قرآنيات

الزيتون في القرآن الكريم

يقول سبحانه:
﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ﴾ - سورة النور، الآية: 35.


شجرة الزيتون شجرة مـباركة تنتمي إلى عائلة الزيتيات معروفة منذ القـدم لشهرة زيتونها وزيتها، جاء ذكرها باللفظ في خمس آيات قرآنية كريمة، منها اثنتان في سورة الأنعام حيث يقول عزَّ وجل: ﴿وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهَ﴾ (1) وقال سبحانه في نفس السورة: ﴿وَهُو الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾ (2)، وآية في سورة النحل قال تعالى فيها : ﴿يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ﴾ (3)، وقوله تعالى في سورة عبس: ﴿وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا﴾ (4)، وقوله تعالى في سورة التين: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾ (5)، وجاء في هذه الآية قسم بالتين والزيتون والله سبحانه وتعالى لا يقسم إلا بعظيم خلقه وقد أقسم سبحانه وتعالى بالزيتون وبالطور في آيةٍ أخرى؛ والزيتون كانت نشأتها في جبل الطور كما جاء قوله تعالى في سورة (المؤمنون): ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ (6)، وهي الآية السادسة التي يذكر فيه الزيتون لكن هذه المرة ليس باللفظ وإنما بالتعريف العلمي. والحديث في هذه الآية لا يخص التغذية وإنما يخص العلاج. 

وقد وصفت بالمباركة بحيث يتسع معنى هذا الوصف ليشمل المزايا الزراعية والبيئية والغذائية والطبية لشجرة الزيتون وتكاد تكون الشجرة المثمرة الوحيدة التي لا تفسد التربة ولا تحتاج إلى ماءٍ بكثرة ولا تفسد المزروعات إذ يمكن زراعة ما تحت وما بين أشجار الزيتون بالحبوب، وتنبت في التربة الوعرة إما صخرية كالجبال أو كلسية أو تربة فقيرة بها حصى ورمل. وتعيش شجرة الزيتون أزيد من ألف وأربعمائة سنة بدون نقصان في الإنتاج خصوصاً إذا كانت الأغراس طبيعية والعناية بها جيدة. وشجرة الزيتون لا تلقي بأوراقها في فصل الخريف، ولا تؤثر فيها العوامل البيئية القاسية مثلما هو الشأن بالنسبة للأشجار الأخرى، واعلم أنَّ شجرة الزيتون لو ماتت وانقرضت ولم يبقَ منها إلّا عرقٌ صغير فغُرس في الأرض لتمكّنت من الإنبات مجدداً والنمو كما كانت شجرة كاملة. 

منشأ أو أصل هذه الشجرة التي تخرج من طور سيناء، وهو الجبل الذي كلَّم الله تعالى عليه النبي موسى (ع). وهذه النقطة الدقيقة في بيان أصل شجرة الزيتون ثابت في العلوم الأحيائية، وهو أن أصل الأنواع والأصناف في عالم النبات ينحدر من المنطقة الممتدة من فلسطين إلى شمال إيران. وأغلب الأنواع وجد في المنطقة الممتدة حالياً بين فلسطين والأردن ولبنان وسوريا. وهي المنطقة التي أخذ منها المسلمون الأغراس إلى المغرب العربي والأندلس. 
وهناك طوران لشجرة الزيتون:
الأول: خروج الشجرة. 
والثاني: الإنبات. وقد تستغرق المرحلة الأولى من أربع إلى ست سنوات قبل أن تنتج الشجرة زيتوناً بمردودية مقبولة.

تحتوي شجرة الزيتون في أوراقها على مكوّنات صحية وطبية ومواد نافعة جداً، وقد تشفي من عدة أمراض، ولا يمكن أن نذكر كلّ الحالات التي تمّت معالجتها بمستخلص أوراق الزيتون، ومنها خفض الضغط الدموي، وخفض الكوليسترول في الدم، وكبح السرطان. ولهذه المواد قوَّة عالية في كبح الباكتيريا المقاومة للمضادات، وكبح الفايروسات والخمائر والفطريات، ولها كذلك قوَّة في تفادي كلّ الأعراض المتعلقة بأمراض القلب والشرايين. 
وحسب بعض الباحثين فقد أظهرت أوراق الزيتون نتيجةً عالية في شفاء داء المفاصل والروماتيزمات وإصابة الشعر والأظافر والجلد وتسوّس الأسنان.

يقول المؤلف(أندرياويل): أنه يجب استبدال كلّ أنواع الدهون التي يتناولها الإنسان، وخاصةً بعد سن الأربعين بزيت الزيتون، وأشار إلى أهمية زيت الزيتون بقوله: 
«يذيب زيت الزيتون الدهون ويساعد في تقوية الكبد، ويساعد في علاج الكبد الدهني، ويزيد من نشاط الكبد من ناحيةٍ أخرى فقد ذكر الكتاب أنَّ الدواء المعروف في الأسواق باسم (Essential Fort) يحتوي على نسبة عاليةٍ من زيت الزيتون، وهو الذي يوصف أساساً لمرضى الكبد، كما أنَّه يُحَسِّن من وظائف الكبد، وخاصة أنَّه مضاد للسموم، ومن هنا فهو يزيد من قدرة الكبد على إزالة السُّمِّية»(7).

كما وأنَّ زيت الزيتون يقي من السرطان، ومرض السكر، وأمراض القلب، وقرحة المعدة، وداء المفاصل وأظهرت الدراسات أن مستوى ضغط الدم، وسكر الدم، والكولسترول كان أقل عند الذين كانوا يكثرون من تناول زيت الزيتون(8)، وغير ذلك! وكلّ هذه المزايا الصحية موجودة في هذه الشجرة المباركة.

ما خلق الله سبحانه وتعالى الكون ومافيه من حيوان ونبات وجماد إلا لحكمةٍ يعلمها، ولغايةٍ يريدها، وقد خلق كلَّ شيءٍ بدقةٍ متناهية ووفق ما تدعو الحكمة، وما يقتضي النظام، وما يحقِّق الابداع، دون زيادة أو نقصان، بل اتزان شامل، واتقان كامل وحساب دقيق كما يقول سبحانه في سورة القمر: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾(9)، ولم يأت القرآن مخالفاً للسنن الكونية، بل كلّ السنن الشرعية توافق قوانين السنن الكونية. 
﴿فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ والحمد لله ربّ العالمين.
________________________________________
(1) - سورة الأنعام، الآية: 99. 
(2) - سورة الأنعام، الآية: 141. 
(3) - سورة النحل، الآية: 11. 
(4) - سورة عبس، الآية: 29. 
(5) - سورة التين، الآية: 1. 
(6) - سورة المؤمنون، الآية: 20. 
(7) - الكتاب الأمريكي الصادر في 1997 بعنوان «ثمانية أسابيع للوصول إلى الصحة المناسبة» للمؤلف أندرياويل. 
(8) - دراسة نشرت عام 1990 في مجلة جاما الأمريكية، (هذا لا يغني عن مراجعة الطبيب). 
(9) - سورة القمر، الآية: 49.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد