحتاج إلى أمور لا بدّ أن تبين أهمها الكلمة الطيبة وهدوا إلى الطيب من القول الكلام الطيب يكون كلام مؤثر الكلام الحكيم كلام مؤثر يحتاج من يمارس عملية الإصلاح الاجتماعي وإصلاح ذات البين إلى كسب الثقة وتفهم المشكلة كي تهتدي إلى حلها بحاجة إلى أن تؤكد على النقاط المشتركة بين أبناء المجتمع بحاجة إلى التأكيد على إيجابية المجتمع البعض دائماً يعيش التشائم لا يوجد أي نقطة إيجابية في هذا المجتمع لا بلّ يوجد من يسعى إلى عملية الإصلاح وبحاجة إلى التشجيع.
مع الآسف البعض يقول أنا أحب ذلك ولكن لا أرى من الآخرين إلا التثبيط ونحن نعيش في رحاب أبي الحسن صلوات الله عليه ينبغي علينا المثابرة على إصلاح ذات البين لماذا لأن بصلاح المجتمع يستقر هذا المجتمع يمكن أن يكون هذا المجتمع مجتمع منتج ومن أهم الأمور التي يجب على من يسعى لصلاح ذات البين أن يضع أمامه قول الله تعالى إنا لا نضيع أجر المصلحين هذا العمل أنت قمت به لله هذا العمل له أجرٌ نتيجته كما السعادة للمجتمع.
اللهم وفقنا للعمل الصالح اللهم أصلح كل فاسدٍ من أمور المسلمين اللهم وفقنا لمراضيك وجنبنا معاصيك اللهم بصرنا بعيوب أنفسنا اللهم اجعلنا في هذه الأيام من المرحومين ولا تجعلنا من المحرومين اللهم إنا نسألك أن لا يخرج هذا الشهر إلا بغفران ذنوبنا وستر عيوبنا وقضاء حوائجنا هذا وإن أفضل الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله تعالى حيث يقول بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ.
والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله ..
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي المشكيني
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد جعفر مرتضى
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد هادي معرفة
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان