السيد أبو القاسم الخوئي ..
تمهيد
لا شك أن النبي صلى الله عليه وآله لم يخترع لنفسه طريقة خاصة لإفهام مقاصده، وأنه كلم قومه بما ألفوه من طرائق التفهيم والتكلم وأنه أتى بالقرآن ليفهموا معانيه، وليتدبروا آياته فيأتمروا بأوامره، ويزدجروا بزواجره، وقد تكرر في الآيات الكريمة ما يدل على ذلك، ـ كقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾1.
ـ وقوله تعالى:﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾2.
ـ وقوله تعالى:﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾3. ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾4. ﴿عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾5.﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾6.
ـ وقوله تعالى:﴿هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾7.
ـ وقوله تعالى:﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾8.
ـ وقوله تعالى:﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾9.
ـ وقوله تعالى:﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾10.
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب العمل بما في القرآن ولزوم الأخذ بما يفهم من ظواهره.
أدلة حجية الظواهر
ومما يدل على حجية ظواهر الكتاب وفهم العرب لمعانيه
1- أن القرآن نزل حجة على الرسالة، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد تحدى البشر على أن يأتوا ولو بسورة من مثله، ومعنى هذا: أن العرب كانت تفهم معاني القرآن من ظواهره، ولو كان القرآن من قبيل الألغاز لم تصح مطالبتهم بمعارضته، ولم يثبت لهم إعجازه، لأنهم ليسوا ممن يستطيعون فهمه، وهذا ينافي الغرض من إنزال القرآن ودعوة البشر إلى الإيمان به.
2- الروايات المتظافرة الآمرة بالتمسك بالثقلين الذين تركهما النبي في المسلمين، فإن من البين أن معنى التمسك بالكتاب هو الأخذ به، والعمل بما يشتمل عليه، ولا معنى له سوى ذلك.
3- الروايات المتواترة التي أمرت بعرض الأخبار على الكتاب، وأن ما خالف الكتاب منها يضرب على الجدار، أو أنه باطل، أو أنه زخرف، أو أنه منهي عن قبوله، أو أن الأئمة لم تقله، وهذه الروايات صريحة في حجية ظواهر الكتاب، وأنه مما تفهمه عامة أهل اللسان العارفين بالفصيح من لغة العرب. ومن هذا القبيل الروايات التي أمرت بعرض الشروط على كتاب الله ورد ما خالفه منها.
4 - استدلالات الأئمة عليهم السلام على جملة من الأحكام الشرعية وغيرها بالآيات القرآنية:
ـ منها: قول الصادق عليه السلام حينما سأله زرارة من أين علمت أن المسح ببعض الرأس: "لمكان الباء".
ـ ومنها: قوله عليه السلام في نهي الدوانيقي عن قبول خبر النمام: إنه فاسق، وقد قال الله تعالى: ﴿إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾11.
ـ ومنها: قوله عليه السلام لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء اعتذاراً بأنه لم يكن شيئا أتاه برجله، أما سمعت قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾12.
ـ ومنها: قوله عليه السلام لابنه إسماعيل فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم: مستدلا بقول الله عز وجل: ﴿يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾13.
ـ ومنها: قوله عليه السلام في أن المطلقة ثلاثًا لا تحل بالعقد المنقطع: إن الله تعالى قال: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا﴾14. ولا طلاق في المتعة.
ـ ومنها: قوله عليه السلام فيمن عثر فوقع ظفره فجعل على إصبعه مرارة: إن هذا وشبهه يعرف من كتاب الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾15. ثم قال امسح عليه.
ـ ومنها: استدلاله عليه السلام على حلية بعض النساء بقوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ﴾16.
ـ ومنها: استدلاله عليه السلام على حلية بعض الحيوانات بقوله تعالى: ﴿قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾17.
وغير ذلك من استدلالاتهم عليهم السلام بالقرآن في موارد كثيرة، وهي متفرقة في أبواب الفقه وغيرها.
1- محمد:24.
2- الزمر:27.
3- الشعراء:192.
4- الشعراء:193.
5- الشعراء:194.
6- الشعراء:195.
7- آل عمران:138.
8- الدخان:58.
9- القمر:17.
10- النساء:82.
11- الحجرات:6.
12- الإسراء:36.
13- التوبة:61.
14- البقرة:230.
15- الحج:78.
16- النساء:24.
17- الأنعام:145.
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
الشيخ عبدالهادي الفضلي
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان