الشيخ علي آل محسن
القضاء والقدر من صميم العقائد الإسلامية التي جاء بها الكتاب والسنة، ولا يجوز إنكارهما، فمن استطاع أن يفهمهما على الوجه الصحيح بلا إفراط ولا تفريط فبها، وإلاّ فلا يجوز للمكلف أن يتكلف فهمهما والتدقيق فيهما، لئلا يضلّ وتفسد عقيدته، لأنّ هذا المبحث من أدقّ المباحث الفلسفية التي لا يدركها أكثر الناس، وعليه فيكفي الاعتقاد بهما بنحو الإجمال من دون الخوض في التفاصيل.
والقضاء: في اللغة له خمسة معانٍ:
بمعنى الخلق : قال تعالى: ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ، أي خلقهن سبع سماوات.
بمعنى الأمر: قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ، أي أمر ربك.
بمعنى الإعلام : قال تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا) ، يعني أعلمناهم ذلك، وأخبرناهم به قبل وقوعه.
بمعنى الفصل في الحكم: قال تعالى: (وَاللَهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، أي يفصل في الحكم بالحق بين خلقه.
بمعنى الفراغ من الأمر: قال تعالى: (قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) أي فُرِغ منه، وقال تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ).
إذا اتضح ما ذكرناه في معاني القضاء وأنّه ليس له معنى واحد، بل له معان متعددة، يتبين أنّ معنى القضاء يكون بحسب الجملة التي ورد فيها، فتارة يراد به الأمر، وتارة يراد به الخلق، وتارة يراد به الفصل في الحكم، وتارة يراد به الفراغ من الشيء... وهكذا.
فقضاء الله سبحانه في أفعال خلقه هو أمرهم بالأفعال الحسنة، ونهيهم عن الأفعال القبيحة، وقضاؤه سبحانه في أنفس الناس هو خلقه لها، وقضاؤه سبحانه وتعالى في أفعاله تعالى هو إيجاده لها، وقضاؤه في الحوادث هو أنه سبحانه وتعالى أخبر ملائكته بوقوعها، فوقعت بأسبابها الطبيعية، لا بجبره لعباده عليها... وهكذا.
وأمّا القدر فالمراد به أنّ الله سبحانه وتعالى حددّ كلّ شيء من الأرزاق والآجال وغيرها، فجعل كلّ شيء بحد معلوم، لا يزيد ولا ينقص، قال سبحانه وتعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)، (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً).
والحاصل أنّ أفعال المكلفين قضاها الله، بمعنى جعل لها حكماً شرعياً: إمّا أمر، أو نهي، وقدّرها بمعنى أنّه سبحانه وتعالى جعل لكلّ حكم حدوده. وأمّا في ما يتعلق بالآجال والأرزاق والحوادث الكونية فإنّ الله سبحانه وتعالى قضاها بمعنى أوجدها، وقدّرها بمعنى أنّه جعل لها حدّاً وقدراً خاصاً في الزمان والمكان وغيرهما.
السيد عادل العلوي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلم الإلهامي برؤية جديدة
الشيخ عبد الجليل البن سعد: المجتمع الرّشيد
هل خلق آدم للجنّة أم للأرض؟
معنى (الدعاء الملحون)
اختلاف آراء الفلاسفة المادّيّين في حقيقة المادّة
كتاب الدّين والضّمير، تهافت وردّ
عوامل احتمال الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة الحادّة
صراع الإسلام مع العلمانية
طريقة إعداد البحث
القانون والإيمان باللّه