يقولون: إنّ تحرير سلمان من رقّ العبوديّة بصورة كاملة، قد كان في أوّل السنة الخامسة من الهجرة النبوية الشريفة. وذلك قبل وقعة الخندق، التي يرى عدد من المؤرخين أنها كانت سنة خمس، في ذي القعدة منها.
ولكنّنا بدورنا نقول: إنّ ذلك مشكوك فيه من ناحيتين:
الأولى: في تاريخ وقعة الخندق.
والثانية: في تاريخ عتق سلمان..
تاريخ غزوة الخندق
فأمّا بالنسبة للناحية الأولى، أعني تاريخ الخندق؛ فإنّنا نقول:
1 - لو سلم: أنها كانت في السنة الخامسة فإن مجرد ذلك لا يكفي، في تعيين زمان عتقه على النحو المذكور، إذ قد يكون العتق قد تم بعد أحد بأشهر يسيرة، في السنة الرابعة مثلاً، ثم حضر الخندق، بعد ذلك بسنة، أو أكثر، أو أقل.
2 - لقد جزم البعض بأن الخندق كانت في سنة أربع، وصححه النووي في الروضة، وفي شرحه لصحيح مسلم.
بل لقد قال ولي الدين العراقي عن غزوة الخندق: «المشهور أنها في السنة الرابعة للهجرة».
وقال عياض: «إن سعد بن معاذ مات إثر غزوة الخندق، من الرمية التي أصابته، وذلك سنة أربع بإجماع أهل السير، إلا شيئاً قاله الواقدي».
فقوله: «بإجماع أهل السير» يحتمل رجوعه إلى سنة أربع، فيكون قد ادعى الإجماع على كون الخندق في سنة أربع، ويحتمل رجوعه إلى موت سعد بن معاذ بعد الخندق، وتكون كلمة «وذلك سنة أربع» معترضة، ولا تعبر إلا عن رأيه..
ومما يدل على أن الخندق قد كانت سنة أربع:
1 - أنهم يذكرون بالنسبة لزيد بن ثابت: أن أباه قتل يوم بعاث وهو ابن ست سنين، وكانت بعاث قبل الهجرة بخمس سنين، وقدم النبيّ «صلى الله عليه وآله» المدينة، وعمر زيد إحدى عشرة سنة.
ثم يقولون: إن أول مشاهد زيد الخندق، لأن النبيّ «صلى الله عليه وآله» قد أجازه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة.
والخندق إنما كانت في شوال سنة أربع.
ويروى عن زيد قوله: أجازني رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم الخندق، وكساني قبطية.
وعنه: أجزت يوم الخندق، وكانت وقعة بعاث وأنا ابن ست سنين.
وعنه: لم أجز في بدر، ولا في أحد، وأجزت في الخندق.
وقال الواقدي: مات سنة خمس وأربعين وهو ابن ست وخمسين سنة، وذلك يؤيّد ما قلناه.
وقد استدل النووي، وابن خلدون، وربما يظهر ذلك من البخاري على: أن غزوة الخندق قد كانت سنة أربع بأنهم قد أجمعوا على أن حرب أحد كانت سنة ثلاث، ولم يجز النبيّ «صلى الله عليه وآله» ابن عمر أن يشترك فيها؛ لأن عمره كان أربع عشرة سنة، ثم أجازه في وقعة الخندق؛ لأنّه كان قد بلغ الخامسة عشرة؛ فتكون الخندق بعد أحد بسنة واحدة..
وقد حاول البعض الإجابة على ذلك بطرح بعض الاحتمالات البعيدة، وقد أجبنا عنها في كتابنا: «حديث الإفك» ص 96 - 99؛ فليراجعه من أراد..
ومهما يكن من أمر؛ فإن احتمال أن يكون تحرّر سلمان من الرق قد تم قبل السنة الخامسة من الهجرة، يصبح على درجة من القوة..
وأما بالنسبة لتحديد تاريخ الحريّة
فإننا نكاد نطمئن إلى أنه قد تحرر في السنة الأولى من الهجرة.. بل لقد ورد في بعض الروايات ما يدل على أنه قد أعتق في مكة.
ويدل على تحرره في السنة الأول :
1 - أن روايات عتقه يدل عدد منها على أنه قد أعتق عقيب إسلامه بلا فصل، وهو إنما اسلم - أو فقل: أظهر إسلامه - في السنة الأولى من الهجرة.
2 - قد صرح البعض - كتاريخ گزيدة - بأن الرسول «صلى الله عليه وآله» قد اشتراه في السنة الأولى من هجرته.
3 - ومما يدل على أن سلمان قد تحرر في أول سني الهجرة كتاب النبيّ «صلى الله عليه وآله» في مفاداة سلمان: حيث يقولون: إن النبيّ «صلى الله عليه وآله» قد أملى كتاب مفاداة سلمان على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهو و - والنص لأبي نعيم - كما يلي: هذا ما فادى «صلى الله عليه وآله» محمّد بن عبد الله، رسول الله، فدى سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي، ثم القرظي، بغرس ثلاثمائة نخلة، وأربعين أوقية ذهب؛ فقد برئ محمّد بن عبد الله رسول الله لثمن سلمان الفارسي، وولاؤه لمحمّد بن عبد الله رسول الله، وأهل بيته، فليس لأحد على سلمان سبيل.
شهد على ذلك: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وحذيفة بن اليمان، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود، وبلال مولى أبي بكر، وعبد الرحمان بن عوف، رضي الله عنهم.
وكتب علي بن أبي طالب الاثنين في جمادى الأولى، مهاجر محمّد بن عبد الله رسول الله «صلى الله عليه وآله ».
وقد ذكرت بعض المصادر هذا الكتاب من دون ذكر الشهود.
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي المشكيني
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد باقر الحكيم
السيد جعفر مرتضى
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد هادي معرفة
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان