المترجم: عدنان أحمد الحاجي
وفقًا لدراسة جديدة أجرتها كلية كارسون للأعمال بجامعة ولاية واشنطن، فإن طريقة تعبير النّاس عن مشاعرهم (انفعالاتهم) (1) أثناء تقديم مساعدة للآخرين قد تؤثر في مدى ترحيب متلقّي هذه المساعدة، أو امتعاضه، أو ردّه الجميل بمثله [في وقت آخر].
ووجدت الدّراسة، التي قادها ستيفن لي Stephen Lee، الأستاذ المساعد في الإدارة، أنّه من المرجّح أن يُنظر إلى مقدّمي المساعدات، الذين يُبدون انفعالات مثل الامتنان [الشكر، أو التقدير، أو الإقرار بالفضل، أو العِرفان بالجميل] (2) والتعاطف (الشفقة) [أي إدراك وفهم حاجة الآخر والتفاعل تجاهها بإيجابية] (3) على أن دوافعهم ومنطلقاتهم صادقة، وأنهم أكثر استعدادًا لتعزيز الثقة والتعاون في المستقبل. وبعكس ذلك، حين يُبدي مقدّم المساعدة فخره (4) [لعل الكاتب يقصد الجانب السلبي من الفخر] أو ازدراءه، غالبًا ما تُثار الشّكوك حول دوافعه ومنطلقاته، مما يُضعف العلاقات ويُقلّل من احتماليّة معاملته بالمثل من قبل متلقّي المساعدة.
"في مكان العمل، غالبًا ما يُحثّ الموظفون على مساعدة بعضهم بعضاً والتعاون بينهم، ولكن لا يُنظر إلى جميع أشكال المساعدة بالنظرة نفسها". وأضاف لي Lee: "لا تتعلّق المسألة فقط بتقديم المساعدة، بل بكيفية تقديمها - والانفعالات التي يبديها مقدّم المساعدة - التي تُؤثر في مدى استجابة متلقّي المساعدة لها".
الورقة البحثية (5) نُشرت في مجلة أكاديمية الإدارة the Academy of Management.
بالرغم من أن الدراسات السابقة غالبًا ما تعاملت مع سلوك المساعدة على أنه سلوك إيجابيّ بشكل عام، تفيد نتائج هذه الدّراسة بأنّ متلقّيي المساعدة يولون انتباهًا وثيقًا إلى القرائن والإشارات اللفظية وغير اللفظية، ومنها تعابير الوجه ونبرة الصوت، وغيرها من لغة الجسد، لمعرفة ما ينطوي عليه مقدّم المساعدة من حالة انفعالية، قبل اتخاذ قرار بشأن مدى الثّقة به وتحديد المعاملة بالمثل.
إذا شعر المتلقّي أن دوافع مقدّم الـمُساعدة منحصرة في المصلحة الذاتية أو بالتزامات ما [سواء أكانت اجتماعية أو دينية أو غيرها (6)]، فإنّ ذلك يُغيّر نظرة متلقّي المساعدة وما إذا كان سيشعر باستعداده لرد الجميل بمثله"، كما قال ستيفن لي، أستاذ مساعد في الإدارة، جامعة ولاية واشنطن.
قال لي: "الـمُتلقّي ليس سلبيًّا؛ فهو يلتقط الإشارات والقرائن العاطفيّة ويستخدمها لاستنتاج السّبب الكامن وراء المساعدة"، وأضاف: "إذا شعر أنّ دافع مقدّم المساعدة هو المصلحة الذاتية أو بسبب التزام ما، فإن ذلك يُغيّر نظرة متلقّي المساعدة وما إذا كان سيشعر باستعداده لردّ الجميل بمثله".
استندت النتائج إلى ثلاث دراسات ودراسة تجريبية أولية شملت مشاركين من موظفين وطلاب. طُلب من المشاركين إمّا تذكّر تجارب مساعدة واقعية قدّمت لهم، أو الاشتراك في مهمة تفاعلية في مختبر سلوكي، أو الاستجابة لنموذج محاكاة تفاعلي مع زميل في العمل.
في جميع هذه الدّراسات، أدت الانفعالات الجذابة من الناحية الاجتماعية دائمًا إلى إدراك دوافع اجتماعية إيجابية (محابية للمجتمع، ومنها السلوكيات المقبولة اجتماعيًّا والتعاطف، وما إلى ذلك) (7) وراء تقديم المساعدة، كما أدت إلى علاقات أقوى، ومستوى استعداد أعلى لردّ الجميل بمثله.
بالنّسبة للقادة والمديرين، تُسلّط الدراسة الضوء على دور إبداء التّعابير العاطفية في التآثير في ثقافة التعاون بين الموظفين. فبدلاً من الحثّ على تبنّي سلوك المساعدة لذاته، يوصي لي Lee بتهيئة بيئة عمل يشعر فيها الموظفون بالامتنان الحقيقيّ لزملائهم ويبدون شعورًا بالتعاطف الطبيعي لمساعدة الآخرين على تجاوز التحديات والصعوبات التي يواجهونها.
قال لي: "المساعدة المنبثقة من الامتنان أو الاهتمام بالآخرين من المرجح أن تخلق علاقات إيجابية ودائمة"، وأضاف: "إذا استطاع القادة أن يُجسّدوا هذه الانفعالات في طريقة مساعدتهم فريقهم من الموظفين، فسيُمهّد ذلك الطريق لبيئة عمل أكثر دعمًا وتفاعلًا بين أعضاء الفريق".
على المستوى الفردي، يمكن للموظفين أيضًا الاستفادة من التأمل في تجاربهم الشخصية في تلقي المساعدة أو من خلال ممارسة تبني وجهات نظر مختلفة - وهي أساليب تُعزز بشكل طبيعي الانفعالات الحقيقية العفوية والطبيعية المنبثقة من الاحساس الداخلي استجابة للموقف القائم، لا الانفعالات المصطنعة؛ كما يمكن الاستفادة منها في تعزيز العلاقات الاجتماعية. وقال لي: "عندما نُعبّر عن امتناننا أو تعاطفنا الصادق، فإننا لا ننفع أنفسنا فحسب، بل نُعزز علاقاتنا مع زملائنا في مكان العمل ونبني ثقافة تعاون تتميز بمرونة أكثر".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- "الانفعال هو شدة التأثر. وفي علم النفس يعني: حالة نفسية ذات شحنة وجدانية قوية، مصحوبة بتغييرات فسيولوجية خاضعة للجهاز العصبي الودي، وبحركات تعبيرية كثيراً ما تكون عنيفة، وينشأ الانفعال عادة عن إعاقة فجائية لرغبات قوية كما في الغضب والخوف، أو عن إرضاء غير متوقع لهذه الرغبات، كما في الفرح. ويعرف التحليل النفسي الانفعال: بأنه التعبير الديناميكي عن الغرائز. ويرى الطب السيكوسوماتي (النفسي الجسمي)، أن التوتر الناشئ عن الإنفعالات الممنوعة قد يؤدي إلى اضطرابات وظيفية، أو عضوية مزمنة". مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://altibbi.com/مصطلحات-طبية/علم-النفس/انفعال
2- https://en.wikipedia.org/wiki/Gratitude
3- https://en.wikipedia.org/wiki/Sympathy
4- https://en.wikipedia.org/wiki/Pride
5- http://https://journals.aom.org/doi/10.5465/amj.2023.0313
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/إلزام
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/سلوك_محابي_للمجتمع
المصدر الرئيس
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد منير الخباز القطيفي
الشيخ محمد صنقور
السيد عادل العلوي
الشيخ فوزي آل سيف
السيد عباس نور الدين
أحمد الرويعي
حسين حسن آل جامع
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
علي النمر
زهراء الشوكان
أسلوب التواصل بين الطفل ووالديه تبادليّ الطابع، حتى لو كان بسنّ أربعة أشهر
رسالة في التوحيد (1)
موقف القرآن الكريم تجاه قانون العلّيّة
سورة البيّنة
الإمام زين العابدين (ع) يخلّد شهادة أبيه في ضمير الأمة
أدعية الإمام السّجّاد (ع) مدرسة ومنبر
بطولة الإمام السّجّاد (ع) في الأسر
ماذا تعرف عن القصور الوريدي المزمن؟
حول سيرة الإمام السجاد عليه السلام
الإمام زين العابدين وعلاج الفراغ الرّوحي