المترجم: عدنان أحمد الحاجي
فكرة أن القراءة في الضوء الخافت تضرّ ببصر القارئ وقد تسبب العمى، ليست ببساطة فكرة صحيحة.
في البداية نعرض لشرح موجز حول كيفيّة رؤية الأشياء.
العين مجهزة لالتقاط الضوء المنعكس أو الصادر عن الأشياء الموجودة حولنا. عندما يدخل الضوء إلى العين، تركزه الطبقات الأمامية للعين على الشبكية - وهي غشاء رقيق مكون من بضعة خطوط من الخلايا، يبلغ سمكها أقل من نصف ملليمتر - وتقع في الجزء الخلفي من العين.
ويسمى الضوء الذي يسقط على شبكية العين بالصورة. تبدأ شبكية العين عملية فك تشفير الصورة وفرزها إلى معلومات تخبر الدماغ بمدى سطوعها ولونها وشكلها وحجمها وحركتها. تمرر المعلومات، في شكل إشارات عصبية، مرة أخرى إلى الدماغ، الذي يقوم بمعالجة البيانات بشكل أكثر قبل لفت انتباه العقل الواعي إليها.
لدى بعض الحيوانات، كالبوم، شبكية عين متخصصة في رؤية حتى أبسط مقدار من الضوء. وببساطة، تستطيع أن ترى بوضوح في الظروف التي نعتبرها حالكة الظلام لأن شبكية أعينها تحتوي على كاشفات للضوء: "خلايا عصوية (1)". هذه الخلايا العصوية حساسة بشكل بالغ، لكنها لا تستطيع فك رموز الألوان (لذلك البومة مصابة بعمى الألوان). يوجد ما يقرب من 60 ألفًا من هذه الخلايا العصوية في كل ملليمتر مربع من شبكية العين، وهو ما يُترجم إلى حساسية البوم المذهلة وحدة بصره (وضوح الرؤية) (2).
لدى البشر أيضًا الكثير من الخلايا العصوية، وهذا هو سبب قدرتهم على الرؤية حال قيادة السيارات ليلاً عندما يكون الضوء في المحيط خافتًا. لكن الخلابة العصوية تصبح عديمة الفائدة في مستويات الإضاءة الساطعة أو حتى العادية. ولهذا السبب عيون البشر مزودة أيضًا بـ "خلايا مخروطية" (3) وهي أفضل بكثير في وضح النهار وتمكنهم من رؤية الألوان. هذه الخلايا المخروطية منتشرة في جميع أنحاء شبكية العين، ويتركز الكثير منها في مركز الشبكية.
عندما تطفئ الأنوار، تبدأ "الرؤية الليلية" للبشر تدريجيًّا بعد ذلك بست أو سبع دقائق، عندما يتوقف استخدام الخلايا المخروطية ويبدأ استخدام الخلايا العصوية.
لا توجد خلايا عصوية في مركز شبكية العين البشرية، ما يؤدي إلى حقيقة أن حساسية البشر منخفضة للضوء الخافت في الرؤية المركزية [رؤية ناتجة عن سقوط أشعة الضوء مباشرة على البقعة المركزية للعين، رؤية مباشرة (4)]. ولهذا السبب، عندما تخرج في ليلة صافية وتنظر مباشرة إلى نجم بعيد في السماء، فلن تتمكن من رؤيته. لا يمكنك رؤية النجم إلا بالنظر إلية من الجنب، وبذلك لا بد من استخدام الخلايا العصوية.
على الجانب الآخر، لكي نتمكن من القراءة، فإننا عمليًّا نستخدم فقط الخلايا المخروطية الموجودة في مركز الرؤية (4). لكي تجرب ذلك بنفسك، حاول قراءة عمود في صحيفة من شاشة جهاز وأنت تنظر إلى ذلك العمود من الجنب فقط - مستحيل أن تستطيع ذلك.
لذا فإن القراءة في الضوء الخافت - أو القراءة على الإطلاق - ممكنة عندما يكون هناك ما يكفي من الضوء حتى تتمكن الخلايا المخروطية من التقاط الإشارة الضوئية.
لن تتضرّر عيناك ولكن قد تصاب بالصداع. وذلك لأنه، من منظور تطوري، لم تكن العيون مصممة للإجهاد من أجل رؤية الأشياء عن قرب لفترات طويلة. إنما هي أكثر ملاءمة للنظر على مسافة بعيدة كحقول الرعي الكبيرة.
بالطبع، إجهاد العين – الشعور بالتعب أو الألم في العينين والصداع – قد يشي بأن هناك حاجة إلى نظارات، أو ربما إلى تحديث النظارات القديمة. إذا شعر الواحد بالقلق بشأن صحة عينيه، فليراجع طبيب العيون لفحص المشكلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر من داخل النص وخارجه
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/خلية_عصوية
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/حدة_البصر
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/خلية_مخروطية
4- https://altibbi.com/مصطلحات-طبية/امراض-العيون/رؤية-مركزية
المصدر الرئيس
https://theconversation.com/mondays-medical-myth-reading-in-dim-light-ruins-your-eyesight-3149
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان