
الشبخ محمد صنقور ..
السؤال:
ما معنى قوله تعالى ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾(1) وكيف نوفِّق بين مفاد هذه الآية المباركة وبين آيات القتال؟
الجواب:
الدين ليس مورداً للإكراه:
المراد من الدين هو الإيمان والاعتقاد بمجموعة من المعارف كالتوحيد والنبوة والقيامة، والاعتقاد من الأمور القلبية التي لا يُتاح لأحدٍ مهما بلغت قوته إكراه الآخرين عليها.
فما يكون مورداً للإكراه والإجبار إنما هي الأفعال الظاهرية، حيث أنَّ لذي السطوة والقوة أن يقسر الضعفاء على القيام ببعض الأفعال رغم عدم رغبتهم وإرادتهم لممارستها، وأما أن يقسرهم على الإيمان برؤاه ومعتقداته مثلاً فذلك ما لا يستطيعه حتى وإنْ مارس معهم أقسى مراتب القهر. ذلك لأنَّ الاعتقادات القلبية لها مبررِّاتها وأسبابها المرتبطة بالإدراك لبعض المقدمات بقطع النظر عن صحتها وخطئها، فما لم تترتب هذه المقدمات ويتم إدراكها وتفهُّمها فإنَّ النفس لن تُذعن لتلك الاعتقادات.
وبذلك يتضح مفاد الآية المباركة وإنها بصدد بيان حقيقة تكوينية هي أنَّه لا يمكن أن يتم الإكراه والقسر على الإيمان والاعتقاد بالمعارف الإلهية.
فالآية المباركة -كما أفاد بعض العلماء- إما أن تكون حاكية عن هذه الحقيقة التكوينية، وإما أن تكون إنشائية، فإن كانت بصدد الحكاية فهي تعبِّر بالنتيجة عن حكم إلهي تكويني مفاده استحالة وقوع الإكراه على الاعتقاد والإيمان بالدين والمعارف الإلهية، وان كانت بصدد الإنشاء والأمر فمفادها هو النهي عن حمل الناس على الإيمان بواسطة الإكراه والقسر ثم أفادت الآية أنَّ الدين في غنًى عن الإكراه ذلك لأنَّه قد تبيَّن بطريق الفطرة والعقل الرشدُ من الغي، فالإكراه والقسر على الاعتقاد بالدين مضافًا إلى امتناعه واستحالة وقوعه فإنَّ الداعي إلى ممارسته ولو بحمل الناس ظاهرًا على الالتزام به منتفٍ، إذ يكفي التنبيه على ما تقتضيه الفطرة ويُدركه العقل وحينئذ يتميَّز الرشد من الغي، وذلك هو ما اعتمده الإسلام في الدعوة إلى الله تعالى ويؤكد ذلك أنَّ الذين دخلوا الإسلام التزموا أحكامه وفرائضه في خلواتهم وتكبَّدوا أشق العذاب في سبيل الثبات عليه ثم بذلوا دماءهم ونفائس ما يملكون في سبيل حمايته وحياطته، وقد كانوا يلقِّنون أبناءهم الصبر عليه بعد تعريفهم بمبادئه وقيمه وترويضهم على الالتزام بتعاليمه، إن كلَّ ذلك لم يكن ليصدر عنهم لو لا شعورهم بانسجامه مع فطرتهم وعقولهم.
عدم منافاتها لآيات الجهاد:
وأما آيات الجهاد والقتال فكانت تدعو لمواجهة أئمة الكفر والضلال ممن كانوا يسعون للحيلولة دون وصول كلمة التوحيد إلى مسامع وقلوب المستضعفين من الناس، فالـمُستهدَف من الجهاد هم الطغاة والجبابرة وجنودهم، لذلك لم يسجِّل لنا التأريخ موقفاً يعبِّر عن أنَّ المسلمين أجبروا الناس بعد هزيمة ملوكهم على الدخول في الإسلام بل إنَّ الكثير منهم دخل الإسلام طواعية وبقي آخرون على دينهم محتفظين بحقهم التام في ممارسة طقوسهم الدينية، وقد التزمت الدولة الإسلامية بحمايتهم وحماية أموالهم وأعراضهم باعتبارهم بعض رعايا الدولة الإسلامية، وأما أخذ الجزية منهم فهو كأخذ الزكاة والخمس من المسلمين، فالجزية -كما هي الزكاة- تتقاضاها الدولة لتستعين بها على تدبير شؤون البلاد والعباد، وذلك ليس من خصوصيات الدولة الإسلامية، إذ ما من دولة إلا وهي تفرض ضرائبَ على رعاياها وإن اختلفت مسمياتها.
على أنَّ أكثر الحروب التي خاضها المسلمون في صدر الإسلام كانت دفاعية، وأما الحروب الهجومية فكانت استباقية نظراً لإدراكهم حجم العداوة التي كان يُضمرها مناوِؤهم وأنهم لن يدخروا جهداً من أجل الكيد على الإسلام وتقويض ما تمَّ انجازه وتشييده، فلم يكن من المناسب انتظارهم حتى يُحكِموا كيدهم ومخططاتهم إذ أنَّه ليس لهم حينئذٍ أن يندبوا حظهم بعد أن يُباغتهم أعداؤهم من ذوي القوة والسطوة.
ثم إنَّ القبول الواسع للإسلام لو كان منشؤه السيف والإكراه كما يروِّج لذلك البعض لكان مقتضياً لانحساره وضموره بمجرَّد دخول الوهن والضعف على الدولة الإسلامية في حين أنَّ الدولة الإسلامية قد تم إسقاطها وأصبح المهيمن على مقدرات ورقاب المسلمين أعداء الإسلام، ورغم ذلك بقي الإسلام مهوى أفئدة الملايين من الناس بل هو يزداد كل يوم تجذُّرًا وامتداداً.
ــــــــــ
1- سورة البقرة آية رقم 256.
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
الصدقات وعجائب تُروى
عبدالعزيز آل زايد
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
صفة الجنة في القرآن الكريم
الشيخ محمد جواد مغنية
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (1)
محمود حيدر
معـاني الحرّيّة (4)
الشيخ محمد مصباح يزدي
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
النسيان من منظور الفلسفة الدينية (2)
الشيخ شفيق جرادي
(مفارقة تربية الأطفال): حياة الزّوجين بحلوها ومرّها بعد إنجابهما طفلًا من منظور علم الأعصاب الوجداني
عدنان الحاجي
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ!
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
معنى (وفق) في القرآن الكريم
الصدقات وعجائب تُروى
حقوق الرعية على الوالي عند الإمام عليّ (ع)
صفة الجنة في القرآن الكريم
لماذا ينبغي استعادة أفلاطون؟ (1)
معـاني الحرّيّة (4)
عبير السّماعيل تدشّن روايتها الجديدة (هيرمينوطيقيّة أيّامي)
(الغفلة) أوّل موانع السّير والسّلوك إلى الله تعالى
معنى (منى) في القرآن الكريم
ثلاث خصال حمدية وثلاث قبيحة