علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
عدنان الحاجي
عن الكاتب :
من المترجمين المتمرسين بالأحساء بدأ الترجمة عام ٢٠١١، مطّلعٌ على ما ينشر بشكل يومي في الدوريات العلمية ومحاضر المؤتمرات العلمية التي تعقد دوريًّا في غير مكان، وهو يعمل دائمًا على ترجمة المفيد منها.

إعداد المراهقين والمراهقات قبل مرحلة البلوغ يساعدهم على تجاوز الاضطرابات النفسية المصاحبة لها

ترجمة عدنان احمد الحاجي

 

بعد أن يصل الأطفال إلى مرحلة البلوغ، يشعر بعضهم بالخوف أو الارتباك لأنهم لا يدركون ما يحدث من تغيرات في أجسامهم ومشاعرهم. لكن لو حصل وأن فهم الأطفال ما يحدث لأجسامهم ومشاعرهم حينئذ، فإن من شأنهم أن يتمتعوا بمرونة نفسية أفضل، ويشعروا بأنهم أكثر استعدادًا وسعادة وأقل قلقًا، وذلك يجعلهم أكثر ثقة بالنفس عند البلوغ، وأفضل مرونةً في التعامل مع المشكلات لو حدثت، هذا ما وجدته دراسة جديدة، بالرغم من أن البلوغ غالبًا ما يُعرّف بالتغيرات البدنية، إلا أن المراهقين يمرون أيضًا بتحولات انفعالية واجتماعية - مثل إدارة خلافاتهم مع والديهم أو أصدقائهم، والتكيف مع روتينات العناية الشخصية الجديدة، وإيجاد مكانة بين مجموعة أقرانهم.

 

تفيد دراسة حديثة نُشرت في مجلة المراهقة (1) إلى أن المراهقين الذين يفهمون ما يحدث لهم من تغيرات بسبب البلوغ سيكونون أكثر ثقة في التعامل معها، وهذا المفهوم يُعرف بـ "النجاعة الذاتية" في مرحلة البلوغ [أي إيمان المراهق/ة بالقدرة على التكيف مع المستجدات والتحديات التي تصاحب مرحلة البلوغ، سواء أكانت نفسية أم اجتماعية، أم غير ذلك].

 

قال كريستوفر ديفيس Christopher Davis، طالب الدكتوراه في علم النفس والمؤلف الأول للدراسة: "حين يمر المراهق بمرحلة البلوغ، فإنه يمر بكل هذه التغييرات كلها، وقد يشعر وكأن كلها تحدث في نفس الوقت".

 

أُجريت دراسة في مختبر التحول من الطفولة إلى المراهقة (2)، بقيادة جين مندل Jane Mendle، الأستاذ المساعد في علم النفس والمؤلف الرئيس للدراسة، على 124 مشاركًا (65 طالبًا و59 طالبة) في المرحلة الإعدادية، يتراوح سنهم بين 12 و15 عامًا.

 

هدف الدراسة كان لفهم مدى تأثير البلوغ في مشاعر الأطفال وصحتهم النفسية. لذا طلب من الطلبة والطالبات المشتركين في الدراسة إكمال تقييم لقياس أعراض الاكتئاب والقلق، والنمو البلوغي [المتمثل في طول القامة وحجم الجسم والتغيرات التي تطرأ على المشاعر]، والضغط النفسي بسبب هذه التغيرات.

 

بالرغم من إن ذلك أمر طبيعي، لكن التعرّف على النمو البلوغي ومعرفة ما يمكن توقعه حينئذ من شأنه أن يساعد الأطفال على الشعور بعدم التوتر والقلق، وبالتالي الإحساس بالأمان.

 

قال ديفيس: "هناك إجماع واضح على أن ارتفاع معدلات الاضطرابات النفسية في مرحلة المراهقة المبكرة يعود إلى البلوغ والتوتر النفسي المصاحب له. أردتُ معرفة ما إذا كانت النجاعة الذاتية في مرحلة البلوغ يمكن أن تُؤثر في ذلك إيجابًا، وربما تُمثل آليةً لتقليل احتمالية ظهور هذه الأعراض حين يصل الطفل مرحلة البلوغ، ويساعد في حمايته من الشعور بالقلق".

 

ركزت تقييمات التوتر على نوعين: التوتر العام [القلق اليومي، سواء أكان بسبب المدرسة، أما الأصدقاء، أم العائلة]، والتوتر الخاص بالبلوغ [القلق بسبب تغيرات الجسم والمشاعر]، وكلاهما مرتبط بالقلق وأعراض الاكتئاب. وقد وجدت الدراسة التي قادها ديفيس أن المراهقين الذين يتمتعون بمستويات عالية من الثقة بالنفس في إدارة تحديات البلوغ لا يعانون كثيرًا من الحزن ولا الشعور بالذنب ولا الإرهاق البدني، كما لا تراود بعضهم أفكار الموت أو الانتحار. بعبارة أخرى الثقة بالنفس قد تصبح درعًا في مرحلة البلوغ لحماية المراهقين من هذه الأعراض وتحافظ على هنائهم النفسي وصحتهم النفسية.

 

وقال ديفيس: "حقيقة إن تأثير الثقة بالنفس خلال فترة البلوغ، في وجود نوعين من التوتر، وليس نوعًا واحدًا فقط، له دلالة كبيرة". "نعلم أن التوتر هو عامل تنبؤ بأعراض الاكتئاب والقلق لدى هذه المجموعة التي تفتقر إلى النجاعة الذاتية في مرحلة البلوغ، ولكن بالنسبة لأولئك الذين يتمتعون بنجاعة ذاتية خلال فترة البلوغ، لم تلاحظ عليهم تلك الأعراض".

 

أحد الاكتشافات المهمة، وفقًا لديفيس، هو أن النتائج كانت متسقة، بغض النظر عن السن وتوقيت البلوغ (السن الذي يبدأ عنده الشخص مرحلة البلوغ) وجنس الشخص. قال ديفيس: "الفتاة أكثر استعدادًا للإصابة بمستويات أعلى من الاكتئاب والقلق بشكل عام، مقارنة بالفتى". "أحد المؤشرات على هذا الاتساق الملاحظ هو أنه إذا كان لدى الفتاة نفس مستوى الفتى من النجاعة الذاتية في البلوغ، فكلاهما أفاد بنفس عدد أعراض الاكتئاب والقلق، في المتوسط. وهذا يعد مشجعًا بالفعل على أن النجاعة الذاتية تصلح باعتبارها عامل تنبؤ ذا دلالة على اتساق النتائج بغض النظر عن العوامل المذكورة أعلاه".

 

بالرغم من أن النجاعة الذاتية قد خضعت لدراسات واسعة النطاق، قال ديفيس: هذه هي أول دراسة تركز عليها في مرحلة البلوغ. النتائج الأولية واعدة، لكنه قال إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات، بما فيها دراسة طولية تتابع الشباب بمرور السنوات لفترة طويلة. لكن هذه النتائج، إلى جانب الدراسات الحالية المنشورة في النجاعة الذاتية، غنية بالإرشادات لكل من الأمهات والآباء الذين يتطلعون إلى المساعدة في بناء ثقة المراهقين بأنفسهم والرفع من مستواها قبل وصولهم مرحلة البلوغ. وقال إن الكثير من السلوكيات التي يتبناها المراهقون تعدّ تقليدًا لسلوك الكبار من حوّلهم، بما فيهم أولياء أمورهم وأصدقاؤهم ومدرسوهم، مما يعني أن أولياء الأمور يمكن أن يكون لهم دور مؤثر في بناء النجاعة الذاتية لدى أطفالهم قبل بلوغهم مرحلة البلوغ.

 

تحدثوا مع أطفالكم عن التغييرات التي قد تحدث في مرحلة البلوغ، أو التي قد تُشعرهم بعدم الارتياح. يمكن لأولياء الأمور حتى التحدث عن تجاربهم الشخصية وكيف تعاملوا أنفسهم مع مرحلة بلوغهم، كما قال ديفيس. وأضاف: "نحن نُهيئهم للاستعداد للمجهول، بعبارة أخرى، أننا نساعد أطفالنا على الاستعداد لأمور تصاحب مرحلة البلوغ لم يختبروها ولم يتعرضوا لها من قبل، مثل التغييرات والمشاعر الطارئة التي تصاحب مرحلة البلوغ. ونجعلهم أكثر ثقة بالنفس في خوض غمار تلك المرحلة". وهذا يعني أننا نساعدهم على الشعور بمزيد من الثقة بأنفسهم، ليتمكنوا من التكيف والتعامل مع هذه التغييرات الجديدة دون خوف أو قلق أو توتر.

 

كما أشار ديفيس إلى أنه نظرًا لأن مرحلة البلوغ غالبًا ما تبدأ أبكر مما تتوقعه الكثير من العائلات، فقد يصبح من الضروري البدء في مناقشة التغييرات في تلك المرحلة معهم في وقت أبكر. وقال إن إعداد المراهقين قبل بدء مرحلة البلوغ قد يُسهم في بناء أساس الثقة الذي سيساعدهم على اجتياز مرحلة البلوغ حين تبدأ، ويشعرون حينها بأكثر أمانًا واستعدادًا لهذه المرحلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/jad.70071

2- http://https://blogs.cornell.edu/mendlelab/

 

المصدر الرئيس

https://news.cornell.edu/stories/2025/11/teens-prepared-puberty-report-fewer-mental-health-issues

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد