
السيد محمد باقر الصدر ..
قـد يجد الملاحظ - وهو يفتش الأدوار المختلفة لقصة الحضارة على مسرح التاريخ - أن المشاكل مـتـنـوعـة والهموم متباينة في صيغها المطروحة في الحياة اليومية، ولكننا إذا تجاوزنا هذه الصيغ ونـفـذنـا إلـى عـمـق المشكلة وجوهرها استطعنا أن نحصل من خلال كثير من تلك الصيغ اليومية الـمتنوعة على مشكلة رئيسية ثابتة ذات حدين أو قطبين، متقابلين، يعاني الإنسان منهما في تحركه الحضاري على مر التاريخ، وهي من زاوية تعبر عن مشكلة: الضياع واللاانتماء، وهذا يمثل الجانب السلبي من المشكلة، ومن زاوية أخرى تعبر عن مشكلة الغلو في الانتماء والانتساب بتحويل الحقائق الـنـسـبية التي ينتمي إليها إلى مطلق، وهذا يمثل الجانب الإيجابي من المشكلة. وقد اطلقت الشريعة الـخاتمة على المشكلة الأولى اسم: الإلحاد، باعتباره المثل الواضح لها، وعلى المشكلة الثانية اسم: الوثنية والشرك، باعتباره المثل الواضح لها أيضًا، ونضال الإسلام المستمر ضد الإلحاد والشرك هو في حقيقته الحضارية نضال ضد المشكلتين بكامل بعديهما التاريخيين.
وتـلتقي المشكلتان في نقطة واحدة أساسية، وهي: إعاقة حركة الإنسان في تطوره عن الاستمرار الخلاق المبدع الصالح، لأن مشكلة الضياع تعني بالنسبة إلى الإنسان أنه صيرورة مستمرة تائهة، لا تـنـتمي إلى مطلق، يسند إليه الإنسان نفسه في مسيرته الشاقة الطويلة المدى، ويستمد من إطلاقه وشـمـولـه الـعون والمد والرؤية الواضحة للهدف، ويربط من خلال ذلك المطلق حركته بالكون، بـالوجود كله، بالأزل والأبد، ويحدد موقعه منه وعلاقته بالإطار الكوني الشامل. فالتحرك الضائع بدون مطلق تحرك عشوائي كريشة في مهب الريح، تنفعل بالعوامل من حولها ولا تؤثر فيها، وما من إبـداع وعـطـاء فـي مـسيرة الإنسان الكبرى على مر التاريخ إلا وهو مرتبط بالاستناد إلى مطلق، والالتحام معه في سير هادف.
غـير أن هذا الارتباط نفسه يوجه من ناحية أخرى الجانب الآخر من المشكلة، أي مشكلة الغلو في الانتماء بتحويل النسبي إلى مطلق، وهي مشكلة تواجه الإنسان باستمرار، إذ ينسج ولاءه لقضية لكي يـمـده هذا الولاء بالقدرة على الحركة ومواصلة السير، إلا أن هذا الولاء يتجمد بالتدريج ويتجرد عـن ظروفه النسبية التي كان صحيحًا ضمنها، وينتزع الذهن البشري منه مطلقًا لا حد له، ولا حد لـلاسـتـجـابـة إلى مطالبه، وبالتعبير الديني يتحول إلى إله يعبد بدلًا عن حاجة يستجاب لإشباعها.
وحـيـنـمـا يـتـحول النسبي إلى مطلق إلى إله من هذا القبيل يصبح سببًا في تطويق حركة الإنسان، وتـجـمـيـد قـدراتـها على التطور والابداع، وإقعاد الإنسان عن ممارسة دوره الطبيعي المفتوح في المسيرة: (لا تجعل مع اللّه إلها آخر فتقعد مذمومًا مخذولا).الإسراء: 22.
وهذه حقيقة صادقة على كل الألهة التي صنعها الإنسان عبر التاريخ سواء كان قد صنعه في المرحلة الـوثـنـية من العبادة، أو في المراحل التالية، فمن القبيلة إلى العلم نجد سلسلة من الآلهة التي أعاقت الإنسان بتأليهها، والتعامل معها كمطلق عن التقدم الصالح.
نـعـم من القبيلة التي كان الإنسان البدوي يمنحها ولاءه باعتبارها حاجة واقعية بحكم ظروف حياته الخاصة، ثم غلا في ذلك، فتحولت لديه إلى مطلق لا يبصر شيئًا إلا من خلالها، وأصبحت بذلك معيقة له عن التقدم. إلـى الـعـلم الذي منحه الإنسان الحديث بحق ـ ولاءه، لأنه شق له طريق السيطرة على الطبيعة، ولـكـنـه غلا أحيانًا في هذا الولاء فتحول إلى ولاء مطلق، تجاوز به حدوده في خضم الافتتان به، وانتزع الإنسان المفتون بالعلم منه مطلقًا يعبده، ويقدم له فروض الطاعة والولاء، ويرفض من أجله كل القيم والحقائق التي لا يمكن قياسها بالأمتار أو رؤيتها بالمجهر.
فـكل محدود ونسبي إذا نسج الإنسان منه في مرحلة ما مطلقًا يربط به على هذا الأساس، يصبح في مرحلة رشد ذهني جديد قيدًا على الذهن الذي صنعه بحكم كونه محدودًا ونسبيًّا.
فـلابـد لـلـمسيرة الإنسانية من مطلق، ولابد أن يكون مطلقًا حقيقيًّا، يستطيع أن يستوعب المسيرة الإنسانية ويهديها سواء السبيل مهما تقدمت وامتدت على خطها الطويل، ويمحو من طريقها كل الآلهة الذين يطوقون المسيرة ويعيقونها.
وبهذا تعالج المشكلة بقطبيها معًا.
معنى (نسف) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
أكبر مسؤوليات التربية... منع تسلّط الوهم على الفطرة
السيد عباس نور الدين
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (2)
محمود حيدر
التحلّي بذهنيّة قويّة وإيجابيّة يلعب دورًا فعّالًا في التّأقلم مع الألم المزمن وإدارته
عدنان الحاجي
الحرص على تأمين الحرية والأمن في القرآن الكريم
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
نوازع وميول الأخلاقيات
الشيخ شفيق جرادي
المذهب التربوي الإنساني
الشهيد مرتضى مطهري
الحق والباطل: ماء راسخ وزبد يزول
الشيخ جعفر السبحاني
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ..} كيف يُنسب اليأس للرسُل؟
الشيخ محمد صنقور
أَمَرْنا مُتْرَفِيها!
الشيخ محمد جواد مغنية
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
فوائد الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر
معنى (نسف) في القرآن الكريم
أكبر مسؤوليات التربية... منع تسلّط الوهم على الفطرة
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (2)
التحلّي بذهنيّة قويّة وإيجابيّة يلعب دورًا فعّالًا في التّأقلم مع الألم المزمن وإدارته
جمعيّة سيهات للخدمات الاجتماعيّة تختتم الهاكثون الإبداعيّ بثلاثة فائزين
(أسرار ملقاة على الرّصيف) أمسية شعريّة بديعة للعبادي والهميلي
اختتام النّسخة الثّامنة عشرة من حملة التّبرّع بالدّم (نعم الجود)
الحرص على تأمين الحرية والأمن في القرآن الكريم
معنى (رعد) في القرآن الكريم