لا بد من الالتفات الى أن القرآن الکريم نزل على صدر النبي محمد (ص) على مدى ثلاث وعشرين سنة طبقاً للحوادث والظروف الزمنية المختلفة. ثم إن القرآن المجيد ليس کتاباً قانونياً أو کلاسيکياً ليذکر المسائل والقوانين المختلفة بصورة ممنهجة ومبوبة؛ وإنما هو کتاب تبليغ وإرشاد وهداية ويهدف إلى بيان حقائق الحياة الإنسانية والتعاليم اللازمة لبلوغ الکمال الإنساني المنشود، ويرمي إلى خلق مجتمع قد بلغ مرحلة الکمال المادي والمعنوي؛ ولأجل تحقيق هذا الأهدف تحدث القرآن الکريم عن الموضوعات اللازمة کافة.
نزل القرآن الكريم کما أوضحنا تدريجياً في غضون ثلاثة وعشرين عاماً لتلبية احتياجات الناس، وإيضاح رأي المولى بشأن الوقائع المختلفة. أما التکرار في القرآن فهو على نحوين:
الأول: تکرار جزء من التاريخ وبرهة منه.
الثاني: تکرار بعض الآيات المبينة لواقعة خاصة.
أما بشأن القصص التاريخية فلا بد من الالتفات إلى أن هدف القرآن من تکرار قصص الماضين، هو لفت أنظار الناس إلى قوانين الحياة المسلمة التي کانت تسود حياتهم إذ ذاك.
إن القرآن الكريم يروم إلى تعريف الناس بتلك القوانين، ويبغي لفت أنظار النّاس إلى علل رقي المجتمعات السالفة وتقدمها أو انحطاطها على مر العصور وتعاقب الأزمان، وإعلامهم بخطورة مخالفتهم دعوات الأنبياء وتداعيات الظلم والجور المتفشي في أوساطهم، وتسليط الضوء على العوامل التي أدت الى أفول حضاراتهم وانقراضها، وبالتالي معرفة نقاط الضعف والقوة لديهم.
إن القرآن الكريم کشف للناس في تلك القصص عن تلك الحقائق والقوانين، وأوضح مصير الجبابرة والطغاة. وهذه الحقيقة دفعت القرآن الكريم إلى بحث سيرة المجتمعات الماضية ودراسة أبعادها وجوانبها كافة؛ وعلى هذا الأساس فإن تحدث القرآن الکريم عن قصة بني إسرائيل مثلا،ً أو خلق آدم في بضعة مواضع منه، فإنه في کل موضع يشير إلى جانب منها ويسلط الضوء على أحد أبعادها، وهو يروم من ذلك لفت أنظار الناس إلى ذلك البعد بخصوصه الذي لم يسبق له أن لفت أنظارهم إليه. وهذه الحقيقة تتأتى بالتمعن في قصص القرآن المختلفة.
أما التکرار الحاصل في جملة من الآيات الأخرى کقوله تعالى: (فَبِأي آلاَءِ رَبَّکُمَا تُکَذِّبَانِ) في سورة الرحمن، فهو إنما جيء به لاستنتاج تأثير نفسي خاص من قرّاء القرآن أو مستمعيه. فعندما يريد الله جل وعلا التحدث مع أفراد مجتمع ما لإيقاظ أفکارهم وأرواحهم، يعول أحياناً على مواضيع ذات طابع عاطفي ونفسي خاص فيقوم بتکراراها؛ فعلى سبيل المثال في سورة الرحمن کان تعالى في صدد عدّ النعم الإلهية المهمّة التي تضطلع بدور أساس في تشکيل المجتمع وبلورة الحضارة الإنسانية وما تلاها؛ کما تم في هذه السورة کشف النقاب عن النعم المهيئة للإنسان في الدار الآخرة، فلما أراد الله تعالى عدّ تلك النعم کرر قوله: (فَبِأيّ آلاَءِ رَبَّکُمَا تُکَذِّبَانِ) لغرض إثارة عواطف الناس بغية إيقاظ حس معرفة الحق لديهم، وإرغامهم على الخضوع إلى هذه الحقيقة وإثارة عواطفهم الکامنة.
بناء على ذلك فهذا النوع من التکرار لازم للإرشاد والهداية، ولا يخلّ بفصاحة القرآن الكريم وبلاغته، بل يعد من إيجابيات الکلام أيضاً؛ لأنه يوجب التأثير والتأکيد المضاعف.
وهناك ما يؤيد ذلك من الأدب العربي، فکثيراً ما يکرر البيت أو المصراع أو الجملة في القصائد الشعرية وغيرها من أجل هذا الغرض، ومن جملة ذلك يمکن الإشارة إلى قصيدة لعدي بن ربيعة خال الشاعر امرؤ القيس المعروف التي نظمها رثاء لأخيه کُليب، حيث کرر فيها جملة: "عَلى أنْ لَيْسَ عِدْلاً مِنْ کَليب" عشرين مرة، إلى غير ذلك من النماذج الکثيرة الموجودة في مختلف النصوص الأدبية.
الشيخ محمد صنقور
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد هادي معرفة
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
التمثيل بالمحقَّرات في القرآن
الشّيخ صالح آل إبراهيم: ميثاقنا الزّوجي
اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا
المادة على ضوء الفيزياء
المعرض الفنّيّ التّشكيليّ (أبيض وأسود) بنسخته الثّالثة
القرآن وجاذبيّته العامة
القرآن الكريم وأمراض الوراثة
اعتبار الإسلام لرابطة الفرد والمجتمع
لا يدرك الخير إلّا بالجدّ
الوصول إلى حالة الانغماس وقياس مستواها