نسرين نجم ..
ترتبط الصورة بالوجدان، بالذاكرة، بمشاعر إنسانية متنوعة، فهي أشبه بتوثيق بصري لحدث أو لذكرى تدور في خلجات النفس والبال، وهي تلخص ألف كلمة وكلمة، سيما إذا كان المصور محترفًا، يعرف كيف ومتى يلتقط الصورة المناسبة، فيجعلها تنطق عما بداخلنا.
أهمية التصوير ومكانته في عالمنا العربي، ومواضيع أخرى؛ هي محور حديثنا مع المصور البارع والمبدع محمد الخراري.
* مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة:
رحلة الخراري مع عالم التصوير لم تأت عن طريق الصدفة، بل ولدت معه، فهو منذ مراحل حياته الأولى تعرف إلى العديد من الفنون: "بدأت بالخط العربي وممارسته بشكل بسيط. وفي المرحلة الثانوية زاد شغفي بالفنون فصرت أحرص على زيارة المعارض التشكيلية في القطيف فزادت ميولي الفنية، وأثناء المرحلة الجامعية، وبعد التعرف إلى كاميرات الـSLR زاد ارتباطي بالتصوير الفوتوغرافي. وبعد تأسيس جماعة التصوير الضوئي بالقطيف في العام ١٩٩٨، واتضاح رؤيتها، انضممت إليها بعد سنتين تقريبًا".
وبالنسبة لسبب اختياره لهذا الفن يعتبر الخراري بأنه: "كأي إنسان يحرص على تجميد اللحظات الجميلة بالنسبة له، ويحاول نقلها للآخرين، ولمشاطرته الجمال الذي جذبه، ولذا وجدت ضالتي في التصوير الفوتوغرافي".
من المعروف أن الصورة تؤرخ لمناسبة سعيدة أو أليمة، فهل الصورة تعكس جزءًا من شخصية المصور؟ يقول محمد الخراري: "لا بدّ للهواية أن تؤثر على شخصية وسلوك ممارسها. والمتابع لأعمال المصورين هو من يحدد ذلك، وأظن أن من يرى أعمالي يجد فيها شيئًا من شخصيتي كحب التعرف إلى الناس، ومخالطتهم والتقرب منهم، والتعرف إلى تفاصيل الأمكنة..".
وانطلاقًا من ذكره لكلمة "هواية"، سألناه عن التصوير، إذا ما كان موهبة أو اكتسابًا؟ وكيف عمل على تعزيزها؟ أجاب الخراري: "الرغبة وحب الجمال، يدفعون الإنسان إلى الدخول في عالم الفن، والمخزون الفني وإن كان بسيطًا هو ما يؤكد هذه الرغبة التي لا بدّ معها من التسلح بالجانب المعرفي لأي هواية لكي تنمو. وشخصيًّا بدأت بالجانب المعرفي والتقني للصورة بعد دراسة مادة التصوير الضوئي أثناء الدراسة الجامعية، وبعدها قمت بحضور دورة أساسيات التصوير الضوئي، وأساسيات الغرفة المظلمة عند الأستاذ السيد حسين أبو الرحي، ودورة التكوين الفني عند الأستاذ علي أبو عبد الله، كذلك الحضور المستمر مع الأستاذ علي المبارك من خلال ورشه وندواته الثرية. ودراسة التصوير أكاديميًّا من خلال الدراسة في أحد معاهد التصوير العالمية ( معهد التصوير الاحترافي الاستراليPI ) كما أن القراءة المستمرة والتجريب زادا من حساسيتي وانجذابي إلى هذا الفن".
* تصوير حياة الناس في الشارع:
للشارع قصص لا تنتهي، تجد فيه الوجع، البساطة، البراءة، وأحيانًا الظلم، وقد استطاع محمد الخراري اقتناص تصوير حياة الناس في الشارع، وحوله إلى فن تميز به، لا بل انفرد به إلى حد ما في عالمنا العربي، وهذا الفن يعرّفه الخراري بقوله: "تصوير حياة الشارع، هو نوع من التصوير يبرز حالة الإنسان وعفويته في الأماكن العامة. ويكون الإنسان أو أثره حاضرًا. وفي الحقيقة، إن الدافع وراء هذا الاتجاه، هو أنه الأقرب لشخصيتي في حب التعرف إلى الناس ومخالطتهم، كما إن إدراكي لأهمية التوثيق دفعني إلى هذا النوع من التصوير. ووجدت أنه بالإمكان الجمع بين الجانب التوثيقي والفني للخروج بأعمال جميلة. وخصوصًا بعد تأثري بكلمة المصور الأمريكي الشهير “ بروس غيلدن “ حيث يقول: “ إذا شممت رائحة الشارع عند النظر لصورة ما، فهي من صور الشارع “ الناجحة “ “ فوجدت الفرصة للانطلاق بشكل أكبر وأميز في هذا النوع من التصوير".
وعن أهمية المكان يقول: "المكان مسرح وبيئة العمل الفني، وكل عناصره شريكة لخلق الجمال. ولذا فالمكان ورائحته هو ما يغريني للإنتاج".
وحول سبب تغييب هذا الفن "تصوير حياة الناس في الشوارع" وجماليته عن عالمنا العربي يقول الخراري: "قد يكون السبب إما لعدم الوعي بأهمية توثيق الحياة اليومية، أو لكون حياة الشارع حياة روتينية اعتادت العين على مشاهدتها، أو لعدم تسليط الضوء على هذا النوع من قبل المجاميع الفنية والإعلامية على عكس بقية المحاور كالبورتريه، المشاهد الطبيعية، الطبيعة الصامتة.. وقد يكون السبب وراء ذلك هو الخوف والحذر من ممانعة الناس لتصويرهم واقتحام عالمهم! ولكن في الفترة الحالية، فإن تصوير حياة الشارع له أثره الكبير، ونجد كثيرًا من مصوري العرب يتجهون بشكل كبير إليه".
أما بالنسبة لنصائحه لمن يرغب في تصوير حياة الناس في الشارع فيقول: "الانطلاق من مبدأ الإيمان بأهمية هذا النوع من أنواع التصوير، وممارسته بشكل مستمر، ذلك من أهم النصائح، كما أن احترام الناس، والقرب منهم، وتكوين العلاقات معهم، ستمنح الصورة نكهة خاصة. كما أن البدء بالتصوير في المكان الذي تألفه سيعطيك قدرًا كبيرًا من التعرف إلى تفاصيله، ومعرفة سلوك الناس، ويمنحك اطمئنانًا أكبر من الأمكنة الأخرى".
* خاصية صور البورتريه:
يفرد محمد الخراري مساحة كبيرة لصور البورتريه في عالمه التصويري، فهو يعتبر: "وجه الإنسان، اختصار لمشاعره، ومن ملامح هذا الوجه تتنبأ بمخزون هائل لما يكتنزه هذا الإنسان من أسرار، وعلينا كفوتوغرافيين الكشف عنها كما يُعبر عن ذلك مصور البورترية الشهير “ يوسف كارش “".
وحول ما إذا كان يفضل الصور بالأبيض والأسود يقول: "لكل نوع نكهته الخاصة، والمصور الواعي هو من يحدد متى يتجه لجعل الصورة أحادية أو إبقائها ملونة. فالألوان ما هي إلا بيانات ومعلومات حالها حال بقية عناصر الصورة ، فإن كان اللون مضيفًا لشيء في الصورة كان بها، وإلا فانتزاعه أفضل. كما يقول مصور حياة الشارع “جويل مايرويتز”، وبعض المصورين يرون أننا نرى بالألوان وعلينا الإبقاء عليها.. والبعض له فلسفته الخاصة في أن الصورة بالأبيض والأسود تجبر العين على التركيز في تفاصيل الصورة وأحداثها بحيادية.. وكل له فلسفته.. وشخصيًّا أغلب صوري بالألوان، وإن كنت من المعجبين جدًا بالصور الأحادية. وأسعى للاستفادة من المميزين في هذا المجال. والفن لا حدود له".
وعما إذا كان كل من حمل كاميرا أصبح مصورًا يقول: "أجد أن حمل الكاميرا، وكثرة التصوير حالة صحية للغاية، حيث سيعتاد الناس على تلمّس الجمال، والحرص على ملاحقة المناظر الملفتة للعين. ولكن الأهم تهذيب ذلك من خلال التعرف إلى الأساسيات الرئيسية للصورة الجميلة، بحيث تتحقق معها إدهاش المشاهد، وإبراز الجمال وتقديمه بقالب فني. كما أن كثرة الكاميرات جعلت الناس تعتاد عليها، فمنحت المصورين الفرصة للتصوير أكثر".
وبرأيه فإن المصور الحقيقي هو: "الذي يحدد اتجاهه بشكل واضح، ويستمتع بما ينتج، ويؤمن بما يقدمه هو لا تلبية لرغبة المشاهد".
أما بالنسبة لأنشطته المستقبلية فيقول: " أتمنى إكمال مشروع “ رائحة المكان “ الخاص بتوثيق القطيف بكل تفاصيلها وبصورة فنية جاذبة.كما أن لدي مشروعًا إنسانيًّا سيتم الإعلان عنه قريبًا".
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان