المترجم: عدنان أحمد الحاجي
مشكلات النوم شائعة بين المراهقين
بالرغم من أن معظمهم يحتاج إلى 8 إلى 10 ساعات من النوم كل ليلة، تثبت الدراسات أن الغالبية العظمى من المراهقين ينامون أقصر من تلك المدة بكثير. الحرمان من النوم (1) بين المراهقين يمكن أن يهدد صحتهم العقلية (2)، ويمثل عائقًا أمام أدائهم الأكاديمي (المدرسي)، ويؤدي إلى مشكلات في الصحة البدنية (3). بالنسبة لأولياء أمور المراهقين، تبعث هذه المشكلات على القلق، بيد أن هناك عددًا من الأساليب لتعزيز عادات النوم الصحي لدى المراهقين.
آرتي غروفر Aarti Grover، أستاذة مساعدة إكلينيكية في كلية الطب بجامعة تافتس والمديرة الطبية لمركز طب النوم في مركز تافتس الطبي، وأليسون كول Alison Kole، خريجة كلية الطب ومشرفة ومقدمة بودكاست "Sleep is My Waking"، قدمتا مؤخرًا نصائح لأولياء أمور المراهقين [سواء أكانوا فتيانًا أم فتيات] الذين يعانون من صعوبات في الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلًا.
"المراهقون يعانون من مشكلات الحرمان المزمن من النوم". "ونحن بحاجة إلى البدء في الحديث عن أسباب ذلك، كما قالت أليسون كول".
النوم والمدارس
قالت كول: المراهقون غير مهيئين للحصول على قسط كافٍ من النوم في مجتمع هذه الأيام. وذلك لأن ساعاتهم البيولوجية – ساعات الجسم الداخلية – انزاحت طبيعيًّا إلى وقت متأخر من الليل مقارنة بالأطفال الصغار (بسنّ خمس سنوات وأصغر) والراشدين (20 سنة وأكبر). ونتيجة لذلك، تفرز أدمغة المراهقين الميلاتونين (هرمون ينتجه الجسم يحفز على النوم) في وقت متأخر من الليل.
بالرغم من أنه قد يبدو طبيعيًّا بالنسبة لشخص راشد أن يذهب إلى الفراش للنوم في الساعة العاشرة مساءً، إلا أن المراهقين عادة لا يشعرون بالنعاس إلا بعد بضع ساعات من تلك الساعة، ومن الطبيعي أن يستيقظوا في وقت متأخر من الصباح. وقالت كول: "هذا شيء طبيعي ومتأصل في بيولوجيا الإنسان". "لا يمكننا تغييره".
وقالت كول إن إيقاعات ساعة المراهقين البيولوجية تجعل أوقات بداية الدوام في المدارس الثانوية عقبة مشروعة لعدم حصولهم على قسط من النوم الصحي. توصي غروفر بأن يكون وقت البدء المثالي لدوام المدارس الثانوية الساعة 9 صباحًا، بينما تؤكد كول أن معظم المراهقين سيستفيدون من بدء دوام مدارسهم من الساعة 10 صباحًا تقريبًا. وقالت كول إن الحلّ الوسط العملي هو أن يكون وقت بدء دوام المدارس الساعة 8:30 صباحًا، أي بعد ساعة من ابتداء الدوام العادي لمعظم المدارس الأخرى. توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أيضًا بأن لا تبدأ المدارس قبل الساعة 8:30 صباحًا. وتشجع كول أولياء الأمور الذين يشعرون بالقلق بشأن نوم أبنائهم المراهقين على الاتصال بمسؤولي المدارس لحثهم على إراحة أوقات بدء دوام المدرسة إلى وقت متأخر.
وقالت: "نحن بحاجة إلى إحداث تغيير منهجي". "لا يمكن ولا ينبغي أن يخضع المراهقون للمعايير المجتمعية السائدة بحيث يحتاجون إلى الاستيقاظ في وقت أبكر مما تسمح به ساعاتهم البيولوجية".
وقالت غروفر، إلى جانب وقت بدء دوام المدرسة، فإن الضغط من الأكاديميين والنشاطات اللامنهجية، (خارج المنهج) والأوضاع الاجتماعية يمكن أن يسبب إجهادًا نفسيًّا للمراهقين ويستنفد وقتهم، مما يؤخر وقت نومهم. لو لاحظ أولياء الأمور أن مراهقيهم ليس لديهم ما يكفي من الوقت في أيام الأسبوع للاستراحة من هذه الأنشطة المذكورة أعلاه، فقد يحتاجون إلى تقليص أنشطتهم اللامنهجية.
عندما لا يحصل المراهقون على قسط كافٍ من النوم، فقد يصبحون أكثر عرضة لصعوبات صحية أخرى، مثل الاكتئاب وزيادة الوزن والسكري وتعاطي المخدرات، بالإضافة إلى ضعف الأداء المدرسي. وقالت غروفر: "قد يواجهون صعوبة في التركيز، وضعف الذاكرة، وتردي التفكير، ومشكلات سلوكية أخرى". وقالت إنه بسبب هذه الأعراض، قد يُشخص بعض المراهقين المحرومين من النوم خطأً باضطرابات نقص الانتباه (4)، في حين أن كل ما يحتاجون إليه بالفعل هو مزيد من النوم.
في البودكاست التي تشرف عليه، تتعمق كول في هذه المواضيع من خلال حلقات تتناول أوقات بدء دوام المدرسة (5)، ومشكلات النوم الشائعة بين المراهقين والأطفال (6)، والعلاقة بين النوم والصحة العقلية (7).
"نحن بحاجة إلى إحداث تغيير منهجي. لا يمكن ولا ينبغي أن يخضع المراهقون للمعايير المجتمعية السائدة التي يحتاجون بحسبها إلى النهوض من النوم في وقت أبكر مما تسمح به ساعاتهم البيولوجية". بحسب أليسون كول.
وضع روتين للنوم
الخبر السار هو أن هناك طرقًا كثيرة جدًّا لمساعدة المراهقين على النوم، بدءًا من عادات النوم الصحية [وهي العادات والسلوكيات الصحية والعوامل البيئية - الخاصة ببيئة النوم - التي يمكن تهيئتها لتساعد على النوم الجيد أثناء الليل (8)]. بإمكان بعض الإجراءات الروتينية البسيطة أن تجعل النوم أسهل بالنسبة للمراهقين، مثل الحفاظ على وقت نوم ووقت استيقاظ ثابتين، حتى في عطلة نهاية الأسبوع. قد يكون من المغري للمراهقين أن يعوضوا عن قلة النوم في أيام الأسبوع العادية بالنوم لمدة أطول في عطلات نهاية الأسبوع، ولكن ذلك يمكن أن يسبب المزيد من إرباك للساعة المراهق البيولوجية.
قالت كول، إذا كانت ساعة الاستيقاظ المطلوبة في عطلة نهاية الأسبوع هي نفسها في أيام الدراسة، فإن ذلك يعد أمراً صعباً جدًّا بالنسبة للمراهق، على الوالدين أن يفكرا في حل وسط حيث يتمكن المراهق من الحصول على ساعة إضافية أو نحو ذلك من النوم خلال عطلة نهاية الأسبوع.
قالت غروفر: حاول إعطاء أولوية للاسترخاء بعد المدرسة والنشاطات اللامنهجية. وإذا لم يعد المراهق (أو المراهقة) إلى المنزل حتى الساعة 8 مساء ولم يتناول طعام العشاء بعد ولم يقم بعمل الواجبات المدرسية حتى ذلك الوقت، فهذه مقدمة لنوم غير كافٍ. توصي غروفر بالسماح للمراهقين بساعة على الأقل للراحة من ضغوط الواجبات المنزلية أو الأنشطة اللامنهجية قبل النوم.
جانب من وضع روتين مهدئ قبل النوم ينطوي على خفض إضاءة غرفة النوم. "يتحكم الضوء في الساعة البيولوجية البشرية". كما قالت كول. وتقترح أن تبدأ بحوالي ساعة أو ساعتين من النوم باستخدام مصابيح الطاولة (باجورة) بدلاً من مصابيح السقف الساطعة، وإطفاء أجهزة التلفاز والهواتف الذكية. وقالت إن هذه الخطوات يمكن أن تساعد أدمغة المراهقين على الشعور بالنعاس بسرعة أكثر. وبذلك أيضًا يُمنع المراهقون من البقاء معظم ساعات الليل مشغولين بتصفح وسائل التواصل الاجتماعي أو بألعاب الفيديو أو بمشاهدة التلفزيون.
توصي كول بعدم السماح بالأجهزة الإلكترونية داخل غرفة النوم بتاتًا، وباستخدام المنبه "التقليدي" بدلاً من المنبهات الإكترونية. "ربما لو خصص رب العائلة غرفة عامة لأفراد العائلة يُسمح لهم باستخدام أجهزتهم الكمبيوترية فيها". وقالت: "ولا يسمح لهم باستخدامها في غرف نومهم ولا يسمح لهم بالعمل على واجباتهم المدرسية وهم على أسرة نومهم، فالسرير مخصص للنوم ليس إلَّا".
تقترح كول أيضًا إبقاء غرفة النوم معتمة وباردة، عند حوالي 68 درجة فهرنهايت (حوالي 20 درجة مئوية)، واستخدام أقنعة للعينين، وستارة لنافذة الغرفة للحفاظ على إعتام كافٍ في الغرفة، واستخدام أجهزة الضوضاء البيضاء [جهاز يصدر صوتًا مهدئًا يحاكي صوت الرحم ويساعد الطفل على النوم] إذا كان الضوء والضوضاء يربكان نوم المراهق.
وقالت كول إن المراهقين المتعبين قد يكونون أكثر احتمالًا لتناول القهوة ومشروبات الطاقة الغنية بالكافيين. والكافيين يزيد من تأخير رغبة المراهق في النوم، مما يجعله يشعر بالنعاس والرغبة في النوم أكثر في اليوم التالي. ولذلك توصي بتجنب تعاطي المشروبات التي تحوي الكافيين بعد الساعة الثانية بعد ظهر كل يوم.
قالت كول إن أحد المفاتيح لجعل هذه التغييرات دائمة هو التأكد من أن يكون ولي الأمر قدوة حسنة يحتذى بها في ممارسة عادات النوم الصحية. "يبدأ الأمر في أن يكون ولي الأمر قدوة بالفعل لا بالقول - فتأثيره في أطفاله أكبر بكثير مما يظن".
متى تحتاج إلى زيارة طبيب النوم
بالرغم من أنه من الشائع أن يواجه المراهقون هذه الأيام صعوبة في الحصول على قسط كافٍ من النوم، فإن بعض مشكلات النوم قد تكون علامات على مشكلة طبية أكثر خطورة، مثل الأرق (9) أو انقطاع النفس أثناء النوم (10). إذا لم تنفع هذه النصائح المذكورة أعلاه المراهق (أو المراهقة)، وما زال يعاني في المدرسة أو يتعامل مع تغيرات مزاجية ناجمة عن الحرمان من النوم، توصي غروفر وكول بزيارة أخصائي نوم لمعرفة ما إذا كان هناك سبب آخر للمشكلة.
انقطاع النفس أثناء النوم هو حالة طبية تسبب مشكلات في التنفس والأرق أثناء النوم. قالت كول، إذا كان المراهق (أو المراهقة) يشخر كثيرًا، فقد يكون ذلك علامة على انقطاع النفس أثناء النوم. يُعالج انقطاع النفس أثناء النوم باستخدام جهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (11) أو، إذا لزم الأمر، إزالة اللوزتين. اضطرابات النوم النادرة، مثل الخدار (النوم القهري) (12) أو الكوابيس المتكررة والمزعجة، يمكن أن تؤدي أيضًا إلى رداءة حالة النوم.
توصي غروفر أولياء الأمور بالانتباه إلى سلوك المراهقين (والمراهقات) في الليل. إذا كانوا يستيقظون في منتصف الليل أو ينهضون من السرير أثناء الليل، فاسألوهم عن السبب.
سيتمكن أخصائي النوم من تشخيص أي اضطرابات نوم يعاني منها المراهق وتقديم نصائح وإرشادات تتعلق بالنوم الصحي. وقالت غروفر إن تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على الميلاتونين يمكن أن يساعد المراهقين الذين يعانون من الأرق، لكن مكملات الميلاتونين غير خاضعة لإشراف إدارة الغذاء والدواء. توصي كول بالبحث عن المنتجات التجارية التي تحمل ملصق من دستور الأدوية الأمريكية (13)، والتي تفيد بأن منظمة مستقلة كهذه قامت بمراجعة عملية تصنيع وإنتاج هذه المكملات.
وقالت غروفر إنه نادرًا ما يستخدم المراهقون أكثر من خمسة ملليغرامات من الميلاتونين. وقالت كول إن معظم المراهقين والراشدين لا يحتاجون أكثر من 2 ملليغرام، وتوصي أولياء الأمور بإعطاء الميلاتونين للمراهقين فقط إذا أوصى به أخصائي النوم.
لا ينبغي أخذ الميلاتونين بعين الاعتبار حتى يجرب المراهق طرقًا أخرى لتحسين نومه. وقالت كول: "خلاصة القول هي أن النوم يجب أن يكون أولوية، وذلك من خلال تغيير السلوك وتكوين عادات جيدة".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/حرمان_من_النوم
2- https://www.mayoclinic.org/ar/healthy-lifestyle/adult-health/in-depth/mental-health/art-20044098
3- http://https://www.rcpsych.ac.uk/mental-health/translations/arabic/المرض-الجسدي-والصحة-النفسية
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/اضطراب_نقص_الانتباه_مع_فرط_النشاط
5- https://podcasts.apple.com/sa/podcast/hidden-brain/id1028908750?i=1000641755926
6- https://podcasts.apple.com/sa/podcast/hidden-brain/id1028908750?i=1000641755926
7- http://https://podcasts.apple.com/sa/podcast/hidden-brain/id1028908750?i=1000641755926
8- http://https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/sleep-hygiene#
9- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/أرق
10- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/انقطاع_النفس
11- https://ar.wikipedia.org/wiki/ضغط_مجرى_الهواء_الإيجابي_المستمر
12- https://sleep-clinic.ae/ar/sleep-disorders/narcolepsy/
13- https://ar.wikipedia.org/wiki/دستور_الأدوية_الأمريكي
المصدر الرئيس
https://now.tufts.edu/2024/01/24/got-sleepy-teenager-heres-what-you-should-know
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد هادي معرفة
عدنان الحاجي
السيد جعفر مرتضى
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
حيدر حب الله
الشيخ علي المشكيني
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان