{إِنَّ هذا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[1]
تعريف القرآن الكريم
قرآن، وهو الاسم العلم الذي ورد مراراً في داخل القرآن، وورد أيضاً بأسماء أخرى، مثل الذكر وأمثاله، لكن كلمة القرآن، عندما تطلق، فهي تعني هذا الكتاب المعيّن، الذي يحتوي على الوحي الإلهي.
القرآن الكريم، ككلمة جاءت من قرأ، قرأ قراءة، وقرآنا، هذه الحروف: القاف، والراء، والألف، في اللغة العربية هي أصل يدل على اجتماع، ولذلك تراها في موارد مختلفة تستعمل بهذا الاستعمال، تسمى القرية قرية لأنها تجمع أهلها وتجمع الناس الساكنين فيها.
يقال أيضا: قُرْء {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[2]، قروء: جمع قرء، القرء أيضاً جاء من هذه بمعنى اجتماع الشيء، المرأة عندما يجتمع دم العادة الشهرية في رحمها تكون ذات قرء، سواء كان بمعنى الحيض والدورة الشهرية أو بمعنى الطهر.
فالأصل في هذه الكلمة أنها تدل على نحو اجتماع، باعتبار أن الذي يقرأ لا بد أن يجمع الحروف مع بعضها حتى تصبح قراءة، فأنت عندما تريد أن تقرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ} هذه البسملة، مكونة من حروف، من الباء والسين والميم والألف واللام ثم اللام ثم الهاء وهكذا، ولكي تقرأها لا بد أن تجمع حروفها مع بعضها البعض حتى تتحول إلى قراءة.
أما إذا قرأت الحروف منفردة عن بعضها كأن تقول: باء، سين، ميم، هذه لا تعد قراءة.
فقيل سمي قرآناً، لأن القارئ الذي يقرأه لا بد أن يجمع حروفه إلى بعضها البعض لكي يصبح مقروءاً ومتلُوًاً، وقيل إنه قرآن باعتبار أنه يجمع السور ويجمع الآيات، وقال آخرون: سمي قرآناً لأنه يجمع ما فيه من الأحكام والعقائد والقصص والمواضيع المختلفة، هذا في الاستعمال اللغوي، ففي هذا المعنى لا يختص كلمة قرآن بالوحي النازل من الله عز وجل، لأنه حتى قراءة الكتاب لا بد أن تجمع الحروف فيها.
أما المعنى الاصطلاحي، القرآن فهو عندما تقول لإنسان: أعطني قرآناً، أو اشتريت قرآناً، فلا يتبادر إلى ذهنه أي شيء آخر إلا هذا الكتاب المقدس الخاص.
فالقرآن بهذا المعنى الاصطلاحي وهو ذلك الكتاب الذي أُنزل من خلال الوحي الإلهي بلفظه ومعناه من الله عز وجل بواسطة جبرائيل على نبينا المصطفى محمد (ص)، فلا يستطيع أي أحد أن يجاري هذا الوحي النازل من الله عز وجل بمعناه وبلفظه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
فهو كلام الله الذي بعث به جبرائيل واحتمله عن الله عز وجل بمعناه ولفظه إلى رسول الله (ص) وهو الكلام المعجز، لكل أحد إلا الله سبحانه وتعالى فهذا هو القرآن الكريم.
القرآن المعجزة الخالدة
يعدّ القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة والتي لا تزال باقية بين أيدينا إلى الآن، فلا توجد معجزة شاخصة إلى الآن لنبي من الأنبياء أو رسول من الرسل إلا القرآن، أما باقي المعاجز فهي عبارة عن أخبار وأنباء.
فنبي الله عيسى على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام، كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله تعالى، لكن هذا بقي خبرًا، لا تجد له عيناً قائمةً وشيئاً مجسداً الآن.
كذلك الحال في قضية نبي الله موسى(ع)، وتحول عصاه إلى ثعبان تلقف ما يأفكون، فهذا أيضاً خبر من الأخبار لا تجد له عيناً أو أثراً ظاهراً تستطيع أن تدل الناس عليه.
لكن القرآن الكريم شاخص بين يدي البشر، فإن أحداً تساءل عن معجزة الإسلام ومعجزة رسول الله (ص) قدم له نسخة من القرآن الكريم، فهو المعجزة الواضحة والشاهرة وتعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه وإبقائه وخلوده: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[3].
القرآن يهدي للتي هي أقوم
جعل للقرآن الكريم غاية أساسية بالنسبة للبشر وهي قول الله عز وجل: {إِنَّ هَذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[4]. فعبارة {لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} في حياتهم الشخصية والاقتصادية والثقافية والسياسية وفي جميع نواحي الحياة، لذلك أنت تلاحظ أنه لم يعين جانبًا دون آخر فهو يهدي للتي هي أقوم، فأي طريقة تتصورها يوجد فيها جانبان، سيء وجانب قيّم وسوي، لكن القرآن الكريم لا يهدي للقيّم بل للتي هي أقوم من القيّم.
هل أجزاء القرآن الكريم الثلاثون هي تجزئة ربانية؟
القرآن الكريم يشتمل على أجزاء وسور وآيات وكلمات وحروف، وبالنسبة للأجزاء الثلاثين التي قسم القرآن لها لا يوجد دليل على أنها تجزئة ربانية أو نبوية أو معصومية، وإنما شيء تعارف عليه المسلمون في وقت متأخر بعد وفاة رسول الله (ص)، ويشبه ذلك ما ورد في التحزيب.
فهذه الأساليب التي تعارف عليها المسلمون كانت من أجل الحفظ أو التلاوة.
هل سور القرآن الكريم ترتيبها رباني؟
كذلك السور بترتيبها المتعارف الآن لا يوجد دليل على أن ترتيبها ترتيب إلهي أو مروي عن النبي (ص)، نعم المعلوم أن فاتحة الكتاب هي أول الكتاب، بعض السور في زمان رسول الله (ص) كانت معروفة الترتيب، وبعضها الآخر ليست كذلك، فلا يوجد عندنا دليل واضح على أن ترتيب كل السور في القرآن هو من عند الله عز وجل، أو النبي بمعنى أن يجعلوا بعد الفاتحة البقرة ثم آل عمران وهكذا كما هو موجود.
ولهذا في بعض النسخ السابقة للقرآن قبل أن يجمع الناس على ترتيب معين في زمان الخليفة الثالث تختلف فيها السور تقديماً وتأخيراً.
ترتيب الآيات في السورة والكلمات في الآية:
ويختلف الأمر بالنسبة لترتيب الآيات، فيما بينها فالآية قياساً إلى ما قبلها وما بعدها كانت من السماء وبتوجيه من النبي (ص) توضع في المكان المحدد. فقد روي في مواضع متعددة عن النبي أنه قال: ضعوا هذا الآية في مكان كذا. [5]
هذا حسب الروايات وأيضا هو مقتضى الاعتبار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] الإسراء / 9.
[2] البقرة / 228.
[3] الحجر / 9.
[4] الإسراء / 9
[5] مسند أحمد بن حنبل 1/ 69 (.. كان رسول الله (ص) مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد فكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له فيقول ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا أنزلت عليه الآيات قال ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا..
عدنان الحاجي
السيد عادل العلوي
الشيخ إبراهيم السنّي التاروتي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ فوزي آل سيف
حيدر حب الله
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
العلاقات الاجتماعية وفرصة تبادل الميكروبيوم بين الناس
هل يعاد المعدم؟
زهور المستقبل يحتفي بذوي الإعاقة
فاطمة الزهراء (ع) في معراج النبيّ (ص)
الشيخ عبد الجليل الزاكي: المظهر المادي للكفر بالله
دلالة الحديث القدسي: لولا فاطمة ما خلقتكما
(فدك في التاريخ): قراءة تحليلية في بنية السلطة وصراع الشرعية
(جروح الليالي) قصيدة مؤثرّة أبدع بها الرّادود علي آل تراب
العهد التأسيسي للفقه
الإسلام والمواثيق