لقد حلف سبحانه بوصف من أوصاف الملائكة وقال :
أ ـ ( وَالصّافّاتِ صَفّاً ) .
ب ـ ( فَالزّاجِراتِ زَجْراً ) .
ج ـ ( فالتّاليات ذِكراً * إِنَّ إلهَكُم لواحِد ) . (1)
وكلّ هذه الثلاثة مُقسَم به ، والـمُقسَم عليه هو قوله : ( إِنَّ إلهكم لواحد ) .
وإليك تفسير الـمُقسَم به فيها :
فالصافّات : جمع صافَّة ، وهي من الصفِّ بمعنى جعل الشيء على خطٍّ مستوٍ ، يقول سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفّاً ) (2) .
والزاجرات : من الزَجْرِ ، بمعنى الصرفِ عن الشيء بالتخفيف والنهي .
والتاليات : من التلاوة ، وهي جمع تالٍ أو تالية .
غير أنّ المهمّ بيان ما هو المقصود من هذه العناوين ، ولعلّ الرجوع إلى القرآن الكريم يُزيح الغموض عن كثير منها .
يقول سبحانه حاكياً عن الملائكة : ( وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُوم * وَإِنّا لَنَحْنُ الصّافُّون * وَإِنّا لَنَحْنُ الـمُسَبِّحُون ) (3) .
فينطبق على الملائكة أنّهم الصافّون حول العرش ، ينتظرون الأمر والنهي من قبل اللّه تعالى .
نعم ، وصفَ سبحانه الطير بالصافّات وقال : ( وَالطَّيرَ صافّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسبِيحَهُ ) (4) ، وقال : ( أَوَ لَمْ يَرَوا إِلَى الطَّيْرِ صافّاتٍ وَيَقْبضْنَ ) (5) ، كما أمر سبحانه على أن تُنحر البُدن وهي صوافّ ، قال سبحانه : ( وَالبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللّهِ لَكُمْ فِيها خَيرٌ فاذْكُرُوا اسمَ اللّهِ عَلَيْها صَوَافّ ) . (6)
والمعنى : أن تُعقَل إحدى يديها وتقوم على ثلاث ، فتُنحَر كذلك ، فيُسوّى بين أظلفتها لئلاّ يتقدَّم بعضها على بعض .
وعلى كلّ تقدير ، فمن المحتمَل أن يكون المحلوف به هو الملائكة صافّات ، ويمكن أن يكون المحلوف به كلّ ما أطلق عليه القرآن ذلك الاسم ، وإن كان الوجه الأوّل هو الأقرب .
وأمّا الثانية ، أي الزاجرات : فليس في القرآن ما يدلّ على المقصود به ، فلا محيص من القول بأنّ المراد : الجماعة الّذين يزجرون عن معاصي اللّه ، ويحتمل أن ينطبق على الملائكة ، حيث يزجرون العباد عن المعاصي بالإلهام إلى قلوب الناس .
قال سبحانه : ( وَما أُنْزِلَ عَلى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) (7) ، كما أنّ الشياطين يوحون إلى أوليائهم بالدعوة إلى المعاصي .
قال سبحانه : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ) . (8)
والتاليات : هنّ اللواتي يتلون الوحي على النبي المُوحى إليه .
فالمرادُ من الجميع الملائكة .
وثَمَّة احتمال آخر ، وهو أنّ المراد من الصفات الثلاث هم العلماء ، فإنّهم هم الجماعة الصافّة أقدامها بالتهجّد وسائر الصلوات ، وهم الجماعة الزاجرة بالمواعظ والنصائح ، كما أنّهم الجماعة التالية لآيات اللّه والدارِسة شرائعه .
كما أنّ ثَمّة احتمالاً ثالثاً ، وهو أنّ المراد هم الغزاة في سبيل اللّه ، الّذين يصفّون أقدامهم ، ويزجرون الخيل إلى الجهاد ، ويتلون الذكر ، ومع ذلك لا يشغلهم تلك الشواغل عن الجهاد .
وأمّا الـمُقسَم عليه : فهو قوله سبحانه : ( إِنَّ إِلهكم لَواحد ) .
والصِلة بين الـمُقسَم به والـمُقسَم عليه : هي أنّ الملائكة أو العلماء أو المجاهدين الّذين وصفوا بصفات ثلاث ، هم دعاة التوحيد وروّاده ، وأبرز مصاديق من دعا إلى التوحيد على وجه الإطلاق ، وفي العبادة خاصّة .
ــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصافّات : 1ـ4 .
(2) الصف : 4 .
(3) الصافّات : 164ـ 166 .
(4) النور : 41 .
(5) المُلك : 19 .
(6) الحجّ : 36 .
(7) البقرة : 102 .
(8) الأنعام : 112 .
عدنان الحاجي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
السيد عباس نور الدين
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد باقر الحكيم
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ فرج العمران
أحمد الماجد
اقرأ قصة.. وخذ هديّة، في سيهات
زكي السّالم: كيف تصبح ذا وجهين ولسان طويل وشفتين؟!
علماء الأعصاب يكتشفون دور السيروتونين في المرونة النفسية
موقع العرفان في القرآن
إدارة الشّجار، محاضرة للعليوات في مركز سنا للإرشاد الأسري بسنابس
القرآن يبني الأمة الواحدة
أمسية قصصيّة لقاصّين واعدَين لنادي القصّة بالأحساء
مراجعة وتقديم لكتاب: رسائل زهرة عباد الشمس إلى صوفيا
مولد نبيّ
في المسجد النّبويّ