علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

تطوّر دماغ الطفل ونموّه بحاجة إلى نوم كافٍ

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

 

تقول بيري كلاس Perri Klass، طبيبة الأطفال ومؤلفة كتاب: "أفضل دواء… كيف ساهمت العلوم والصحة العامة في تحسين صحة وهناء الأطفال النفسي وتعليمهم وسلامة بيئتهم" The Best Medicine: How Science and Public Health Gave Children a Future: "لطالما كانت هذه إحدى المشكلات الجوهرية الكبرى التي تواجه الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال رُضّع (بسن لا يزيد عن سنة واحدة) أو أطفال دارجون (بسن يتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات) أو أطفال صغار (بسن يتراوح من ثلاث إلى خمس سنوات)". وتضيف: "نمرّ بفترات ثقافية مختلفة من حيث مصادر قلقنا الرئيسة، لكن التدريب على النوم والنوم طوال الليل مقابل القيلولة أثناء النهار ما زالت من الأمور الثابتة".

 

ووفقًا لماثيو ووكر Matthew Walker، أستاذ علم الأعصاب وعلم النفس في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، ومؤلف كتاب "لماذا ننام: إطلاق العنان للقوة الكامنة للنوم والأحلام"، مجتمعات ما قبل العصر الصناعي في أوروبا الغربية وأفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية رتّبت روتينات أعمالها اليومية حول فترتي النوم (النوم الليلي وقيلولة النهار). في بعض المناطق، كان الناس يبدأون "نومهم الأول" عند غروب الشمس، ويستيقظون أثناء الليل للقراءة والكتابة والصلاة والتواصل الاجتماعي... ، ثم ينامون "نومًا ثانيًا" في ساعات ما قبل الفجر، قبل أن يستيقظوا فجرًا للقيام بالأعمال المنزلية. لكن ووكر ذكر في كتابه أن نمط النوم هذا كان على الأرجح ظاهرة ثقافية. وذكر أيضًا في أغلب الأحيان "النمط الحقيقي للنوم ثنائي الفترة - المدعوم بأدلة أنثروبولوجية وبيولوجية وجينية... يتكون من فترة نوم ليلية أطول ومتواصلة، تليها قيلولة أقصر في منتصف النهار". وبسبب هذا السلوك، لم يُنظر إلى أنماط نوم الأطفال على أنها مختلفة بشكل كبير عن أنماط نوم والديهم، حيث يُفترض أن الصغار يستوفون حاجتهم بالنوم ساعات أخرى تمتد من ساعتين إلى عشر ساعات يوميًّا، حسب السن، بأي طريقة ومتى استطاعوا.

 

مع بدء العمل في المصانع في أواخر القرن الثامن عشر، خضعت جداول الأباء والأمهات إلى تنظيم أكثر صرامة، وتبعتها أنماط نوم أطفالهم. ومنذ ذلك الحين، أصبحت النصائح المتعلقة بتربية الأطفال صناعةً رائجة [ومنها التربية وحضانات ورياض الأطفال والخدمات والمنتجات]، وعرف الباحثون الكثير عما يحتاجه الأطفال من ساعات النوم، ومتى يحتاجون إليه، ونمط النوم الأمثل [أو دورة النوم (1)]، وما يحدث لأدمغة الأطفال أثناء النوم.

 

لا يزال الكثير من هذه الأمور غير معروف، ولكن أصبح من الواضح أن النوم ضروري للتعلم (2)، وتكوين الذاكرة [تخزين الذاكرة واسترجاعها] (3)، وتنظيم (ضبط) الانفعالات (4)، والتطور والنمو العقلي والبدني [ما ينطوي على التغيرات في البدن والدماغ، وتطور القدرات الإدراكية والانفعالية والاجتماعية]، وأن نوم القيلولة جزء أساس من صحة الطفل وهنائه النفسي.

 

أطفال نعسانة

 

يحتاج الأطفال إلى قسط كبير من النوم - ما يصل إلى 17 ساعة يوميًّا للرضع دون سن ثلاثة أشهر، و10 ساعات ليلًا لمن يبلغون 18 عامًا، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.

 

بالرغم من أن القيلولة تُحتسب ضمن إجمالي ساعات النوم الضرورية في أي سن، إلا أن لها دورًا خاصة للأطفال الصغار، نظرًا للتأثير المتبادل بين ساعاتهم البيولوجية وعملية الاستباب الداخلي (5) المعروفة باسم ضغط النوم أو بواعث النوم، أو بعبارات عامة، التعب أو النعاس. لا يزال الباحثون غير متأكدين من سبب تراكم ضغط النوم بوتيرة أسرع عند الأطفال مقارنةً بالكبار، لكن البعض يُشير إلى أن ذلك يعود إلى عدم قدرتهم عادةً على الحصول على النوم الكافي والذي يتراوح بين 13 أو 14 ساعة من النوم المتواصل، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى حاجتهم لتناول الغذاء بشكل متكرر، وحاجتهم إلى القيلولة لتعويض الفرق في ساعات النوم التي لا يحصلون عليها ليلًا.

 

ولكن المشكلة تتجاوز مجرد الحصول على قسط كافٍ من النوم خلال دورة مدتها 24 ساعة. فقد أثبتت عدة دراسات أن القيلولة تُنقّي الدماغ من الشوائب والسموم. [التي تتراكم في الدماغ وتؤثر سلبًا على وظائفه (6)]  - وتحديدًا منطقة الحُصين في الدماغ، وهي منطقة دماغية على شكل فرس البحر في كل من نصفي الدماغ لها دور مهم في التعلم والذاكرة - بحيث يُمكن تعبئتها مرة أخرى بمعلومات جديدة. وصفت ريبيكا سبنسر Rebecca Spencer، أستاذة علم الأعصاب الإدراكي بجامعة ماساتشوستس أمهرست، منطقة الحُصين بأنها جهاز تخزين الذاكرة قصيرة الأمد. تقول: "كل ما نمر به يوميًّا يُجمع هناك قبل أن يُصنف في القشرة المخية (7) - وهي جهاز تصنيف أكبر وأطول أمدًا يمكنه تصنيف الأشياء حسب نوعها - أثناء النوم". "لذا، لو عرفت أن جدتك كانت ربة بيت وأنها بالفعل تحب الحياكة، فإن هذين الأمرين يُدمجان في مفهوم الجدة عندك، مما يساعدك على تكوين عموميات ويسهل عليك أيضًا استرجاعها في كل مرة تتذكر فيها جدتك. يتعرض الأطفال باستمرار لسيل من المعلومات الجديدة. فهم لا يتعلمون الأبجدية فحسب، على سبيل المثال، بل يتعلمون أيضًا أن السماء زرقاء وللأرانب فراء - وهي أمور تعتبرها أدمغة الكبار من المسلمات - لذلك نعتقد أن منطقة الحُصين في الأطفال تحتاج فقط إلى التنقية من الشوائب والسموم بشكل متكرر".

 

الدراسة التي أجرتها سبنسر وجدت أن الأطفال الذين ينامون بمجرد تعلم كلمات جديدة، على سبيل المثال، يتذكرون الكلمات بنسبة 80%، مقابل 30% بالنسبة لمن لا ينامون. كما أن الأطفال الذين لا ينامون يسجلون نتائج أقل بنسبة 10% في مسابقات حفظ الكلمات مقارنةً بالأطفال الذين ينامون. لكن ما أثار دهشة سبنسر هو أن القدرة على تذكر ما تعلمه الأطفال استمرت حتى اليوم التالي. تقول: "هذا يعني أن الطفل لابد أن ينام مباشرة بعد التعلم حتى يترسخ التعلم في ذاكرته". "كل ما نمر به من أحداث جديدة في اليوم يجمع في منطقة الحصين (7) قبل أن تُصنف ويخزن في القشرة المخية (8) أثناء النوم".

 

الذاكرة الانفعالية [الذاكرة المتعلقة بأحداث انفعالية أو عاطفية تترسخ أكثر وتسترجع بشكل أكثر وضوحًا وتفصيلاً من الأحداث غير المقترنة بأحداث عاطفية (9)] ودرجة الاستجابة الانفعالية (من حيث الوتيرة والشدة (10)) تتأثر بالقيلولة بنفس الطريقة تقريبًا، كما تعلم أي من الأمهات تتعامل مع طفلها الدارج المشاكس. تقول سبنسر: "يتعرض الأطفال لمواقف وحالات انفعالية طوال الفترة الصباحية، مثل "أجبرتني أمي على ارتداء حذاء ليس لي رغبة فيه". أو "لم أتناول طعامي المفضل على الفطور". تُثبت دراساتنا أن أخذ قيلولة ما بعد الظهر تضفي عليهم الهدوء والسكينة. كما توفر فرصة بداية جديدة عند استيقاظهم، حيث تُمحى جميع الذكريات الانفعالية المتراكمة من الفترة الصباحية. لذا، إذا رأوا زميلًا في الصف يُسيء التصرف، فلا يزعجهم ذلك التصرف. أما إذا لم يأخذوا قيلولة في ذلك اليوم، فلن يستطيعوا تفريغ شحناتهم الانفعالية السلبية التي راكموها في الفترة الصباحية، وقد يُبالغون في ردات أفعالهم أيضًا".

 

العقل والبدن

 

عدم أخذ الأطفال قيلولة قد يُسبب مشكلات كبيرة. طبيبة الأطفال من مستشفى بروكلين، ماساتشوستس، الدكتورة لورا دي جيرولامي Laura De Girolami، والتي تناقش مشكلات النوم مع أولياء الأمور في كل زيارة يقومون بها إلى عيادتها، تقول: "نلاحظ مشكلات تتعلق بالانتباه [نقص الانتباه (11)]، واضطرابات انفعالية (12)، وصعوبات أكاديمية [مثل، عدم الاهتمام بمادة دراسية، وصعوبة في إدارة الوقت، (ومنها المماطلة، والتنمر، والسلوك غير اللائق أو العنيف تجاه الآخرين، وعدم اهتمام المعلمين (13)]، واضطرابات نفسية، وزيادة في وزن الجسم، وحتى تغيرات في النمو". يُنتج هرمون النمو البشري (14) بالكامل تقريبًا أثناء مرحلة نوم الموجة البطيئة (15)، أو النوم العميق، وقيلولة لمدة 45 دقيقة كافية لإنتاج هذا الهرمون. وتضيف دي جيرولامي: "قد يؤدي قلة النوم إلى انخفاض إفراز هرمون النمو ومستويات الكورتيزول. أنا عادةً لا أخبر أمهات الأطفال بتلك المشكلة، إذ قد تزعجهن تمامًا، وعادةً ما تكون هذه المشكلة عابرة". ووفقًا لسبنسر، الأطفال الذين يضطرب روتين نومهم بسبب إصابتهم بمرض ما عادة يعوضون تأخرهم في النمو بسرعة بمجرد استعادة روتين نومهم الطبيعي.

 

الأطفال المعرضون بالفعل لاحتمال متزايد للتورط في سلوكيات اجتماعية قد تعود عليهم أو على والديهم بالضرر قد يواجهون صعوبات في النوم، مما قد يُؤدي بدوره إلى حلقة مفرغة تُؤدي إلى سلوكيات تعود عليهم بالضرر بشكل أكثر؛ وهذا لا ينطبق فقط على الأطفال الصغار. فبينما قد ينضج الأطفال في أكثر من مجال [عاطفيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا] بمعدلات مختلفة، قد لا يهتم معظمهم بالحاجة إلى القيلولة ببلوغهم سن الخامسة تقريبًا، ولكن، تقول دينيس كلارك بوب Denise Clark Pope، الأستاذة المشاركة في كلية دراسات التربية والتعليم العليا بجامعة ستانفورد وخريجة كلية دراسات التربية والتعليم العليا بجامعة هارفارد: "نعيش في ثقافة يسودها الحرمان من النوم لدرجة أن القيلولة لفترة أطول قد تكون نافعة." في عام 2001، ألّفت بوب كتاب (16) "الانشغال بمتطلبات المدرسة: كيف ننشئ جيلًا من الطلاب المجهدين الذين لا يهتمون إلًا بتحصيل الدرجات بغض النظر عن مستوى التعليم المتدني Doing School: How We Are Creating a Generation of Stressed-Out, Materialistic, and Miseducated Students".

 

وجدت دراسة (17) قُدمت في مؤتمر الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) في عام 2019 أن حوالي نصف أطفال الولايات المتحدة، الذين يتراوح سنهم بين 6 و17 عامًا، يحصلون على قسط كافٍ من النوم، وأن أولئك الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم يعانون من قصور في مقاييس "الطفولة المزدهرة"، [مثل التحلي بالفضول تجاه تعلم أشياء جديدة، والاهتمام بعمل واجباتهم المدرسية، والحفاظ على الهدوء في مواجهة التحديات أو الصعوبات، وإكمال المهام التي بدأوها].

 

ويؤكد البحث المنشور في مجلة لانسيت لصحة الطفل والمراهقين في يوليو، 2022 هذا الأمر (18)، ويُسلط الضوء على المشكلات (الاضطرابات) العصبية نتيجة لقلة النوم. وقد استند التحليل إلى بيانات من دراسة المعاهد الوطنية للصحة الجارية حول التطور الإدراكي لدماغ المراهقين (19)، والتي شملت حينئذ أكثر من 8000 طفل يتراوح سنهم بين 9 و10 سنوات، وكان نصفهم تقريبًا ينامون أقل من تسع ساعات ليلًا. وقد عانى الأطفال المحرومون من النوم من اضطرابات نفسية ومشكلات سلوكية أكثر من أقرانهم الذين كانوا ينامون تسع ساعات أو أكثر ليلًا، وكانوا أكثر احتمالاً للإصابة بالاكتئاب والقلق والعدوانية ضد الغير. علاوة على ذلك، أثبت تصوير الدماغ أن حجم المادة الرمادية أصغر في مناطق الدماغ المسؤولة عن الانتباه والذاكرة والتحكم في التثبيط (التحكم في النزوات) (20) عند الأطفال المحرومين من النوم. ولم يخُفْ هذا التدهور في الجهاز العصبي بسرعة؛ إذ وجد الباحثون أن انخفاض حجم المادة الرمادية ظل واضحًا حتى بعد عامين من التقييم الأولي.

 

وجدت دراسة (21) أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) عام 2018 أن ما يصل إلى 73٪ من طلاب المرحلة الثانوية يحصلون على قسطٍ قليل جدًّا من النوم. تقول بوب: "نعلم أن التنمر يزداد عند الأطفال الأكبر سنًّا، وتضعف قدرتهم على ضبط أنفسهم وعلى اتخاذ القرارات الصائبة، وتتأثر عملية الأيض سلبًا لديهم". وجدت دراسة أجرتها بوب على أكثر من 135 ألف طالب أن حوالي 20٪ من المراهقين ينامون في المتوسط خمس ساعات أو أقل ليلًا - أي ما يعادل نصف الساعات التي توصي بها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) والتي تتراوح بين ثماني وعشر ساعات. وتشير سبنسر إلى أنه بالإضافة إلى المشكلات المذكورة سابقًا، قد تساعد هذه النتائج على تفسير الارتفاع الحاد في تشخيص اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (22) منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي. 

 

وقالت سبنسر: "النوم قد يحسن من القدرة على التحكم في النزوات. وهذا هو القصور الأساس لدى الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة: حيث يفتقر هؤلاء الأطفال إلى القدرة على التحكم في النزوات، كما يعانون من ضعف القدرة على المحافظة على الانتباه المستدام [بمعنى أنّ انتباههم يمكن أن يتشتت بسرعة وبسهولة]. يحتاج الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة عادةً إلى 45 دقيقة إضافية من النوم للحصول على نفس الفائدة التي يحصل عليها الأطفال غير المصابين بنقص الانتباه وفرط الحركة. لذا، إذا اكتشفنا أن سبب نقص الانتباه وفرط الحركة لدى الطفل المصاب بانقطاع النفس النومي (23)، على سبيل المثال، فبمجرد علاج انقطاع النفس النومي، من شأن السلوكيات المشابهة لاضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أن تنخفض بشكل ملحوظ".

 

إطفاء الأنوار

 

يقول الأطباء: انتشار المقاهي في كل مكان، وتسويق شركات مشروبات الطاقة منتجاتها للمراهقين، يُفاقم المشكلة، كما هو الحال بالطبع مع الوسائط الإلكترونية. تقول دي جيرولامي: "يعاني الشباب من ضعف في التحكم باندفاعاتهم ونزواتهم". "قد لا يرد الكبار على الرسائل النصية في الحال لمعرفتهم بإمكانية تأجيل الرد عليها، لكن الأطفال لا يشعرون بذلك، خاصةً في تطبيقات مثل سناب شات، حيث تبقى الرسائل النصية متاحة لمدة أربع وعشرين ساعة فقط [مما يشي بأنهم يعيشون تحت ضغط الوقت والحاجة إلى الرد]، لأن أصدقاءهم يسآلونهم: عن سبب تأخرهم في للرد على سناب شاتاتهم. هذه الظاهرة المباشرتية [الشعور بالحاجة إلى الرد الآني أو المباشر] phenomenon of immediacy لدى المراهقين، مما يعني أنه لا يمكن انفكاكهم عن الشاشة وتركها لأخذ استراحة ذهنية منها حتى يتمكنوا من استعادة نشاطهم الذهني الطبيعي".

 

وجدت استبانة (24) أجرتها منظمة Common Sense Media غير الربحية عام 2019 أن ما يقرب من ثلث المراهقين ينامون وهواتفهم معهم على أَسِرّتهِم، ووجدت مراجعة لعشرين دراسة (25) نُشرت في مجلة الجمعية الأمريكية لطب الأطفال  JAMA Pediatrics عام 2016 أن استخدام الأجهزة المحمولة بعد إطفاء الأنوار (وقت النوم) يرتبط بقلة النوم وتدني جودته.

 

تقول بوب: "هناك سبب وجيه لما ينبغي أن يكون الشخص عليه من خفض أنوار الغرفة قبل النوم بساعة تقريبًا، ناهيك عن الامتناع عن النظر في الهاتف المحمول حينها. فالضوء يُثبط من إفراز الميلاتونين، الذي يُساعد على تهيئة الدماغ للراحة والشعور بالنعاس وبالحاجة إلى النوم. أما بالنسبة للشباب اليوم، فإنّ النظر إلى هواتفهم يُشبه "قانون لبافلوف (26)".

 

تقول كلاس إن الظروف العائلية قد تُسبب إرباكًا في النوم أحيانًا. وتضيف: "يُدرك معظم الأطباء أن عدم المساواة قد تتمظهر بطرقٍ مُختلفة، ظاهرة للعيان يمكن ملاحظتها أم غير ظاهرة للعيان لا يمكن ملاحظتها". وتضيف: "أنماط (دورة) النوم لا تحدث من فراغ [أي لابد أن تكون هناك عوامل تؤثر فيها، بما فيها الغذاء والتمارين الرياضية والضغط النفسي والمحيط البيئي]. هل يوجد مكان هادئ لينام فيه الطفل خلال ساعات مُحددة؟ قد يختلف الأمر كثيرًا باختلاف سكن العائلة، أو إذا كان الوالدان يعملان ليلًا. أعتقد أننا أكثر درايةً بهذه الأمور مما كنا عليه سابقًا، لكن إدراكنا إياها ربما غير كافٍ".

 

"يجلس الأطفال لساعاتٍ متواصلة هذه الأيام - في الحافلات، وفي الصفوف الدراسية، وربما في أعمالهم. يحتاج البدن إلى ممارسة بعض النشاط ليحصل على نومٍ أفضل ليلًا [بخلاف لو قضوا نهارهم جالسين بلا نشاط]".

 

يوصي أخصائيو نوم الأطفال أحيانًا بأدويةٍ مُعينة لمساعدة الأطفال، الذين يُعانون من اضطرابات النمو العصبي [مثل اضطرات نقص الانتباه وفرط الحركة]، على النوم والاستمرار في النوم، أو بالنسبة للأطفال الطبيعيين [غير المصابين باضطرابات النمو العصبية]، يُنصح بإعطاء الميلاتونين لفترة قصيرة حتى يعودوا إلى مواعيد نومهم الطبيعية بعدما حدث لها إرباك بسبب اضطراب النمو العصبي، لكن يُفضل معظم الخبراء استخدام الطرق الطبيعية مهما كان ذلك ممكنًا.

 

يمكن أحيانًا هدهدة الأطفال الصغار ليناموا في وقت القيلولة بوضع اليد على ظهورهم، أو تدليك أقدامهم، أو حتى الجلوس بجانبهم، لأنهم، كما تشير سبنسر، إذا علموا أنهم ملاحظون، فمن المرجح أن يشعروا بالأمان ويهدأوا. في الواقع، توصي دي جيرولامي بعدم إعطاء المراهقين فرصة لأخذ قيلولة لأنها قد "تبقي اضطرابات نوم النظم اليوماوي مستمرًا [بسبب الخلل الطاريء على وظيفة الساعة البيولوجية]" (37). بدلًا من ذلك، تقترح على الأطفال الأكبر سنًّا تعلم ممارسة عادات نوم صحية أفضل، ربما من خلال التأمل، أو الاستحمام قبل النوم، أو احتساء شاي البابونج. وتقول: "الأمر يتعلق أساسًا بممارسة بعض العادات لتذكير البدن بحلول وقت النوم". كما يمكن أن يكون للتمارين الرياضية تأثير معتبر. 

 

تقول بوب: "يجلس الأطفال لساعات متواصلة هذه الأيام - في الحافلات، وفي الفصل، وربما في وظائفهم". "يحتاج البدن إلى النشاط ليحظى بنوم أفضل، حتى لو بدا ذلك غير منطقي". يتفق هؤلاء الأطباء على أن الآباء والأمهات غالبًا ما يتوقون إلى ايجاد حل مناسب ووحيد، وكما هو الحال مع الكثير من المشكلات الصحية، لا يوجد حل وحيد يناسب الجميع. تقول كلاس: "يختلف الأطفال اختلافًا كبيرًا في مزاجهم وأنماط نومهم. أي من الأمهات اللاتي أنجبن أكثر من طفل يعرفن هذه الاختلافات بين أطفالهن. قد يكون لديها طفل سهل الانقياد، وآخر صعب المراس، وطفل ينام جيدًا وسعيدًا، ويستيقظ حين يستيقظ مبتسمًا، أو طفل لا يقبل إلا أن ينام متأخرًا ولا يقبل أن يستيقظ إلًا متأخرًا. من المهم ألا ننظر إلى هذه على أنها حالة يمكن تعميمها على الجميع. وألا نُشعِر الآباء والأمهات بأنهم مخطئون في اختلاف معاملتهم لأطفالهم. فبعضهم قذ يكونون معذورين، حيث يواجهون صعوبات مع بعض أطفالهم".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/دورة_النوم

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/تعلم

3- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/ذاكرة

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/تنظيم_انفعالي_ذاتي

5- https://ar.wikipedia.org/wiki/استتباب

6- https://www.alarabiya.net/medicine-and-health/2025/06/22/علماء-يوصون-بـتنظيف-الدماغ-لتجنب-الخرف-اليك-الطريقة

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/تشفير_الذاكرة_في_الحصين_واسترجاعها

8- https://www.mpg.de/7510372/memory_cortex

9- https://ar.wikipedia.org/wiki/الذاكرة_والعاطفة

10- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC1630450/

11- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_نقص_الانتباه_مع_فرط_النشاط

12- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطرابات_عاطفية_وسلوكية

13- https://www.psychologytoday.com/us/basics/academic-problems-and-skills

14- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/هرمون_النمو

15- https://ar.wikipedia.org/wiki/نوم_الموجة_البطيئة

16- https://www.amazon.com/Doing-School-Stressed-Out-Materialistic-Miseducated/dp/0300098332

17- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC7695522/

18- https://www.thelancet.com/journals/lanchi/article/PIIS2352-4642(22)00214-0/abstract

19- https://nida.nih.gov/research-topics/adolescent-brain/longitudinal-study-adolescent-brain-cognitive-development-abcd-study

20- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحكم_تثبيطي

21- https://aasm.org/cdc-reports-insufficient-sleep-common-middle-school-high-school-students/

22- https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/adult-adhd/symptoms-causes/syc-20350878

23- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/انقطاع_النفس_النومي

24- https://www.commonsensemedia.org/sites/default/files/research/report/2019-new-normal-parents-teens-screens-and-sleep-united-states-report.pdf

25- https://jamanetwork.com/journals/jamapediatrics/fullarticle/2571467

26- https://ar.wikipedia.org/wiki/قوانين_بافلوف

27- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_نوم_الإيقاع_اليوماوي

المصدر الرئيس

https://hms.harvard.edu/magazine/sleep/childs-need-sleep?utm_source=AcousticMailing&utm_medium=email&utm_campaign=HMNews_112122%20(1)&utm_content=

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد