الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
هاجر الكثير من المسلمين في صدر الإسلام إلى الحبشة إثر الضغط المتزايد الذي لاقوه من المشركين في مكة. ولهذا بعث الكفار مبعوثين عنهم حاملين معهم هدايا وافرة إلى النجاشي ملك الحبشة لإرجاع المسلمين إلى مكة.
طمَّع المبعوثان في البداية حاشية ملك الحبشة ثم جاءوا للملك قائلين له : (أيها الملك، إنه قد ضوى (أي لجأ) إلى بلدك منا غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عيناً، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه).
كان المجلس لصالح الكفار من جميع النواحي وقد كان المشركون أعدوا من قبل المقدمات لكسب الموقف لصالحهم. لكن باعتبار كياسة النجاشي ورفعته، طلب من المسلمين بيان مواقفهم؛ فبدأ جعفر بن أبي طالب (رض) بالحديث وعرّف بالإسلام وبالرسول صلىاللهعليهوآله والقرآن فطلب النجاشي منه قراءة بعض من الآيات.
وباعتبار الزمان والمكان وباعتبار أن الحضور ينتمون إلى الديانة المسيحية قرأ آيات من القرآن تناولت ولادة عيسى ـ على نبينا وآله وعليهالسلام ـ وهنا انقلب المجلس الذي كان قد أعد ليكون لصالح الكفار وبضرر المسلمين في البداية، انقلب لصالحهم وبدأت عيون النجاشي ورجال دينه تغرورق بالدموع.
إن فصاحة القرآن وبلاغته وجاذبيته كانت بدرجة من التأثير على النجاشي حيث جعلته يرد هدايا الكفار ويسمح لجعفر والمسلمين بالإقامة في الحبشة إلى أي وقت شاءوا. (1)
نموذج آخر لتأثير القرآن
إن النموذج الآخر لتأثير فصاحة القرآن وبلاغته هو قصة أسعد بن زرارة. إن قبيلة أسعد كانت لفترة طويلة في صراع محتدم بينها وبين قبيلة أخرى. فغادر أسعد يوماً ما المدينة إلى مكة قاصداً زيارة بيت الله والأصنام التي فيها، فواجه في الطريق أحد المشركين حذره من السماع لساحر يجلس قرب حجر إسماعيل، فانشغل أسعد بالطواف إلا أنه عندما شاهد وجه الرسول النوراني فكر، ورجح السماع والإصغاء لما يقوله الرسول صلىاللهعليهوآله وقرر أن يعرض عنه إذا كان كلامه غير منطقي (2) وعندما اقترب من الرسول وسمع منه بعض الآيات انجذب له إلى مستوى طلب منه تلاوة آيات أُخرى، فتلى الرسول له .. ثم أسلم. وحكى للرسول قصة الاختلاف بين قبائل المدينة ودعي الرسول للمجيء إلى المدينة لأجل حل هذه الاختلافات(3).
ــــــــــــــــــــ
(1) انظر سيرة ابن هشام ج ١ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥.
(2) لقد أيدت الآية الشريفة التالية هذا المنطق : (فَبَشِّر عِبَادِ الَّذينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذينَ هَدَاهُمُ اللهُ وأُولئكَ هُم أُولُوا الألْبَابِ) الرمر ١٧ ـ ١٨.
(3) نص القصة الكاملة في أعلام الورى : ٣٥ ـ ٤ ، بحار الانوار : ٩ : ٨ ـ ١١.
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ جعفر السبحاني
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
حسين آل سهوان
أحمد الرويعي
أسمهان آل تراب
حسين حسن آل جامع
أحمد الماجد
فريد عبد الله النمر
علي النمر
حبيب المعاتيق
زهراء الشوكان
الشيخ علي الجشي
المؤمن بين الفطنة والتغافل
التّفكير فريضة إسلاميّة
ما مدى تطابق التوائم؟
اهتمام المسلمين بالقرآن
طريق السبايا من الكوفة إلى الشام (1)
هل شقّت السّيّدة زينب (ع) جيبها في مجلس يزيد
مقاطع أدبيّة حسينيّة جديدة للشّاعر زكي السّالم
ثورة الحسين (ع) نقطة عطف في التطوّر الاجتماعيّ التاريخيّ
أين نبحث عن الله؟
الخطب التي جرت في الكوفة (2)